شككت وزارة الدفاع الروسية بقدرة التحالف الدولي ضد الإرهاب على طرد تنظيم داعش الإرهابي من مدينة الرقة «عاصمة» التنظيم المتطرف في سوريا، وحذرت من التفاؤل المفرط في هذا الصدد. ولمحت في الوقت ذاته إلى ضرورة التنسيق معها ومع قوات النظام السوري لنجاح تلك المعركة. إذ قال إيغور كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية في تعليق أمس على تصريحات لوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، رجح فيها الأخير بدء عملية تحرير الرقة خلال أيام، إن «تلك التصريحات نابعة عن مصادر إلهام وطنية خاصة ما، ولا تمت لواقع الوضع الميداني على الأرض بأي صلة». وأعرب المسؤول الروسي عن اقتناعه بأن «أي خبير عسكري يدرك أن تحرير الرقة لن يكون نزهة سهلة للتحالف الدولي». وزارة الدفاع الروسية تربط نجاح عملية استعادة السيطرة على مدينة الرقة بالتنسيق - وإذ لم يشر المتحدث الرسمي بوضوح إلى ضرورة التنسيق - مع القوات الروسية وقوات النظام السوري. لكن كوناشينكوف لمح إلى ذلك بطريقة غير مباشرة، حين شدد على أن «النجاح الفعلي، والمهلة التي يمكن خلالها إنجاز العملية، مسألتان تعتمدان بصورة مباشرة على فهم التحالف الدولي واستعداده لتنسيق عملياته مع كل القوى التي تتصدى للإرهاب الدولي في سوريا». وكانت روسيا قد زعمت مراراً أن قواتها وقوات النظام السوري وحلفائه، هي فقط التي تتصدى للإرهاب في سوريا. كذلك دعت ولا تزال تدعو «التحالف الدولي ضد الإرهاب» بزعامة الولايات المتحدة، إلى إطلاق عملية مشتركة ضد الإرهاب في سوريا والعراق. غير أن الولايات المتحدة كانت وما زالت ترفض ذلك التعاون، وتفضل اقتصار الأمر على «اتصالات بين العسكريين من الجانبين لتفادي الحوادث في الأجواء وعلى الأراضي السورية». وفي محاولة للتأكيد على صحة وجهة النظر الروسية بشأن معركة الرقة، ذهب المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية إلى مقارنة تصريحات وزير الدفاع الفرنسي بتصريحات قبل معركة الموصل، وقال إن «مثل تلك التصريحات الفرحة حول حصار الموصل، والنصر القريب للتحالف الدولي ضد الإرهاب في المدينة، انقلبت إلى خسائر كبيرة في صفوف القوات العراقية، وكارثة إنسانية تكبر»، بينما «لم يعد حتى الأشخاص الأكثر تفاؤلاً يصدقون بإمكانية التحرير الكامل لمدينة الموصل من داعش خلال العام الجاري»، حسب قوله. أما بالنسبة للشأن السياسي، فقالت مصادر من وزارة الخارجية الروسية لوكالة «ريا نوفوستي» إن غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي سيصل إلى جنيف يوم غد الاثنين 27 مارس (آذار) يرافقه سيرغي فيرشينين، مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الروسية. وينوي المسؤولان الروسيان المشاركة في النقاشات واللقاءات على هامش مفاوضات «جنيف - 5». وتجدر الإشارة إلى أن غاتيلوف كان قد أجرى سلسلة لقاءات على هامش «جنيف - 4»، بما في ذلك أجرى مشاورات مع وفد المعارضة السورية، في لقاء كان الأول بين الهيئة العليا للمفاوضات وممثلين عن الخارجية الروسية. ويشارك عن روسيا حالياً في مفاوضات جنيف التي انطلقت يوم 23 مارس (آذار) مندوبها في مقر الأمم المتحدة في جنيف أليكسي بورودافكين، الذي توعّد المعارضة السورية بـ«مصير لا تُحسد عليه»، وذلك في تعليق منه على العملية التي أطلقتها فصائل مسلحة في شرق العاصمة السورية. ورأى الدبلوماسي الروسي في تصريحات في اليوم الثاني من المفاوضات أن لقاءات الهيئة العليا مع الجانب الروسي تصب بالدرجة الأولى في خدمة المعارضين أنفسهم. وادعى أن تلك اللقاءات ستساعد المعارضين «لكي يدركوا بشكل صحيح الحقائق العسكرية السياسية المتعلقة بالتسوية السورية». وبعد إشادته، كما جرت العادة أن يفعل قبل كل جولة مفاوضات في جنيف أو أستانة، بموقف وفد النظام والقول إن «موقفه بناء»، حذر بورودافكين الهيئة العليا للمفاوضات من أنها «إذا واصلت الاسترشاد بنصائح أولئك الذين يدفعون نحو إفشال المفاوضات، فمن المستبعد تحقيق أي تقدم في سياق عملية جنيف». كذلك عاد بورودافكين ليؤكد مجدداً أن موسكو ستواصل إصرارها على مشاركة أكراد سوريا (الداعين لنظام فيدرالي) في المفاوضات، زاعماً أنهم أصبحوا اليوم «قوة سياسية مهمة ويتمتعون بقدرات عسكرية كبيرة في محاربة الإرهاب»، و«لهم كامل الحق بأن يلعبوا دوراً في ترسيم مستقبل بلادهم».
مشاركة :