يُنهي الشاب الأردني فراس نبيل دوامه المدرسي، ويتجه سريعاً إلى درس موسيقي يمضي فيه ساعات طويلة، فالتعلم على آلة البيانو كان حلماً بالنسبة اليه، إذ يرى نفسه عازفاً مهماً في المستقبل إن استمر في تعلم أبجديات الموسيقى وغاص في قلب البيانو. فراس الذي يعيش في منطقة فقيرة في العاصمة الأردنية، لم يدر أن بمقدوره يوماً الذهاب إلى أحد المعاهد الموسيقية، أو تلامس أنامله الصغيرة مفاتيح آلة البيانو، أو يعزف مقطوعات لطالما كانت حبيسة مخيلته وأذنه الموسيقية. تحقق حلم فراس بعدما قرأ إعلاناً عن مبادرة تعنى بتعليم الموسيقى للأطفال، فكانت البداية مع «صالون أسكنديا الموسيقي». وتقدم المبادرة فرصة التعلم مجاناً على آلات البيانو والعود والقانون للأطفال الموهوبين غير القادرين على تحمل كلفة الالتحاق بمعاهد موسيقية. التحق فراس بمبادرة «صالون أسكنديا» وأثبت حبه للموسيقى وآلة البيانو، بعد أن حطت يداه على مفاتيحها وبدأ تعلم النغمات والمقامات الموسيقية في شكل يومي. وفتح «صالون أسكنديا» باباً واسعاً للأطفال الموهوبين ممن ليس باستطاعتهم تعلم الموسيقى سواء نظرياً أو عملياً، موفراً لهم موقعاً في عمّان يجتمعون فيه يومياً لتلقي الدروس على أيدي موسيقيين أردنيين ومتفرغين لمتابعة الأطفال فقط. وتقوم المبادرة على أساس البحث عن أطفال موهوبين موسيقياً في المناطق الفقيرة ومعرفة ميولهم الموسيقية، بعد أن يكونوا قد قدموا لهم عرض التعلم مجاناً على آلة العود أو البيانو أو القانون، علماً أن أكثر الأطفال يميلون إلى تعلم البيانو. يقول فراس (17 سنة) إنه كان يعشق مشاهدة عازفي البيانو على شاشة التلفزيون، ويشعر بسعادة حين يستمع إلى أنغام البيانو منذ أيام الطفولة المبكرة، موضحاً أنه الآن أصبح قادراً على عزف أكثر المقطوعات الموسيقية انتشاراً. وثمة أطفال عدة يرتادون «صالون أسكنديا» بعدما وجدوا فرصتهم في تعلم الموسيقي كما فراس، حيث يعزفون أنغاماً غربية شهيرة، إضافة إلى مقطوعات عربية. ويوضح يوسف ضبيط، وهو أحد رواد «صالون أسكنديا»، أنه يشعر براحة كبيرة عندما يدخل غرفة الموسيقى ويبدأ العزف على آلة البيانو، مشيراً إلى أن ألحان الأغاني القديمة لفيروز وأم كلثوم من أكثر المقطوعات التي يحرص على عزفها يومياً. وبعد مرور ثلاث سنوات على مبادرة «أسكنديا»، انتشرت تحت عنوان مبادرة «وطن» في مدارس حكومية عدة عبر استنساخ الفكرة شكلاً ومضموناً في ثلاث محافظات، حيث تخصص في أكثر من مدرسة ركناً تعليمياً تابعاً لمبادرة «أسكنديا» بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم. وتقول مؤسِسة مبادرة «صالون أسكنديا للموسيقى» ضحى عبد الخالق إن المبادرة تنقسم قسمين، الأول توفير معلم متفرغ لإعطاء دروس الموسيقى في مركز الحسين الثقافي، والثاني هو اختيار المدارس في المناطق التي فيها استعداد وقبول لتعلم الموسيقى ومنحها الفرصة.
مشاركة :