أظهر تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي ساما لشهر فبراير الماضي تراجع عمليات السحب النقدي من أجهزة الصرف الآلي لأقل معدل في 12 شهراً حيث بلغ إجمالي السحوبات 54.8 مليار ريال بالمقارنة مع 61 ملياراً لشهر يناير من العام الحالي، و أيضاً بالمقارنة مع متوسط السحوبات للأشهر الـ 12 الماضية عند 60 مليار ريال.. ويمثل هذا الانخفاض 8 %، كذلك فإن عمليات نقاط البيع (مدى) قد شهدت انخفاضاً عن المتوسط وعن الشهر الماضي وبلغت عمليات السحب من نقاط البيع 14.7 مليار ريال، أخيراً فإن قروض بطاقات الائتمان أيضاً انخفضت عن الشهر الماضي لتبلغ 10.9 مليارات ريال. تمكنا الأرقام الصادرة من المؤسسة بناء حكم على سلوك المستهلك في المملكة ورغم أن قطاع التجزئة في السوق المالي وقطاع الصناعات والمنتجات الزراعية والغذائية والقطاعات الأخرى ذات الارتباط بالمستهلكين لا يمثلون الصورة الأكبر لسلوك السوق والمستفيدين لكبر حجم الاستثمار غير المدرج في هذا القطاع إلا أن أرقام المبيعات لهذا الربع ستكون محل اهتمام لفهم تغير سلوك المستهلكين خصوصاً قبل البداية لتفعيل التسعير الجديد لأسعار الطاقة والكهرباء بالإضافة إلى بدء تفعيل حساب المواطن، تمثل هذه التغيرات صدمة أخرى للقدرة الشرائية على المستهلك ويتوقع أن يظهر أثرها خلال الفصول المالية الثلاثة القادمة. وسط هذه المتغيرات والتراجع في القدرة الشرائية كثير من الأعمال التجارية المعتمدة على قدرة الأفراد الشرائية ستتعرض لضغوط خصوصاً تلك التي اعتمدت خطط توسع غير مدروسة أو اعتمدت على تمويل عالي ستواجه ضغط في مقبل الأيام وستكافح لتتمكن من المحافظة على أعمالها بهيكل صحي، كنا في السنوات الخمس شهدنا نشاطاً ملموساً في صفقات الملكيات الخاصة والاستثمار المباشر وهي سوق جديدة انطلقت في المملكة ونشطت جراء حجم الأعمال التجارية القائمة، الناشئة أو الجديدة إلا أن ذلك النشاط ساهم في المبالغة في تقييم تلك الفرص أو الحصص المعروضة منها ما ساهم بدوره في رفع سقف القبول لدى المؤسسين والشركاء في التقييم المقدم لهم مقابل الاستثمار معهم وفي أعمالهم وقد تكون النماذج المالية والتوقعات المستقبلية قد ساهمت في ذلك. بالرغم من الصعوبات التي انطلقت بها والمبالغات في تقييم صفقات الملكيات الخاصة إلا أني اليوم وإن كنت أكثر قناعه بأن هذه الضغوط ستخف بعد تلاشي أثر الصدمة أرى بأن الفرصة باتت أكبر لدى المكاتب العائلية والمستثمرين والشركات القابضة ومن يملكون النقد بأن يتجهوا للاستحواذ على كل أو حصص من هذه الكيانات التجارية فلا ركود إلا ويتبعه نشاط وبسبب القلق والرغبة للحصول على النقد أصبح تقييم مثل هذه الأعمال أقل من ما يجب، وهذا يجعل لها فرصة في البقاء وتحمل الأعباء وعائد مجزي حين تعود الحركة الاقتصادية لطبيعتها ففي مثل هذه الظروف تكثر الفرص ويبنى الاستثمار خصوصاً وأن الاستثمار في الملكيات الخاصة كان يحتاج مثل هذه الظروف حتى يعود لمناطق جاذبة ومساعدة لاستقطاب الاستثمارات وكذلك دفع التوسع.
مشاركة :