رفض أوروبي لتلويح لندن بورقة الأمن في مفاوضات بريكسترفض أوروبي لتلويح رئيسة الوزراء البريطانية بورقة الأمن في مفاوضات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، يضاف إلى الخلاف القائم حول فاتورة الطلاق المقدرة بـ60 مليار يورو يتعين على لندن دفعها، مقابل اتفاق مبدئي لدى الطرفين على ضمان حقوق المهاجرين الأوروبيين والبريطانيين بالجانبين.العرب [نُشر في 2017/03/31، العدد: 10588، ص(5)]المفاوضات لن تكون سهلة لندن - اضطرت الحكومة البريطانية الخميس تحت ضغط الانتقادات إلى التأكيد على عدم ربط مشاركتها في أمن الاتحاد الأوروبي بالتوصل إلى اتفاق اقتصادي مناسب. وفي رسالة الخروج التي وجهتها الأربعاء إلى رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك، وضعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على ما يبدو استمرار التعاون على الصعيد الأمني في ميزان المفاوضات. وربطت ماي بين التعاون على الصعيد الأمني والتوصل إلى اتفاق إثر مفاوضات خروج المملكة المتحدة من التكتل بقولها “إذا خرجنا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق فسنكون خاضعين لقواعد منظمة التجارة العالمية، وعلى الصعيد الأمني، فإن عدم وجود اتفاق سيعني إضعافا لتعاوننا في مكافحة الجريمة والإرهاب”. وكتبت “فيما يواجه الأمن في أوروبا اليوم ضعفا لم يعرفه منذ نهاية الحرب الباردة، سيكون إضعاف تعاوننا من أجل رفاهية مواطنينا وحمايتهم خطأ مكلفا”. إلا أن كبير مفاوضي البرلمان الأوروبي في محادثات بريكست غي فيرهوفشتات رفض هذا التهديد المبطن. ورد قائلا “أمن جميع المواطنين من الخطورة والأهمية” بحيث لا يمكن أن يكون “موضوع مساومة”. وشددت الصحف البريطانية على صدر صفحاتها الأولى على صعوبة الربط بين المسألتين، فقد عنونت “الغارديان” “الاتحاد الأوروبي يوجه تحذيرا: لا تقوموا بابتزازنا”. وكتبت “التايمز” “ماي تهدد ميثاق الاتحاد الأوروبي حول الإرهاب”، أما “صن” فكتبت بأسلوب اتسم بالمزيد من الدرامة “أموالكم أو حياتكم”، وأضافت في عنوان فرعي “تاجروا معنا نساعدكم في التصدي للإرهاب”. لكن الحكومة البريطانية نفت أي محاولة للابتزاز. وقال الوزير المكلف التفاوض حول بريكست ديفيد دافيس عبر هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) “ليس الأمر تهديدا، إنه استنتاج مفاده أن عدم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين سيضر بكليهما. إنها حجة تفاوضية”. وحاول وزير بريكست ديفيد دافيس صباح الخميس أن يخفف من حدة الجدال، فأكد أن كلام ماي “لم يكن تهديدا” بل “حجة للتوصل إلى اتفاق”. وشدد على القول إن المملكة المتحدة لن تبقى في غياب اتفاق عضوا في الشرطة الأوروبية (يوروبول) الذي يسهل تبادل المعلومات بين أجهزة الشرطة الوطنية. ويؤكد خبراء أن حجة الأمن ورقة رابحة جدا للندن في هذه المفاوضات. فبريطانيا هي أحد أكبر المساهمين في (يوروبول) ولديها خبرة كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب. وحرصا منها على طمأنة حلفائها الأوروبيين حول النوايا البريطانية الحسنة، كتبت رئيسة الوزراء البريطانية الخميس مقالة نشرتها سبع صحف أوروبية وكررت فيها الأمور الأساسية في الرسالة الرسمية للخروج من الاتحاد الأوروبي، مؤكدة الإرادة البريطانية بالبقاء عنصرا فعالا وازنا في أوروبا. ويبدو أن مفاوضات الخروج مع الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لن تكون بتلك السهولة التي يتوقعها أنصار الانفصال. فقد أعلنت ماي أنها تريد توقيع “شراكة وثيقة وخاصة تشمل تعاونا اقتصاديا وأمنيا”. كما طالبت بأن تتم مفاوضات بريكست بالتوازي مع الاتفاق الجديد الذي سيربط بين بلادها والاتحاد الأوروبي. إلا أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رفضت الطلب وشددت قبل كل شيء على “ضرورة توضيح كيفية فك” الروابط التي نسجت على مدى 44 عاما. وكذلك سار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على المنوال ذاته، حيث أكد على ضرورة اتفاق بريطانيا على شروط انسحابها من الاتحاد قبل بحث الدول الأعضاء مسائل أخرى معها على غرار الاتفاقات التجارية. وأضاف الرئيس الفرنسي “علينا أولا أن نبدأ في بحث آليات الانسحاب، خصوصا على مستوى حقوق المواطنين والواجبات المنبثقة من الالتزامات التي قطعتها المملكة المتحدة”، ثم “استنادا إلى التقدم المنجز” يمكن فتح “مباحثات بشأن إطار علاقاتها المستقبلية استنادا إلى رسالة توسك ”. وتتوجه ميركل الخميس إلى فاليتا للمشاركة في مؤتمر الحزب الشعبي الأوروبي الذي يضم الأحزاب المحافظة. وسيكون ذلك مناسبة لعقد أول لقاء بين الأوروبيين بعد بدء بريكست، بما أن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ورئيس المفوضية كلود يونكر ورئيس الوزراء الإسباني راخوي سيحضرون الاجتماع. وسيعرض توسك الجمعة مقترحات حول “توجهات المفاوضات” التي ستحدد بشكل عام الخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها على صعيد الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاق حول خروج بريطانيا. وسيتم عرض هذه المقترحات على قادة الدول الـ27 الأعضاء خلال قمة في بروكسل في 29 أبريل. وفي هذه الأثناء، يصوت البرلمان الأوروبي خلال جلسة بحضور كامل الأعضاء في 5 أبريل في ستراسبورغ على نص مفاده “أنه لا يمكن إبرام اتفاق حول العلاقات المقبلة إلا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”. وقبل أن يبدأ الأخذ والعطاء بجدية، من المتوقع أن يحاول الطرفان تسوية قضيتين الأولى حجم ما تدين به بريطانيا للاتحاد والثانية الوضع المستقبلي لمواطني بريطانيا الذين يعيشون في الاتحاد الأوروبي ومواطني الاتحاد الذين يعيشون في بريطانيا. وتقول ماي إنها تريد تسوية القضية الثانية في أوائل المحادثات وربما تواجه صعوبات في القضية الأولى لأن بعض النواب المؤيدين للانفصال لا يعتقدون أن على بريطانيا أن تدفع شيئا على الإطلاق، بل إن أحد النواب أشار إلى ضرورة تذكير ألمانيا بإلغاء بعض ديونها عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. وإذا كانت ماي وبروكسل مستعدتين للتوصل إلى اتفاق سريع حول حقوق المهاجرين الأوروبيين، فإن فاتورة الخروج المقدرة بما بين 55 و60 مليار يورو، التي تطلبها بروكسل من لندن، يمكن أن تشكل نقطة خلاف قوية. وقالت ماي أنه “ليس هناك طلب رسمي”، مضيفة أن بلادها “ستحترم التزاماتها”.
مشاركة :