إهمال جديد يضرب وزارة الآثار، ونيران جديدة تشتعل فى عروق أصحاب الضمائر من الغيورين على تراث بلدهم، بسبب الحريق الذى تعرض له معبد فيلة فجر الإثنين الماضى.
وقال سلامة، فى تصريحات لـ«البوابة نيوز»: «لم يحدث على الإطلاق أى حريق بأى مبانٍ أو ملحقات بمعبد فيلة، وهو بحالة سليمة تمامًا، وما احترق، مساء الإثنين، مجرد بعض الأعشاب على الشاطئ الشرقى من جزيرة فيلة اشتعلت بجزء محدود منها نيران، تم التعامل معها فى وقتها، وهذا الجزء مقارب لأسفل الشرفة التى تتقدم كشك تراجان».
وأضاف: «لا يوجد أى أضرار بجميع ملحقات المعبد، لكن هناك تأثير طفيف بقرب شاطئ الجزيرة، ونحن نجري حاليًا بأعمال ترميم وصيانة بالمعبد ليس لها علاقة بالحريق، وأود أن أوضح لمن يقول: إنه حدث حريق أسفل الكشك، أن أسفل الكشك أرض خرسانية وغير ظاهرة، وسوف تتم إزالة أى آثار نتجت عن الحريق، رغم عدم وجودها بالمعبد أو ملحقاته».
وعلى عكس ما قاله سلامة، أكد الدكتور أحمد صالح، مدير عام آثار أسوان، وقوع الحريق بقاعدة كشك تراجان بالمعبد، من خلال الحشائش الموجودة بجوار القاعدة، وهذا الحريق أدى إلى تغطية قاعدة الكشك بالسناج، وهو طبقات الكربون السوداء التى توجد على جدران المعبد نتيجة الحريق، والهباب الناتج عن النيران، ما جعل الأطراف العلوية لهذه القاعدة تغطى بالسناج الكامل للهباب.
كما أكد غريب سنبل، مدير الإدارة المركزية للترميم بوزارة الآثار، أن حريق معبد فيلة جاء نتيجة اشتعال النيران فى «الهيش» وبعض المخلفات الموجودة فى الجزيرة، مشيرًا إلى أنها أثرت على الجزء السفلى للواجهة الخارجية للمقصورة المسماة بكشك «تراجان»، مؤكدًا أن آثار انبعاث الأدخنة كانت وراء إصابة الجزء السفلى للمقصورة.
وكشف رئيس الإدارة المركزية للترميم بوزارة الآثار، أنه لا توجد أى أعمال ترميم فى المعبد فى الفترة الحالية، رغم دورات الصيانة التى تتم فى المعبد من وقت لآخر، مؤكدًا أنه لا صحة لما يتردد أن سبب الحريق هو اشتعال مواد الترميم الموجودة داخل المعبد، وهو عكس ما قاله مدير آثار أسوان والنوبة، نصر سلامة، عن وجود أعمال ترميم بالمعبد فى الوقت الحالى. وأشار «سنبل» إلى أن الوزارة فى انتظار تقرير اللجنة المشكلة للوقوف على أسباب الحريق، رغم أن المؤشرات الأولية تؤكد أن حجم الخسائر قد يكون معدوما، مؤكدًا فى الوقت ذاته أن سبب الحريق ما زال مجهولًا، ولم يتم التحقق منه سواء كان نتيجة الصدفة أو بفعل فاعل. وقال الدكتور محمود عفيفى، رئيس قطاع الآثار المصرية، إنه فور ورود معلومات إلى مسئولى قطاع الآثار بالوزارة، بنشوب حريق فى معبد فيلة فى أسوان، قامت الأجهزة المعنية فى الوزارة بالتواصل مع قوات الإطفاء والدفاع المدنى وكل الجهات المعنية، من أجل التعامل مع الحريق، مؤكدًا قيامهم على الفور بالتوجه إلى مكان الحريق للتعامل معه. وكشف «عفيفى»، فى تصريحات «للبوابة»، أن قطاع الآثار بدوره قام بتشكيل لجنة من عدد من المهندسين والفنيين والأثريين المتخصصين برفقة مُرممين من كبار الخبراء فى الوزارة، للوقوف على تداعيات الحريق ومعرفة أسبابه وملابساته، من أجل علاجها على الفور، وضمان عدم تكرار مثل تلك الحوادث، ولاسيما أن المعابد والمتاحف الأثرية تحظى برعاية وعناية خاصة من قبل الوزارة، نظرًا لأهميتها التاريخية، على أن تُصدر اللجنة المُشكلة تقريرا عن الحادث فى زمن أقصاه يومان، ترسله لقطاع الآثار، للبدء فى عمليات ترميم الأجزاء التى تضررت من الحريق، ووضع أسس لإعادة الموقع لحالته قبل الحادث دون الإخلال بعراقة المكان وتاريخه الأثرى. وأشار رئيس قطاع الآثار المصرية إلى أن قطاع الآثار لن يستطيع تحديد حجم الخسائر التى أصابت معبد فيلة، قبل وصول تقرير اللجنة المُشكلة من قبل الوزارة للوقوف على أسباب الحريق.
من الغرق للحريق.. قصة جزيرة صامدة في قلب النيل
ويمر المتجه شمالًا بفناء المعبد الخارجى الذى تحده صفوف الأعمدة من الجانبين، حتى يصل إلى مدخل معبد «إيزيس»، حيث توجد أبراج الصرح الأول، وفى الفناء المركزى لمعبد «إيزيس» يوجد «الماميزى» أو «بيت الولادة»، وهو مُكرس للإله «حورس»، وكانت تُجرى قديمًا طقوس «الماميزى» احتفالًا بميلاد الإله، وكان الملوك يحرصون على الاشتراك فى هذه الطقوس تأكيدًا على انتمائهم لسلالة الإله «حورس».
منذ إكمال بناء سد أسوان الأول عام ١٩٠٢ ومياه النيل تحاصر جزيرة فيلة معظم السنة، وذلك بما تضمه الجزيرة من مخزون أثرى ثمين يشمل المعابد والمقصورات والأعمدة والبوابات الفرعونية التى تجسد جميعها أساليب معمارية رومانية يونانية وفرعونية.
وعندما تم طرح مشكلة جزيرة فيلة باعتبارها مشكلة وملُحة كانت الاستجابة إزاء حملة النوبة سريعة، وهو ما عكس تصميم المجتمع الدولى على إنقاذ منطقة بهذا الجمال وهذه الأهمية التاريخية، ومن ثم فالمسألة لم تكن إنقاذ فيلة أو لا، بقدر ما كانت كيفية إنقاذها.
مشاركة :