تطرح منذ الآن تساؤلات عن الشكل الذي سيتخذه التعاون الأمني بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وخصوصا أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي، ربطت بين التعاون على الصعيد الأمني والتوصل إلى اتفاق إثر مفاوضات خروج المملكة المتحدة من التكتل. ففي رسالتها التاريخية التي وجهتها الأربعاء إلى بروكسل، وضعت ماي المسألتين في المستوى نفسه بقولها، «إذا خرجنا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق فسنكون خاضعين لقواعد منظمة التجارة العالمية. وعلى الصعيد الأمني، فإن عدم وجود اتفاق سيعني إضعافا لتعاوننا في مكافحة الجريمة والإرهاب». ورد النائب الأوروبي الليبرالي غي فيرهوفشتاد، «أحاول أن أكون رجلا مهذبا حيال سيدة، لن أستخدم إذن كلمة ابتزاز ولن أفكر فيها حتى. إن أمن جميع المواطنين هو موضوع بالغ الخطورة لتتم مقايضته بموضوع آخر». لكن الحكومة البريطانية نفت أية محاولة للابتزاز. وقال الوزير المكلف التفاوض حول «بريكست» ديفيد ديفيس، عبر هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، «ليس الأمر تهديدا، إنه استنتاج مفاده أن عدم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين سيضر بكليهما. إنها حجة تفاوضية». من جهته، تساءل آناند مينون أستاذ السياسة الأوروبية في معهد كينغز كولدج في لندن، عما «إذا كانت إضافة هذه الفقرة أمرا في محله»، لأن فحوى الرسالة التي تريد لندن إيصالها تتجلى في بقية النص، و«لم تكن ثمة حاجة إلى صياغتها في هذا الشكل النافر». وأضاف الخبير، «لن أقول أنه تهديد. إنه ربط. فهل سيكون فاعلا؟»، معتبرا أن «لهجة الرسالة تعكس توتر» تيريزا ماي.«الجزرة والعصا» .. تضع رئيسة الوزراء مستقبل بلادها على المحك في المفاوضات مع الأوروبيين ويبدو موقفها معقدا. فرغم أنها تتمتع راهنا بشعبية قياسية في مواجهة معارضة عمالية ضعيفة، فهي تتعرض لضغوط الجناح المتطرف داخل حزبها، والذي يطالب بـ«بريكست» «قاس»، حتى لو كلفه ذلك الخروج من دون اتفاق. واستخدمت صحيفة «ذي تايمز» المحافظة الخميس، عبارة «الجزرة والعصا»، لافتة إلى أن «المملكة المتحدة يمكن أن تتبنى موقفا متشددا عند الضرورة»، مؤكدة أن «كل إشارة إلى التعاون الاقتصادي تكاد تكون مرتبطة بالتعاون في المجال الأمني». وحجة الأمن ورقة رابحة جدا للندن في هذه المفاوضات. فبريطانيا هي أحد أكبر المساهمين في الشرطة الأوروبية «يوروبول»، ولديها خبرة كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب. لكن المصلحة على هذا الصعيد ينبغي أن تكون متبادلة، وفي ما يتجاوز شروط ما قبل التفاوض لا يزال لدى المحللين أمل كبير بتوافر نية سليمة مشتركة. وقال آيين بيغ الباحث في «لندن سكول أوف إيكونوميكس» لوكالة «فرانس برس»، «ستتوافر إرادة قوية لضمان استمرار التعاون، وخصوصا بعد هجوم لندن الأسبوع الفائت والمخاوف من وقوع اعتداءات في أمكنة أخرى». وأسفر اعتداء لندن عن أربعة قتلى وأكثر من خمسين جريحا الأربعاء الفائت، حين دهس رجل بسيارته مجموعة من المارة قبل أن يطعن شرطيا، في أسلوب يذكر بهجمات نيس جنوب فرنسا وبرلين. وأبدت كاثرين باتار، أستاذة القانون الأوروبي في جامعة كيمبريدج، تفاؤلا أكبر، معتبرة أنه «سيكون أكثر سهولة التوصل إلى اتفاق في هذا المجال»، منه في مجالات أخرى. وأضاف بيغ، أن الأمن «هو أيضا ما يؤمنه حلف شمال الأطلسي، وإحدى المقايضات التي على بريطانيا استخدامها، هي قدراتها مثلا على التحرك في إطار الأطلسي». وقال تشارلز غرانت مدير مركز الإصلاح الأوروبي للأبحاث، إن «وصول دونالد ترامب، يمكن أن يساعد المملكة المتحدة عبر منح الأوروبيين سببا إضافيا يجعلهم يحافظون على حضورها»، وخصوصا أن مواقف الرئيس الأمريكي من الأطلسي لا تدعو إلى التفاؤل.أخبار ذات صلةماي تحاول طمأنة حلفائها في الصحف الأوروبيةترودو: كندا تسعى إلى توطيد التجارة مع بريطانيا بعد «بريكست»الفاتورة المالية لطلاق بريطانيا قد تعقد عملية «بريكست»شارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :