قبل شروق الشمس Before Sunrise، الفيلم الذي تتعرف فيه على ما فعلته التكنولوجيا بحياتنا من أعظم المتع في كتابة أي شيء يحدث في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات هو أنك غير مجبر على التعامل مع التكنولوجيا، ومن فضلك لا تعتقد أن هذا الموضوع سيتكلم عن كيف أن كل شيء كان مدهشاً قبل الإنترنت والتكنولوجيا المرتبطة به. أفتقد ساعات نوم قيمة؛ لأنني أبقى مستيقظة إلى وقت متأخر أتصفح الإنترنت، الليلة الماضية بحثت عن دروس لإعطاء الأثاث مظهراً "رثاً أنيقاً" في التاسعة مساء، وبعد خمس ساعات كنت لا أزال مستيقظة أشاهد فريد أستير يرقص مثل الهيبي في حفل توزيع جوائز الأوسكار 1970، وليس لديَّ فكرة كيف وصلت إلى هنا، ولكني أحب ذلك. أنا كذلك أحب أن أستخدم جوجل للبحث عن الأمراض التي أُصاب بها، ولم أكن لأنجو دون خرائط جوجل، وأرى أن سبوتيفي تطبيق رائع، وفيس تايم يبقيني قريبة من العديد من أحبائي في جميع أنحاء العالم، كما أنني أعتقد أن مقاطع الفيديو التي تُصور الناس وهي تسقط مسلية للغاية، هكذا، ولكن بينما أحب الإنترنت في حياتي الحقيقية، أكرهه عندما يتعلق الأمر بصياغة قصة. قبل بضعة أسابيع شاهدت فيلم "قبل شروق الشمس Before Sunrise"، أنا آسفة لهذا، ولكنني سأقضي 400 كلمة من أصل 800 أخبرك بالقصة. صُور الفيلم في نفس السنة التي صُنع فيها 1995، إنه فيلم لطيف يحكي عن شابين يلتقيان على متن قطار ثم يقضيان يوماً وليلة واحدة معاً في فيينا، هذه البساطة الساحرة للقصة ستكون مستحيلة في الوقت الحاضر، مجرد شخصين يتحدثان فقط. حتى بداية الفيلم تبدو غير واردة، هما يتلقيان على متن قطار -كلاهما يقرآن، لا توجد سماعات الرأس، أو أفلام، أو ألعاب، لا توجد هواتف آيفون أو رسائل نصية أو بريد إلكتروني أو تويتر أو... يمكنك أن تتخيل، يقرآن كتبهما وينظران من النافذة بين الحين والآخر عندما سمعا محادثة غريبة ومسلية في عربة القطار التي يجلسان فيها. من المثير أن هذه فرصة عظيمة لأن يبدأ شخصان حديثاً، لكن هذا لن يحدث في هذه الأيام، في رحلات القطار كنت مشغولة للغاية بمشاهدة مسلسل "The Bridge" حتى إن الشخص الجالس بجواري يمكن أن يحترق ولن ألاحظه، ما لم يكن صاخباً، أو إذا وصلت النيران إلى متعلقاتي، وفي هذه الحالة قد ألقي عليه نظرة. في الفيلم، يبدأ هذان الشابان الجذابان في التحدث، ويندمجان معاً بشكل جيد، ينزلان في محطة القطار ويذهبان للتجول، لا توجد خرائط جوجل، أو أي موقع على شبكة الإنترنت يقترح مقهى متوسط تقييمه 4.5 نجوم - فقط يمشيان بلا هدف ويكتشفان طريقهما عبر المدينة. يدخلان متجر أسطوانات قديمة، ويسألان بعض السكان المحليين إذا كانت هناك أماكن يوصونهما برؤيتها، ليس ممكناً أن يتفقد أحدهما الآخر على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يلتقطان أي صور، ولا حتى واحدة، تخيل أن تكون في مدينة أجنبية ولا تلتقط مئات الآلاف من الصور مع رفيقك في السفر وهو يبتسم ويشير إلى عشائه، أو ألا تضع تلك الصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، أو ألا تقضي بقية الليل تقرأ وابلاً من الردود الفكاهية. يودعان بعضهما، ويوافقان على اللقاء مرة أخرى في مدينة أخرى، أو شيء من هذا القبيل، لا أستطيع التذكر، كنت أشعر بالنعاس نوعاً ما وكان الأمر مملاً قليلاً، لم يضف أحدهما الآخر على موقع فيسبوك، ولم يكن هناك بريد إلكتروني، ولم يغيّرا رحلاتهما على الإنترنت ليتمكنا من قضاء المزيد من الوقت معاً، لم يتواصلا من خلال Skype عندما وصلا إلى المنزل بعد 15 ساعة، كان الوداع يعني عدم رؤية بعضها البعض لفترة طويلة. غياب التكنولوجيا جعل الفيلم يبدو مؤرخاً، وجعلني أفكر لماذا أحب كتابة قصصي في عالم اختفى تماماً؟ نشأت في إحدى الضواحي في أواخر الثمانينات، ولم يكن هناك شيء ما نفعله، لم يكن لدينا الأجهزة التي تقوم على الفور بمعالجة ذلك الملل، كان الوقت يبدو وكأنه بلا نهاية، وقد شغلناه بالحديث التافه، والقيام بأشياء غبية لنثير إعجاب بعضنا البعض، كنا مصدر ترفيه بعضنا البعض، وكانت اللحظات عابرة، لم تُسجل أو تُصور ليراها أشخاص آخرون أو يشاركوا فيها أو يعلقوا عليها، كان لك أنت والشخص الذي معك فقط، ثم تمضي تلك اللحظة. أظن أننا قد فقدنا هذا الأمر، القدرة على إعطاء اللحظة التي نعيشها اهتمامنا الكامل غير المجزأ، الناس الآن يحضرون دورات تدريبية للإدراك، في محاولة للعثور على طريقة يعودون بها للعيش ببساطة في لحظة معينة ومن ثم السماح لتلك اللحظة بالمُضي. من السخيف أن نضطر لإعادة تعلم تلك المهارة، وأنا أعلم هذا؛ لأنني أحضر إحدى هذه الدورات في الوقت الراهن. أجد تلك اللحظات التي أغادر المنزل دون هاتفي بالخطأ، أو عندما تموت البطارية، ثمينة حقاً، تلك هي اللحظات التي تُفتح فيها الاحتمالات، يمكنك أن تجري محادثة تقود إلى شيء رائع جداً، أو يمكنك أن ترى شخصاً يسقط ويهين نفسه، ما الأفضل من ذلك؟ ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :