إعداد: وائل بدر الدين لم تكن «بروكتر آند غامبل»، عملاق المنتجات الاستهلاكية (FMCG)، الشركة الكبرى الوحيدة التي هددت بسحب إعلاناتها التي تقدّر بمئات ملايين الدولارات من مواقع الإعلانات الرقمية.طالبت الشركة الأمريكية المواقع الإلكترونية ومشغلي الإعلانات الرقمية بإزالة القنوات المظلمة ذات الطرق الاحتيالية، «وإلا فإنها ستمتنع عن الإعلان على الشبكة العنكبوتية والاكتفاء بالإعلانات الصحفية والتلفزيونية التقليدية»، كذلك هددت العديد من الشركات الكبرى بتبني نفس الخطوة حال عدم قيام تلك المواقع بترتيب أوضاعها.وأشار مارك بريتشارد من شركة «بروكتر آند غامبل» إلى أن تقييم منصات الإعلانات الرقمية لا يبدو إيجابياً لأنهم لا يساعدونهم على تطوير وترويج أعمالهم التجارية ومنتجاتهم بالطريقة المثلى، وعوضاً عن ذلك فإنهم يقومون بالتسويق لشركات أخرى منافسة وبأسعار أقل ومساحات أكبر.وسواء رضخت شركات مثل «فيسبوك» و«جوجل» لمطالب بريتشارد، فإن الأمر يستوجب الانتظار والتروي لمعرفة ما سيجري، بيد أن كل الدلائل تشير إلى أن العديد من الشركات الكبرى حول العالم بدأت في الانتباه إلى الخسائر الفادحة التي تتكبدها جراء إعلاناتهم على منصات التسويق الرقمية بطرق لا تتناسب وتوجهاتها. نمو أسرع وبدأت تلك الشركات التي تقول إنها تتكبد مبالغ طائلة في الإعلانات الرقمية في تبني طريقة أخرى للإشراف ومتابعة الإعلانات على منصات الإعلانات الرقمية، وذلك من خلال تعيين فرق متخصصة لمتابعة حركة إعلاناتهم وسلاسل التوريد الخاصة بها.وأشارت مصادر إلى أن الشركات الكبرى ترفض الكشف عن المبالغ التي يدفعونها مقابل تلك الإعلانات الرقمية.وفي ذلك قال توم ديفورد الخبير في مجال الإعلانات إنه يتعين على الشركات الكبرى أن تثق بشكل أكبر في المنصات الإعلانية، ومراعاة الضغط الكبير الذي يقع على عاتقها، مع الإشارة إلى أن الشركات الكبرى تفترض أن تنمو علاماتها التجارية بشكل أسرع مما يتطلبه الأمر في الواقع.كما أشار الخبير ديفورد إلى أن عملية الإعلانات تمر بعدد من المراحل التي تتغاضى عنها الشركات الكبرى وتلقي باللائمة على منصات الإعلانات الرقمية بدون أن يأخذوا في اعتبارهم سيل الإعلانات الواردة والإجراءات التي تتبناها تلك المنصات.وخلافاً للانتقادات السابقة التي وجهت سهامها نحو منصات الإعلانات الرقمية ومدى مسؤوليتها عن الخسائر التي تتكبدها الشركات الكبرى، قال بريتشارد إن الشركات الكبرى تفضل التعامل مع الجهات الإعلانية التي تتحمل مسؤوليات أكبر في جوانب الربح والخسارة، مشيراً إلى أن شركات مثل «بروكتر آند غامبل» تفضل التعامل مع ذلك النوع من المنصات الإعلانية، والتي تمتثل أيضاً لمعايير الإعلانات التي تحددها والتي تستبعد التعامل مع وسطاء إلكترونيين أو منصات تسويقية. فقدان الثقة وأشار خبراء في مجال الإعلانات الرقمية إلى أن المشكلة التي تواجه الشركات الكبرى ومنصات الإعلانات الرقمية هي أكبر مما يتم الحديث والترويج له، حيث قالوا إن مشكلتهم تتمثل في فقدان ثقتهم ببعضهم البعض بشكل تدريجي، خصوصاً من جانب الشركات الكبرى التي تزيد من متطلباتها الإعلانية يوماً بعد يوم لمواكبة مستوى المنافسة المتزايد من جانب الشركات الأخرى، علاوة على أنها ترغب في فرض ظهورها في الأسواق عبر طرح منتجاتها والتواجد بثقل كبير على المواقع الإلكترونية التي أصبحت الخيار الأول للمستهلكين للبحث عن المنتجات التي يرغبون فيها.وقال مسؤولون في «بروكتر آند غامبل» إن شركاء الشركة أصبحوا يمثلون ضغطاً كبيراً عليها بسبب مطالبهم الكبيرة في الجوانب الإعلانية خصوصاً الرقمية منها، لأنها تستقطع من ميزانياتهم الكثير من الأموال التي لا يبدو أنهم يسترجعونها في معظم الأحيان.وفي هذا قال دوس براكتس الخبير في مجال التسويق إن الشركات التي تتعامل مع منصات الإعلانات الرقمية تتوقع أن تجني بين 40 إلى 70% كعائد على استثماراتها التي دفعتها كإعلانات خلال فترة لا تتجاوز ال 6 أشهر، وهو أمر غير قابل للتحقيق في هذا الوقت الذي أصبحت فيه المنافسة أكثر قوة من ذي قبل.
مشاركة :