بورصة الانتخابات الفرنسية.. لم ينجح أحد

  • 3/30/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

د. سعيد اللاوندي*.. يضحك الناخب الفرنسي ملء شدقيه وهو يشاهد التقلبات التي تحدث في بورصة الانتخابات الرئاسية بشكل غير مسبوق. فما يراه يتصدر استطلاعات الرأي اليوم، لا يستبعد أن يجده في ذيل القائمة. فإيمانويل ماكرون - على سبيل المثال - كانت استطلاعات الرأي السابقة ترجح فوزه في الدورة الثانية التي تجرى خلال أربعة أسابيع، بينما يرى استطلاع رأي أخير أجرته مؤسسة «بي. في. إيه» فوز هذا المرشح المستقل الذي وعد بتحسين أخلاقيات الحياة السياسية في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية مستفيداً من متاعب منافسيه المحافظ فرنسوا فيون ورئيسة حزب الجبهة اليميني المتطرف مارين لوبن,دخل على الخط الرئيسي الفرنسي الحالي الاشتراكي فرنسوا هولاند عندما تلاسن مع المرشح المحافظ فرنسوا فيون، وقال إن فرنسا لم تعرف إلا فضيحة واحدة هي فضيحة الوظائف الوهمية، في إشارة إلى الوظائف التي خلقها فرانسوا فيون لزوجته وولديه. أياً كان الأمر، لقد نفى فيون ارتكاب أي تجاوزات، لكنه قال إنه سوف يستقيل من سباق الرئاسة إذا وضع قيد التحقيق. والحق أن فيون البالغ من العمر 63 عاماً، قد وضع قيد التحقيق الرسمي بسبب شكوك في أنه قد خطط لمنح زوجته بينلوب مبالغ مالية نظير العمل كمساعد برلماني، وهي التهم التي لم تقم بها من الأساس، كما يجرى التحقيق معه في ما يتعلق بدفع مبالغ مالية لنجليه ماري وتشارلز عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ. وقال فيون: إنه دفع تلك الأموال لنجليه نظير عملهما كمحاميين لأداء مهام محددة. ومع ذلك لم يكن أي من نجليه محامياً مؤهلاً في ذلك الوقت. وفي جميع الأحوال يشتبه في أن فيون تورط في تحويل أموال عامة والحصول على أموال من دون وجه حق، وتلقي أموال وعدم الإعلان على الأصول بالكامل. وبات فيون في وضع حرج للغاية، لأنه كان قال قبل الحملة الانتخابية إنه سيكون من غير المعقول أن يبقى شخص كمرشح إذا وضع في هذا الموقف القانوني.ومما ينسب لفيون قوله: من الذي يمكن أن يتصور أن الجنرال ديغول قيد التحقيق القضائي؟والحق أن البعض قد رفع لافتات مكتوباً عليها «ارحل» مخاطباً فيون الذي يشعر بأنه في موقف لا يحسد عليه.ولابد أن يعترف بأن ماكرون هو النجم الصاعد في الانتخابات الفرنسية، وقد تعهد أمام حشد من أنصاره بأنه سوف يقوم بتعزيز ميزانية الدفاع وتوحيد البلاد والترابط مع ألمانيا.والمعروف أن ماكرون متفائل ويرفض انغلاق الرئيس الأمريكي ترامب، وقال: أنا لا أريد بناء جدار في إشارة إلى الجدار الذي يريد أن يبنيه ترامب بين أمريكا والمكسيك.ولأن مارين لوبن تشعر بأنها متفوقة في الداخل الفرنسي، فقد زارت مؤخراً إحدى الدول الإفريقية، ثم ذهبت للقاء بوتين في موسكو لتخلق بذلك كاريزما دولية لنفسها. ولكن أفكارها الخاصة بأوروبا وضرورة الانسلاخ منها، وكذلك موقفها من المهاجرين، وكراهيتها لمجانية التعليم جعل الكثيرين يخافون منها، ولهذا السبب تدنت أسهمها في بورصة الانتخابات في هذه الأيام. وقال ديفيد راشلين مدير الحملة الانتخابية للوبن: إن انتخابات ترامب والتصويت المناهض للأوروبيين، بما في ذلك التصويت في بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي، ينبغي أن يعزز موقف حزبنا.أياً كان الأمر، كل مرشح يتحرك في المساحة التي خصصتها له استطلاعات الرأي، مثل بونوا هامون الذي يحتل مركزاً بعد المرشحين الثلاثة السابقين بفارق ضئيل.وكان المرشح اليساري آمون ميز نفسه عن زميله ميلونشون بتقديم دخل أساسي عام.. وأياً كان الأمر فقد وجد الناخب الفرنسي نفسه بين الاغتيال السياسي الذي تحدث عنه فيون، والحمائية التي تحدثت عنها لوبن.وقد أثار «البوركيني» - وهو لباس البحر الذي ترتديه المسلمات ويغطي كل الجسد -خلافاً بين لوبن والمرشح ماكرون، وقالت لوبن إن التعددية الثقافية يجب أن تنتهي، أما ماكرون فقد اتهمها بأنها تصنع أعداء من المسلمين في فرنسا. وكانت فضيحة لورو وزير الداخلية الفرنسي هزت الأوساط كافة، عندما اتهمه المحقق في القضايا المالية بأنه وظف ابنتيه، واستولى على أموال عامة من ميزانية الدولة، وكان لورو يشغل منصب رئيس كتلة الحزب الاشتراكي، وتتيح القوانين الفرنسية أن يلجأ المسؤولون السياسيون إلى أفراد عائلاتهم لكن بشرط أن يكونوا تحت تصرف أعضاء البرلمان. أياً كان الأمر تحولت باريس تحديداً، إلى مستنقع كبير، كلما اقتربنا من الانتخابات الفرنسية، والخاسر الأكبر هو فيون الذي كانت أسهمه مرتفعة في البداية، لكن للأسف أصبحت متدنية اليوم، وقد سبقه ماكرون.. لكن البحث جار الآن في ملفاته لكي يأفل نجمه.. وهذا هو ديدن الانتخابات الديمقراطية، رئاسية كانت أم برلمانية، فاليوم قد يصبح شخص رئيساً وبعد غد يتحول إلى مرؤوس.. وأياً كان الأمر في ظل غياب فيلة الأحزاب أمثال فرنسوا ميتران وجاك شيراك.. سيطفو على السطح سمك صغير كثير. مدير مركز البحوث والدراسات الأورومتوسطية

مشاركة :