عائشة الجيار | 10 سنوات من العمل الخيري في اليمن، رفعت فيها راية الكويت بلد الخير عالياً، ونالت ثقة واحترام المنظات الدولية العاملة في مجال الإغاثة، وأيضًا ثقة مشايخ القبائل في اليمن على اختلاف توجهاتهم. إنها وريثة د. عبدالرحمن السميط في أعمال الإغاثة، وهي أول امرأة تتسلم إدارة مكتب لمنظمة العون المباشر في اليمن.. معالي العسعوسي. بعد ما يقارب 400 يوم متواصل من الغياب تعود سفيرة الكويت في العمل الخيري والتطوعي معالي العسعوسى لتروي لـ من أرض الميدان عن الواقع الإنساني، فما يحدث على الأرض أفظع وأبشع – كما وصفته – مما تنقله وسائل الإعلام. قالت العسعوسي: «لقد عشت 10 سنوات في اليمن، ومررت بمراحل مختلفة من الحرب الأهلية والانقلاب، ولكن أسوأ المراحل التي مررت بها مع دخولي في سبتمبر 2015 وإلى الآن»، مضيفة: «هي مرحلة كارثية، حيث اختلف الاحتياج بشكل كبير وأيضا نزح عدد كبير من الناس، وهناك شح في المياه، وشح في المشتقات النفطية وتدهور اليمن من بلد فقير إلى وضع أسوأ واحتضار وموت». فتات الخبز وتتابع واصفة الوضع ومتأثرة بدموعها: «ما تتخيلون كم الألم والمعاناة التي تحدث الآن في اليمن، عندما يطرقون باب المنظمة علينا طالبين فتات الخبز لإطعام أطفالهم، هذه الفتات كانت تذهب للطيور والمواشي، الآن يبحثون عنها، ولم يعد غريباً أن تجدي من يبحث في القمامة بحثاً عن شيء يسد به رمق أطفاله، ويفعل ذلك في وقت المغرب حتى لا يراه أحد». الأحوال في اليمن تدهورت بشكل كبير وزاد الفقراء فقراً هذا ما تؤكده، بقولها :»من أكثر الأحداث المؤلمة التي لم نكن نتخيلها هو أن يقتل أب أطفاله بسبب الجوع، هذا أمر لم نسمع به من قبل، لكن الظروف باتت أسوأ منذ 6 أشهر لم ينل الموظفون رواتبهم، لا سبيل للاقتراض حتى بين الأشخاص، كل الطرق أُغلقت أمامهم، فماذا يفعل الأب بأسرته، يفتح عليهم الغاز وهم نيام، أو يطلق عليهم النار، قد يتهمه البعض بقلة الإيمان لكن أقول لهم مع شدة البؤس ورؤيته لمعاناة أطفاله بين جائع ومريض وهو عاجز فبالتالي يذهب عقله». فرسان الخير وتروي: «في مناطق الصراعات يكون الخطر رفيقاً لفرسان الخير ويقتربون في نفس الخطوة من الموت أو النجاة»، مضيفة: «شعرت بالخطر في كل يوم، بل أحس أن كل يوم هو آخر يوم لي، من الصعب أن أشرح ما يدفعني لذلك، لكنها رسالة أؤمن بها، وهي توصيل دعم للمحتاجين في اليمن من تبرعات الناس من جميع الدول سواء الكويت أو الخليج أو غيرها، وأقول لمن يتبرعون لجمعية العون المباشر إننا نوصل رسالتهم بأمانة وأننا نضحى بحياتنا من أجل تلك الأمانة، ويحيطنا الخطر ونشعر به كل يوم». رسالة نبيلة وعن الرسالة النبيلة التي تنقلها دوماً، ذكرت العسعوسي: «لا بد أن تكون عندنا رسالة ونسأل أنفسنا هل: ما أشتريه وأنفق المال عليه أحتاجه حقاً، وماذا لو أرتديت من أعلى رأسك إلى أخمص قدميك كله ماركات، أو تملك بيتا كبيرا وكل وسائل الراحة فيه وأنت بالداخل إنسان محطم لا قدمت شيئاً لشارعك أو لبلدك، أو للناس المحتاجين في الدول المجاورة، إذاً أنت لم تحقق شيئاً لذاتك في الحقيقة». ورأت أن الفقراء ليسوا بحاجة لنا بقدر حاجتنا نحن لهم ليرضى الله علينا، لقد من الله علينا بالصحة والمال والعلم والقوة، فعلينا أن نقول شكراً لله بتقديم يد العون لكل المحتاجين بغض النظر عن الدين والمعتقد وأي حسابات أو صراعات، فالإنسانية ليس لها لغة، لون أو جنسية أو دين». جزء بسيط ما يحدث في اليمن لا يدركه إلا من يعمل على أرض الواقع، وفي الميدان هذا ما تود العسعوسي أن يعلمه الجميع وتقول: «ما ينقل في وسائل الإعلام لا يمثل إلا جزءاً يسيراً مما يحدث على أرض الواقع، فما يحدث أفظع وأبشع مما ترونه في وسائل الإعلام، ولن يدرك ذلك إلا من يكون في أرض الصراع وفي الميدان يخاطر كل لحظة بحياته». إقناع الزوج الكثير تساءل كيف أقنعت العسعوسي زوجها بالانخراط معها في العمل الخيري في اليمن، بعدما كان متوقعاً أنه يقنعها بالعودة للكويت، وتفصح هي عن السبب قائلة: «لقد واجهت صعوبة كبيرة في أول الزواج بالفعل، وسبحان الله بعد أن وقعت الحرب الأهلية في اليمن، بدأ زوجي يندمج أكثر في العمل الخيري، وكان ينزل معي في كل حملة ومع كل إنجاز إنساني نحققه يحب العمل الخيري». وأضافت: كان يرى مكفوفين يعود لهم البصر، ويكون معهم وهم يرون للمرة الأولى، ويسمع الدعاء ويشعر بلذة العمل الإنساني، وأذكر هنا أن حديث العهد بالعمل الخيري في مناطق الصراعات يبدأ في الانهيار والبكاء وتأنيب الضمير ويقارن في ما كان يقضي حياته بعيداً عن مساعدة المحتاجين، والحمد لله زوجي أصبح خير داعم ومعين وأعطاني حماية كبيرة ويسراً في الحركة، خاصة أننا نتحرك في مناطق قبلية، وكون زوجي معي ويعمل معنا سهل لي كثيراً من الأمور وأصبح أكثر حماسة مني، وتلك نعمة أحمد الله عليها». السميط لا يوازيه أحد معالي العسعوسي تعد الآن بحق وريثـة د. عبد الرحمن السميط في أعمال الإغاثة فماذا تقول هي عن ذلك؟: د. عبدالرحمن السميط بالأمانة لا يوازيه أي أحد، فهو رجل بأمة ليس لدولة أو لقارة، بل لأجيال تسير على نهجه، لقد بدأت خطوتي الأولى في اليمن ، وأعتبرها لبنة لترك أثر في اليمن». وذكرت: كامرأة كويتية وخليجية ومسلمة وعربية فهذا شرف كبير ويعطيني حافزاً للاستمرار في العمل الميداني لتغيير واقع الشعوب العربية وغير العربية».
مشاركة :