«أمازون» شركة استثنائية، بلا أدنى شك، حيث تستحوذ الشركة التي بدأت كمتجر للبيع عبر الإنترنت، على أكثر من نصف كل دولار ينفق على الإنترنت في الولايات المتحدة، ناهيك عن أنها من أكثر الشركات العالمية الرائدة في مجال الحوسبة السحابية. وخلال هذا العام، من المتوقع أن يبلغ إنفاق «أمازون» على خدمات البث التلفزيونية عبر الإنترنت ضعف ما تنفقه شبكة «أتش بي أو» للكابل. وتشمل المنتجات المادية التي تحمل علامة «أمازون» البطاريات واللوز والملابس ومكبرات الصوت، وغيرها الكثير. ومنذ بداية العام 2015، ارتفعت قيمة سهم «أمازون» بنسبة 173%، أي أسرع بسبع مرات من العامين السابقين (وأسرع ب 12 مرة من مؤشر أس آند بي 500). وتعد «أمازون» خامس أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية ب 400 مليار دولار. ويتوقع المستثمرون في «أمازون» ارتفاعاً قوياً في إيرادات الشركة، ونمو مبيعاتها من 136 مليار دولار في العام الماضي إلى نصف تريليون دولار خلال العقد المقبل. وهذه الآمال العريضة قد تعني أن «أمازون» قد تصبح أكثر الشركات ربحية في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن سيكون عليها النمو بشكل أسرع من أية شركة كبيرة في التاريخ الحديث، لتبرير الزيادة في قيمتها السوقية. ولكن هل يمكنها فعل ذلك؟منافسو «أمازون» لن يقفوا مكتوفي الأيدي، فلدى مواطنتها «مايكروسوفت» طموحات في مجال الحوسبة السحابية، ولدى سلسلة متاجر «وول مارت» بالفعل عوائد بقيمة 500 مليار دولار، وهي الأخرى تعزز وجودها في الشبكة العنكبوتية. ولدى «أمازون» استراتيجية تختلف عن الشركات الأخرى، ففي الوقت الذي تسعى فيه الشركات إلى تحقيق نتائج إيجابية على المدى القصير، تركز «أمازون» بحزم على المدى الطويل، كما يركز رئيسها التنفيذي، جيف بيزوس، على الاستثمار المستمر لدعم أعمالها التجارية الرئيسية المتمثلة بالتجارة الإلكترونية وخدمة الحوسبة السحابية «أمازون ويب سيرفيزيس». وفي التجارة الإلكترونية، فإن استقطاب «أمازون» للمزيد من المتسوقين، يعني جذب المزيد من تجار التجزئة والمصنعين لعرض بضائعهم على الموقع، وهذا الأمر يعود بمزيد من الإيرادات على الشركة، وذلك من خلال خدماتها الجديدة مثل الشحن والبث التلفزيوني والموسيقي، ما يستقطب المزيد من المتسوقين. وكلما زاد عدد العملاء الذين يستخدمون خدمات أمازون للويب، استثمرت الشركة في خدمات جديدة. وطالما حافظ المساهمون على ثقتهم بنموذج أعمال الشركة، سيكون بإمكانها الحفاظ على معدل الإنفاق، الأمر الذي يجعلها أكثر قوة. ولدى «أمازون» العديد من المنافسين الحاليين والمحتملين، ويشمل ذلك شركات الخدمات اللوجستية ومحركات البحث والشبكات الاجتماعية ومصنعي ومنتجي المواد الغذائية، بالإضافة إلى منتجي الوسائط المادية والرقمية والتفاعلية بجميع أنواعها. لكن العديد من هذه الخدمات تدعم توسع «أمازون» وغيرها من الشركات، فعلى سبيل المثال توفر «أمازون ويب سيرفيزيس» خدمات ل «أمازون» وغيرها من الشركات. كما أن «أمازون» تستأجر مستودعات للشركات التي تعرض بضائعها على الموقع، وتسعى أيضاً إلى تشييد مركز للشحن الجوي بتكلفة 1.5 مليار دولار في ولاية «كنتاكي»، وذلك في خطوة لاختبار تسليم البضائع للمشترين عبر الطائرات من دون طيار. ويعتقد بعضهم أن «أمازون» بإمكانها أن تصبح موفراً لخدمات المرافق مثل توفير البنى التحتية للتجار وخدمات الحوسبة واللوجستيات. هل تتجاوز «أمازون» قوانين مكافحة الاحتكار.. وكيف؟ تكمن المشكلة الحقيقية في التوقعات المحيطة ب«أمازون»، ففي حال اقتربت قليلاً من تحقيق أهدافها، فإنها ستصبح على مرمى نظر المنظمين والمسؤولين الحكوميين، لكن من غير المرجح أن يكون ذلك ضد قوانين مكافحة الاحتكار، حيث لا تعتبر «أمازون» أكبر متجر للتجزئة في الولايات المتحدة. وتنظر هيئة مكافحة الاحتكار الأمريكية في مدى تأثير الشركات في المستهلكين والأسعار، ولا يزال تأثير «أمازون» في ذلك محدوداً. ولكن في الوقت الذي تنمو فيه «أمازون»، يشكل تعاظم تأثير الشركة مخاوف بالنسبة للمنظمين، حيث تشير توقعات إلى أن إيرادات الشركة الأمريكية ستعادل 25% من إجمالي أرباح شركات التجزئة والإعلام الغربية المدرجة. كما أن نموذج أعمال «أمازون» يشجع المنظمين على التفكير بشكل مختلف. فالمستثمرون يهمهم نمو «أمازون» أكثر من الأرباح التي يجنوها. وفي المستقبل، يمكن للشركات أن تعتمد بشكل متزايد على الأدوات والخدمات التي تقدمها منافساتها. وفي حال أصبحت «أمازون» أداة تجارية، فإن المزيد من الأصوات ستدعو إلى اعتبارها كمنظم للأعمال. إلا أن نجاح «أمازون» سيضعها في صراع مع منافس أقوى ألا وهو الحكومة.
مشاركة :