عوضا عن الاشتباك العسكري المباشر. وأشاروا في حوارات منفصلة مع وكالة الأناضول، إلى أن اغتيال القيادي القسامي، بهذه الطريقة الغامضة، وليس القصف المباشر، يدل على أن إسرائيل لا تريد أن تنجر إلى مواجهة عسكرية وحرب مع غزة. وتوقعوا أن تسعى حماس للرد على اغتياله بطريقة غير مباشرة. وكانت وزارة الداخلية في القطاع، قد أعلنت مساء الجمعة الماضي، مقتل "فقهاء"، برصاص مجهولين في حي "تل الهوا" غرب مدينة غزة. وتوّعدت كتائب القسام، في بيان لها، إسرائيل بـ"دفع ثمن جريمة الاغتيال". ويرى العضو في الكنيست الإسرائيلي، جمال زحالقة، أن من الصعب التكهن بما ستقدم إسرائيل على فعله في الفترة القادمة، حيال قطاع غزة. وأضاف لوكالة "الأناضول":" لا أحد يعلم إن كانت عمليات الاغتيال ستتكرر تجاه سكان قطاع غزة، أم لا، لكن إسرائيل ستستمر بحربها تجاه القطاع، بشتى الطرق". ووفق زحالقة فإن "السياسة الإسرائيلية تسعى لجعل الأوضاع في غزة بأسوأ حال ممكن، دون أن يؤدي ذلك إلى كارثة، حتى لا يتم الضغط عليها لفك الحصار، إنما بطريقة خنق القطاع دون القضاء عليه". وأشار إلى أن ما يرشح في الإعلام الإسرائيلي، يفيد بأن إسرائيل هي من تقف وراء عملية الاغتيال، وهذا دليل على أن هناك تسريب من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لبعض المعلومات. واستدرك:" تريد إسرائيل أن تعترف، ولكن بشكل غير رسمي، حتى لا تتحمل تبعات الجريمة، ولا تؤكد بأن لديها في قطاع غزة وجود". ويرى بأن من أهداف عملية الاغتيال "ترميم حالة الردع لإسرائيل، وزرع الخوف والهلع في نفوس الفلسطينيين". من جانبه، يرى الدكتور إبراهيم حبيب، الخبير في شؤون الأمن القومي، من غزة، أن المواجهة الاستخباراتية ستكون عنوان المرحلة القادمة للصراع بين غزة وإسرائيل. وقال حبيب، المحاضر في "أكاديمية الإدارة والسياسة"، بغزة، في حديث مع وكالة "الأناضول":" لن تكون المواجهة القادمة عسكرية مباشرة، بل ستتبع فيها إسرائيل أسلوب تنفيذ العمليات الاستخباراتية". وأضاف:" اغتيال الشخصيات الفلسطينية، داخل قطاع غزة، بذات الطريقة، أمر لم يعد مستعبدًا، ولكن هذا الآن مرتبط بقوة الأمن في قطاع غزة، وعدم السماح بتكرار مثل هذه العمليات". وأشار حبيب إلى أن إسرائيل تحاول فرض معادلة جديدة، في التعامل مع غزة، وهي زعزعة الأمن الداخلي فيها، "خاصة وأن القطاع يشهد منذ نحو عشر سنوات، حالة أمنية داخلية مستقرة غير مسبوقة". وتابع:" يريد الاحتلال كسر حالة الأمن والاستقرار من خلال هذا العمل الاستخباراتي، الذي يكاد أن يكون الأول من نوعه في قطاع غزة". وأردف حبيب:" ترغب إسرائيل بأن تقول من خلال عملية الاغتيال، إن يدها طويلة وقادرة على ضرب غزة في عمقها بكل قوة". وغيّرت إسرائيل طبيعة الصراع مع قطاع غزة، من عمليات قصف مباشرة وتصعيد وحروب إلى عمليات اغتيال، رغبة في عدم تحمل أي تبعات مباشرة لتصفية الشخصيات التي تريدها، وفق حبيب. وأكد حبيب أن إسرائيل هي من تقف وراء اغتيال فقهاء، "وبصماتها تظهر واضحة وجليّة في العملية، وهي المستفيد الواحد من مقتله". من جانبه، يتفق إبراهيم المدهون، مدير مركز أبحاث المستقبل بغزة، مع سابقيه بأن إسرائيل تريد أن تهرب من أي مواجهة عسكرية مباشرة مع حركة حماس. وقال في حوار هاتفي مع وكالة "الأناضول" إن إسرائيل غير معنية بتحمل تبعات الاغتيال، لذلك اختارت "القتل الصامت الذي يربك الحسابات، ولا يترك دليلا ضدها". ويرى المدهون بأن الصراع بين غزة وإسرائيل سينتقل في الوقت الحالي من "المواجهات العسكرية إلى المواجهات الخفية والاستخبارات وصراع العقول والأدمغة". وأرادت إسرائيل "الاستعراض داخل غزة من خلال عملية الاغتيال، والقول بأن أي شخص يعمل ضدها، سيكون مستهدف أينما كان"، وفق المدهون. وأكد المدهون بأن إسرائيل لن تتواني عن تكرار عملية الاغتيال في قطاع غزة، في حال سنحت لها الفرصة. وأكمل:" لكن تكرارها أمر صعب في الوقت الآني، لأنه قد يؤدي إلى كشف العملاء والمشاركين في العمليات وقتلهم". ولجوء إسرائيل إلى قتل فقهاء، بهذه الطريقة، -بحسب المدهون-يدل "على أن واقع غزة ومقاومتها أصبحت قوية والاحتلال لم يعد يستطيع استخدام القوة العسكرية، خشية من ردود الافعال التي قد تقود إلى حرب". وتابع:" الاحتلال ذكي، ويريد استنزاف المقاومة الفلسطينية، دون أن ينجر إلى حرب مع غزة". بدوره قال فايز أبو شمالة، الكاتب في صحيفة "فلسطين" المحلية الصادرة من قطاع غزة، إن أسلوب الاغتيال ليس بالجديد على إسرائيل، وسبق وأن نفذته بحق العديد من القيادات الفلسطينية. وتابع لوكالة "الأناضول":" مؤكد أن إسرائيل ستتبع أسلوب الاغتيال بحق القيادات في غزة، في الفترة القادمة، لأنها لا ترغب في تحمل تبعات الحرب، وغير قادرة على اعتقالهم كما في الضفة الغربية". ويتوقع أبو شمالة أن تستهدف "كتائب القسام" شخصيات عسكرية وسياسية وقيادية إسرائيلية داخل المستوطنات. واستدرك:" عملية الاغتيال تفتح الباب أمام احتمالات عديدة لطرق الرد، وستشجع حماس على الرد بشكل غير تقليدي وجديد". وفقهاء، من مواليد بلدة طوباس، شمالي الضفة الغربية، عام 1979. وحصل على شهادة البكالوريوس في "إدارة الأعمال" من جامعة النجاح الوطنية، عام 2001. وخلال فترة دراسته، التحق بكتائب "عز الدين القسّام"، الجناح المسلّح لحركة "حماس". وشارك فقهاء، في عدة عمليات، نفّذتها كتائب القسام، من بينها مهاجمة المستوطنين وجنود إسرائيليين في الضفة الغربية. وفي أغسطس/آب 2002، اعتقل الجيش الإسرائيلي "فقهاء"، وتم الحكم عليه بتسع مؤبدات وخمسين عاماً إضافياً، قضى منها نحو 10 أعوام، إلى أن أطلق سراحه خلال صفقة تبادل الأسرى التي عقدتها "حماس"، مع إسرائيل عام 2011، وتم إبعاده إلى غزة. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :