في حين أعلن مسؤولون عراقيون، أمس، أن عشرات المدنيين قتلوا في الجانب الغربي لمدينة الموصل، إثر ضربات جوية نفذت خلال الأيام الماضية، في إطار عمليات استعادة المدينة من قبضة المتطرفين، أقر التحالف الدولي ضد «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة باستهداف طائراته مكانا قتل فيه مدنيون، وباشر تحقيقا في ملابسات الحادث. وقال التحالف في بيان أمس، إنه «بعد الاستعراض الأولي لبيانات الضربات (...) ضربت قوات التحالف مقاتلين تابعين لتنظيم داعش ومعداتهم بناء على طلب من القوات العراقية في 17 مارس (آذار) في غرب الموصل في الموقع الذي قيل إن ضحايا مدنيين سقطوا». وكان مسؤولون عراقيون أعلنوا في وقت سابق أمس، سقوط عشرات المدنيين في الجانب الغربي لمدينة الموصل، إثر ضربات جوية نفذت خلال الأيام الماضية في إطار عملية استعادة المدينة من المتطرفين. وأشار بيان التحالف إلى احتمال سقوط 220 قتيلا بشكل غير متعمد خلال ضربات جوية لقوات التحالف منذ بداية مارس، لكنه أكد أن باقي الحوادث لا تزال قيد التحقيق. إلى ذلك، قال بشار الكيكي، رئيس مجلس محافظة نينوى، إن «جهود إخراج الجثث من تحت الأنقاض مستمرة». ونقلت شبكة «رووداو» الإعلامية عن الكيكي قوله: «نحن بحاجة إلى مساعدة دولية»، مطالبا الحكومة العراقية والتحالف الدولي بالعمل على إبعاد المدنيين من مناطق القصف والاشتباكات التي تجري مع تنظيم داعش. بدوره، أكد محافظ نينوى، نوفل حمادي، في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن «أكثر من 130 مدنيا قتلوا جراء القصف الجوي الذي قامت به طائرات التحالف الدولي لمواقع (داعش) في حي الموصل الجديدة خلال الأيام القليلة الماضية». وقال إن «تنظيم داعش الإرهابي يسعى لإيقاف زحف القوات العراقية في الموصل بأي ثمن، فهو يجمع المدنيين في مواقعه، ويستخدمهم دروعا بشرية». وقدر مسؤولان آخران أعداد الضحايا بالمئات، لكن لم يكن ممكنا التأكد من الحصيلة من مصادر مستقلة. وشارك التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن بآلاف الضربات الجوية التي مكنت القوات العراقية من استعادة مساحات شاسعة كانت تحت سيطرة المتطرفين في غرب وشمال البلاد. وقال ضابط برتبه عميد في القوات العراقية - فضل عدم الكشف عن هويته - إن «أكثر من 27 مبنى سكنيا دمرت بينها ثلاثة مبان بشكل تام عقب تعرض المباني بالحي لقصف جوي عقب قيام عناصر (داعش) باستهداف طائرات مقاتلة، وتنفيذ عمليات قنص مميتة للقطعات العراقية التي تقاتل في الأزقة». وأكد أن تنظيم داعش «يجمع الأهالي في دور سكنية، ويستغل المواقع السكنية المرتفعة لتنفيذ عمليات القصف». بدوره، طالب عضو مجلس محافظة نينوى، عبد الرحمن الوكاع، القوات العراقية بتغيير التكتيك المعتمد حاليا، «ليتناسب مع خطط (داعش)». وأوضح أن التنظيم «يستخدم المدنيين دروعا ويجمعهم في البيوت حتى يتم قصفها». إلى ذلك، قال متحدث باسم قوات الأمن، إن قوات الأمن أوقفت هجومها أمس. ونقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث، أن «العدد المرتفع في الآونة الأخيرة من القتلى بين المدنيين داخل الحي القديم أجبرنا على وقف العمليات لمراجعة خططنا... حان الوقت لبحث خطط هجوم وأساليب جديدة. لن نواصل العمليات القتالية». وتابع: «نحتاج إلى التأكد من أن طرد (داعش) من الحي القديم لن يؤدي إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى المدنيين. نحن بحاجة إلى عمليات شديدة الدقة لاستهداف الإرهابيين دون التسبب في أضرار جانبية بين السكان». وذكر بيان للجيش أن قوات برية مدربة جيدا على القتال في المدن ستنفذ العمليات المقبلة. وجاء في البيان أن القوات العراقية ملتزمة بقواعد الاشتباك وضمان حماية المدنيين. من جهته، قال البريجادير جنرال جون ريتشاردسون، نائب القائد العام للتحالف، إن الحل قد يكمن في تغيير الأساليب. وأضاف أن الجيش العراقي يدرس فتح جبهة أخرى وعزل الحي القديم الذي يبدي المتشددون فيه مقاومة شرسة. وأعلن عن وقف المعارك في الوقت الذي عبرت فيه الأمم المتحدة عن قلقها البالغ أمس حيال مقتل المدنيين. وقالت ليز جراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق، في بيان: «صدمنا لهذه الخسارة الفادحة في الأرواح». وأضافت أن المدنيين يتعرضون لأخطار جسيمة مع احتدام القتال في الموصل، وأن على كل الأطراف أن تبذل كل ما في وسعها لتجنب سقوط ضحايا منهم. وقالت إن «القانون الإنساني الدولي واضح. أطراف الصراع، كل الأطراف، ملزمة بفعل كل ما هو ممكن لحماية المدنيين. هذا يعني أن المتحاربين لا يمكنهم استخدام الناس دروعا بشرية أو تعريض حياتهم للخطر من خلال الاستخدام العشوائي لقوة السلاح». بدوره، نشر المرصد العراقي لحقوق الإنسان، أمس، آخر إحصائية للضحايا المدنيين في الجانب الأيمن من الموصل منذ بدء عمليات تحريرها في 19 فبراير (شباط) الماضي، وكشفت مقتل نحو 3864 مدنياً أُبلغ عنهم عن طريق الناجين والهاربين من تلك المناطق، فيما بلغ عدد المنازل المدمرة خلال هذه المدة في أيمن الموصل، وبحسب إحصائية المرصد نحو 10 آلاف منزل من أصل 487 ألف وحدة سكنية يتألف منها هذا الجانب من المدينة. وأوضح المواطن كمال أحمد، من سكان الموصل الجديدة، لـ«الشرق الأوسط» أن «داعش» يمنع المدنيين من الخروج من المناطق الخاضعة لسيطرته، «وقد أبلغنا مسلحوه قبل أن يفروا من حيّنا، أننا إذا نزحنا فإنه سيتعامل معنا كمرتدين وخونة ويقتلنا، لذا لم تتمكن غالبية العوائل من الهروب». إلى ذلك، أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية ارتفاع أعداد النازحين من الجانب الأيمن إلى أكثر من 201 ألف نازح. وقالت في بيان إن فرق الوزارة الميدانية «آوت 86235 شخصاً في مخيمات الجدعة والحاج علي ومدرج المطار في ناحية القيارة ونُقل 39314 شخصاً منهم إلى مخيمات الخازر وحسن شام وجمكور شرق الموصل و3255 شخصاً إلى مخيمات النركزلية التابعة لمحافظة دهوك، وآوت 72471 شخصاً داخل المناطق المحررة في الجانب الأيسر».
مشاركة :