مهما حرصت الأسر على احتواء أبنائها، وتوجيه النصح لهم في اختيار الأصدقاء الصالحين، وضرورة الابتعاد عن أصدقاء السوء، إلا أن البعض منهم يظل منجرفاً تجاه تلك «الشلة» الفاسدة التي تأخذ بيد شباب في عمر الزهور نحو وحل الإدمان، فلا هَم لهم سوى قتل أحلامهم، ووأد طموحاتهم. وليس هذا فحسب، إذ يشعر المدمن نفسه بأنه يغيب مع كل جرعة أو قرص في أجواء من النشوة والفرحة التي تصنعها أوهامه، ومن دون أن يحسب للنتائج أي حساب، فإن لم يتم توقيفه من قِبل الجهات المختصة، فإن الموت سيأتي حَكما لينهي قصة حياته بالإدمان، وهذه القصة التي بين أيدينا تفصل أكثر في مشهد الانجراف وراء رفقاء السوء وما يعقبه من تداعيات خطيرة. جرعة مميتة يتهافت المعزّون اليوم على منزل الشاب «حامد» الذي أُسدل الستار على آخر يوم في حياته وهو في عمر 19 عاما فقط ! يبكيه أفراد أسرته حرقة على فراقه وشبابه الذي غيبته جرعة زائدة، والسبب الانجراف خلف رفقاء السوء، الذين دعوه بمجرد وصوله للإمارة التي يقطن بها بعد قبوله في وظيفة عمل وبراتب مناسب، للاحتفاء به ولكن بطريقة مخزية. وللأسف الشديد لبى «حامد» الدعوة، وأغروه أصدقاؤه بالمواد المخدرة التي جربها بدافع الفضول، وإقناعه أيضا بأنه سيشعر بسعادة كبيرة وإن كانت وهمية، والشعور بأنه سيتمكن من فعل المستحيل، وبأن قوته الجسدية ستتجاوز أبطال العالم في كمال الأجسام.. اقتنع «حامد» بالتجربة، ولكن ليس عن سبق إصرار وترصد، وتعمد، بل بمحض الصدفة البحتة بداية، وربما لم يفكر لحظتها بأن الجرعة الزائدة والأخيرة ستقضي على حياته. ووجد أصدقاؤه أن الحل الوحيد للتخلص منه، بعد وفاته بالجرعة الزائدة هو نقله في سيارته الخاصة إلى الحارة التي يقطن بها، وتركوه في السيارة أمام المسجد القريب من منزله، ولاذوا بالفرار من دون أسف على تضييعهم لحياة صديقهم. الصاحب ساحب أوضح المحامي والمستشار القانوني حسن المرزوقي بأنه وللأسف الشديد فهناك فئة من الشباب لديهم سوء استغلال لأوقات الفراغ، ولهذا فإن بعضهم يقع فريسة سهلة في يد رفقاء السوء. مشيرا إلى أن المتعارف عليه أن المدمن لا يتعاطى بمفرده، بل لابد من أن يتواجد وسط مجموعة تشاركه الإدمان، في إطار الشللية غير المفيدة، لاسيما وأن الصاحب ساحب. وأضاف المرزوقي: «لا تنتهي حياة وقصص الشباب الذين سقطوا في فخ الإدمان، لكنها تسوقنا فعليا وراء البحث في الأسلوب الواجب لحمايتهم قبل السقوط في براثن المخدرات». مؤكدا على أن تعاطى عدد من الشباب العقاقير المخدرة قضية يتم التصدي لها بالتنسيق الشامل والمستمر مع إدارات الشرطة في مختلف إمارات الدولة. جهود متضافرة في حين لفت د. أحمد الخزيمي، باحث في القانون والهوية والمواطنة، إلى أن الموضوع يحتاج إلى تكاتف جهود جميع الأطراف ذات الشأن بالشباب للوصول لحل مناسب لهذه المعضلة. وأضاف: «لو سألنا أنفسنا ما هو السبب الرئيسي للجوء الشباب لرفقاء السوء لوجدنا عدة جوانب، أولها الفراغ، والسبب الثاني هو البحث عن الذات. ويتمثل السبب الثالث في الإغراءات التي يقدمها رفقاء السوء الذين يغرون غيرهم من منطلق التجربة فقط. لذا ينبغي احتواء الشباب من البيت أولا، إلى جانب استثمار وقته في الرياضة أو أي نشاط إيجابي ومفيد. كما ينبغي مراقبة أصدقاء الابن، ومدى حرصهم على الأخلاق مهما كان قربهم أو بعدهم عن العائلة». احتواء الشباب كما أكدت المستشارة الأسرية والمختصة في القضايا والشؤون الاجتماعية فاطمة المغني على أن أصدقاء السوء هم من يعلمون على اغراء الشباب على تناول المواد المخدرة التي تعتبر آفة مدمرة لحياة أسر بكاملها، الأمر الذي يضاعف من دور أولياء الأمور في توعية أبنائهم بالابتعاد عن أي رفيق سوء. واضافت المغني: «نعم، نعلم يقينا بانشغال الوالدين اليوم بمهامهما الوظيفية، ولكن هذا لا يمنع من أن يكون الآباء أصدقاء لأبنائهم لحمايتهم من رفقاء السوء المتواجدين في المجتمع، وذلك بالتقرب منهم، وفتح باب الحوار والنقاش معهم». وأشار جابر الأحبابي رئيس فريق الوطن التطوعي إلى حرص الفريق على احتواء الشباب، واستثمار أوقات فراغهم في المفيد قبل التحسر عليهم بوقوعهم في هاوية تعاطي المواد المخدرة. لذا ينبغي الوعي المجتمعي بمخاطر هذه الآفة حتى نحمي فئة الشباب.
مشاركة :