الاستقرار أساس للتنمية

  • 5/2/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

النسخة: الورقية - دولي أتاحت لنا الذكرى التاسعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية، الفرصة للتأمل في المضامين العميقة للأمن المجتمعي والسلم الأهلي والاستقرار الوطني، في ضوء التجربة الرائدة التي تراكمت فوائدها وتكاثرت منافعها والتي تعدُّ إحدى التجارب الناجحة والمثمرة، ليس على صعيد العالم الإسلامي فحسب، وإنما على الصعيد الدولي. لقد بنت المملكة العربية السعودية نهضتها التنموية على أساس قوي من الاستقرار السياسي، وحمت نفسها على مرّ عقود من السنين من الأخطار التي تحدق بالمنطقة، وحافظت على حقوقها وصانت مكاسبها التي استطاعت أن تستثمرها بما يحقق الخير لمواطنيها والمقيمين على أرضها من غير مواطنيها. ومن منطلق حالة الاستقرار تميزت المملكة العربية السعودية، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بتزايد أهمية الدور الفاعل والمؤثر الذي تنهض به في الساحة الدولية على كل المستويات، من أجل خدمة قضايا السلام، والدفاع عن حقوق الشعوب، وتعزيز سيادة القانون الدولي، وفي التصدّي للأخطار التي تواجه العالم العربي الإسلامي، وفي بذل المساعي من أجل درئها عنه، وفي حماية الحقوق والمكتسبات، وقبل هذا وذاك، في خدمة الحرمين الشريفين وتوفير كل وسائل الراحة والأمن والسكينة للملايين من المسلمين الوافدين على مدار العام إلى الأراضي المقدسة من كل أنحاء العالم، للحج أو للعمرة أو للزيارة، ضاربة ًبذلك أرفع الأمثلة في الإخلاص والتفاني في العمل وفي البذل والعطاء. إن الرسالة الإسلامية الحضارية التي تنهض بها المملكة منذ تأسيسها وإلى اليوم، تجعل منها دولة رائدة ذات وزن إقليمي ودولي وتتحمّل مسؤولية عظمى في حماية أمن المنطقة والمساهمة في حفظ الأمن والسلم الدوليين، إلى جانب المهمات السامية التي تضطلع بها في مجال تعزيز التضامن الإسلامي، وتقوية العمل الإسلامي المشترك، والدفاع عن قضايا الإسلام والمسلمين في عالم مضطرب يموج بالصراعات والفتن والتحديات الحضارية. وتمثل المملكة العربية السعودية اليوم، بقيادتها الحكيمة وبالاستقرار الشامل الذي تنعم به، نموذجاً راقياً للدولة القوية المتماسكة القادرة على خدمة المصالح العليا للشعب السعودي، وتلبية احتياجاته في الميادين كافة، والارتقاء به في مدارج التقدم والتطور والرخاء والازدهار، في ظل الأمن الوارفة ظلاله والاستقرار الراسخ أركانه، وللدولة القادرة على الإسهام الفاعل في خدمة قضايا الأمن والسلم في العالم، وفي نصرة القضايا العربية والإسلامية، وفي الدفاع عن حقوق الأمة العربية الإسلامية، وفي تعزيز العمل العربي الإسلامي المشترك، وفي دعم جهود المجتمع الدولي في مجال تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات، بحيث أصبحت المملكة في هذه المرحلة التاريخية، دولة محورية مستقرة وقوية ونافذة وذات قدرات عالية، ليس على صعيد العالم العربي الإسلامي فحسب، ولكن على الصعيد الدولي أيضاً، حيث لها مكانتها الرفيعة التي تقدرها الأسرة الدولية، ولها صوتها الناطق بالحق المسموع في المحافل الدولية. لقد كان تأسيس المملكة العربية السعودية في عام 1932، على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود، يرحمه الله، على قواعد من العقيدة السمحة وركائز من الاتحاد والاستقرار والأمن، نقلة نوعية في ترجمة فكرة الاتحاد وجمع الشمل إلى واقع معيش يتمثل في دولة نامية تستند إلى شرعية مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم من إرادة الشعب الذي بايع القائد الموحد للبلاد والمؤسسَ للدولة والمنشئ للكيان الكبير في الجزيرة العربية. وكان ميلاد المملكة خلال الفترة الفاصلة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، إعلاناً عن انبثاق إرادة وطنية شرعية في إقامة الدولة الجديدة القادرة على حماية سيادتها، وصون وحدتها، والدفاع عن سلامة أراضيها، وضمان استقرارها، وخدمة مصالح الأمة الإسلامية، ونصرة الإسلام والدفاع عنه ورفع كلمته في العالم. فكانت المملكة أول دولة تنشأ في محيط كان شديد الاضطراب محفوفاً بالأخطار، ومطوقاً بالمؤامرات من القوى العظمى التي كانت تتصارع من أجل الانفراد بالمنطقة العربية خلال تلك المرحلة الحرجة التي مرّ بها العالم. وبذلك اكتسبت المملكة العربية السعودية، التي حافظت على استقرارها الراسخ منذ نشأتها، المناعة الواقية ضد المؤثرات الخارجية، وامتلكت من النفوذ والإمكانات والقدرات ما تحافظ به على مصالحها الوطنية واستثمار ثرواتها الطبيعية والانطلاق في بناء المجتمع السعودي القوي المتماسك المستقر، وسط ظروف إقليمية ووطنية لم تكن مواتية، تمثلت في تلك المرحلة الأولى للتأسيس، في شح الموارد وفي قسوة البيئة وفي وجود الاستعمار الأجنبي في مناطق عديدة من العالم الإسلامي. ولكن إرادة الملك المؤسس كانت أقوى وأصلب عوداً من تلك العوامل والتحديات التي واجهت المملكة، بحيث استطاع الملك عبد العزيز أن يشق الطريق وسط تلك الصعوبات، وأن يمضي قدماً نحو إرساء القواعد الراسخة للدولة السعودية الجديدة التي ما لبثت أن انطلقت في ميادين النمو والتقدم والازدهار عهداً بعد عهد، من الملك عبد العزيز إلى أبنائه الملوك سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، يرحمهم الله، وإلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، الذي يشرف على أمور الدولة ويقودها بإخلاص وتفان لتحقيق المزيد من الأهداف النبيلة التي تأسست المملكة من أجلها، على القواعد الراسخة من الاستقرار المتكامل الأركان الشامل لكل المجالات، والذي هو أساس التنمية الشاملة المستدامة. والمتابع المنصف للتطور الكبير الذي حدث في المملكة العربية السعودية في مجالات الحياة المختلفة، لابد أن يلحظ بكل تقدير وإعجاب، ما تحقق من إنجازات في البنية التحتية الضخمة، وفي التعليم العام والعالي، وفي الصناعة والزراعة والصحة، وفي النهوض بالمرأة وتمكينها من كثير من الحقوق ومشاركتها في العملية التنموية، وفي غير ذلك من المجالات الحيوية التي تطورت ولا تزال تشهد المزيد من التطوير والتقدم. ولقد شاركت المملكة بكل قوة في دعم أشقائها في البلدان العربية والإسلامية، ولا تزال تقدم الدعم والمساندة لهم وتهتم بشؤونهم وبقضايا الأمة بصفتها رائدة التضامن الإسلامي وأكبر داعم له. ولن يضيرها ما يردده بعض الحاقدين لها أو المتآمرين عليها من ترّهات وأكاذيب وافتراءات. فهي لا تدعي الكمال أو العصمة لنفسها، ولا تخدع مواطنيها بالشعارات البراقة والأماني المضللة. وإنما تقول وتفعل، وتبني وتنفع. وهذا سمت الكبار وخلق الأخيار. * أكاديمي سعودي.

مشاركة :