عصام أبو القاسم (الشارقة) رؤى مختلفة وتجارب متنوعة في الإخراج المسرحي، تناولتها ندوة «المسرح والالتزام.. رؤية المخرج بين الثابت والمتحول»، التي أقيمت صباح أمس (السبت) على هامش أيام الشارقة المسرحية. فالندوة التي قدمها المسرحي السعودي د. سامي الجمعان، وشارك فيها كل من د. حيدر منعثر من العراق، والمخرج اللبناني عصام بو خالد، إلى جانب المخرج العراقي كاظم نصار، انطلقت من مركزية المخرج في فريق العمل المسرحي، بوصفه من يطرح رؤية العرض ويفرضها على المتلقي، لذلك عمل المشاركون في الندوة للإجابة على تساؤلات تتعلق بظروف الثبات والتحول في رؤيته، على مستويات مختلفة. صعوبة الإخراج المسرحي تكمن في المصطلح نفسه، بوصفه توريطاً لمن يقوم بهذا العمل، حسب د.حيدر منعثر، الذي أشار في ورقته إلى أن المخرج كان ولا يزال المسؤول الأول عن العمل، إلا أن هذا لا يعني أنه يمكننا أن نعتمد الإخراج كعلم صريح ذي نظريات ثابتة بدراسة علمية، ، يمكن أن يأتي شاب صغير برؤية إخراجية جديدة، يقلب علينا الطاولة ويحقق ما لم يحققه الأكاديميون، وهو ما يرى منعثر أنه يقودنا إلى اعتبار الإخراج المسرحي ثابتاً كحرفة ومتحولاً كموهبة تقارب العرض الافتراضي الذي يسعى إليه المخرجون. ويرى منعثر، أنه طوال القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ظل المخرج فاعلاً أساسياً في العمل المسرحي، لتظهر بعد ذلك سطوة السينوغرافيين على مهمته، عبر تحولهم إلى مخرجين، مشيراً إلى تقدم الدراماتورجية على الإخراج في أعقاب القراءة الدراماتورجية التي قدمها بريخت، مشيراً إلى أنه على المستوى العربي، ظلت الرؤية الإخراجية حبيسة النص، حيث لم يتجاوز الإخراج حدود تنفيذ النص، حتى ظهر تيار جديد يتحلى بالتمرد والاستنارة، ليستلهم تجارب عالمية ويمزجها بخبرات من التراث، في رؤية تتكئ على اكتشاف غير المكتشف في العرض المسرحي. ولا يغفل منعثر أثر السينما، بوصفها فن المخرج بامتياز، على الإخراج المسرحي، وصولاً إلى ظهور الأسلوبية في الإخراج، والتركيبية أو التصويرية، حيث حول الأسلوب التصويري المخرج إلى كاتب بصري، يعمد إلى تجسيد اللغة البصرية ويخفف من الاشتغال على التجربة اللغوية، وهو ما يقودنا إلى أن جميع المخرجين تصويريون تركيبيون، يختلفون عن بعضهم في الترتيب المشهدي والتقديرات الفنية، الأمر الذي يؤكد أن الإخراج لا يزال فناً قادراً على التحكم بمستقبل العملية المسرحية بقدرته على التحول. ويخلص منعثر إلى أن المرحلة التي يمر بها العالم الآن، تمثل مرحلة مخاض تهدد فن المسرح بالاندثار، عقب ظهور أشكال تعبيرية تتوسل روح المسرح وأشكاله الأساسية، ما ينبئ بأن شكلاً جديداً من المسرح سيولد في السنوات القليلة المقبلة. وعليه، فإن الثابت والمتحول في الإخراج المسرحي هو ثبات لا يبقى على ثبات، أي أن الثابت فيه متحول والمتحرك فيه متجدد. ... المزيد
مشاركة :