والله حرام.. دي مصر "حلوة الحلوات" ـ

  • 3/31/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ساقني الحظ لزيارة عروس البحر المتوسط، لأول مرة منذ سنوات، لحضور أحد المؤتمرات في مكتبة الاسكندرية. انتهزت الفرصة وقررت مغادرة القاهرة قبل المؤتمر بعدة ساعات وقلت لنفسى فرصة "أغير جو" وأشم "شوية هوا" قبل "الرسميات".. وبالمرَّة أخذ كام صورة أمام بعض المعالم الأثرية الرائعة مثل قلعة قايتباي. لم أصدق هذا الجمال والروعة، وأحسست أنني في عالم آخر، بعيد تماماً عما يمارسه كثيرون منا من تشويه مقزِّز ومتعمد، ولم أصدق أن هذه هي الإسكندرية التي تعاني خاصة في فصل الصيف من أبشع حملة انتقام على يد مرضى نفسيين لا يعرفون قيمة الحفاظ على منظر جميل على الأقل. وما إن وضعت بعض الصور علي موقع "التواصل الاجتماعى" الخاص بي، حتى فوجئت برسائل ومكالمات من بعض الأصدقاء بيسألونى بانبهار: هو انتي سافرتي بره مصر؟ بالطبع لست خارج مصر، ولكنني "وحياة سيدي البرطوشي" في قلب المدينة/العاصمة الثانية للبلاد، ويبدو لأننا لم نكن معتادين على رؤية هذه الروعة، فلا نصدق أنفسنا، وهكذا وجدت نفسي أدور في علامة استفهام كبيرة، تتمدد بطول الكورنيش، وتتسع لشاطئ البحر، وملخصها: هل وصلنا لهذه الدرجة المريعة من اللامبالاة بما نمتلك من إمكانيات، لا نستطيع الحفاظ عليها ونساهم بأيدينا في تشويهها وتدميرها؟ الإجابة المخجلة: نعم. غالبية سلوكياتنا العامة تصل حد الفوضى، مجرد استعادة مشهد واحد من مشاهد التخريب والتي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في الصيف الماضي على سبيل المثال، تكشف معنى "التاتش الهباب" الذي نفعله بأيدينا، وتفضح كم الهمجية التي نتعامل بها مع كل ما هو جميل لدينا.. ودون أن نخجل من أنفسنا نهيم غراماً بما يحدث في بلاد "الخواجات"! للأسف الشديد، نحن شعب يتفاخر دائما بإنجازات "أجداده القدماء" دون أن نقدم ما يمكن أن يتباهى به أبناؤنا وأحفادنا في المستقبل. نتباهى بأن لدينا "ثلث أثار العالم" و"نهر النيل" ومع ذلك لا نستطيع أن نحافظ على هذا التراث وهذه الكنوز. وتحولنا في غفلة من الزمن، وتحت وطأة عوامل عديدة، إلى أن نكون شعباً يهدم ولا يبني.. يدمر ولا يعمر.. وبتنا شعباً يتقبل أن يصبح أسيراً لعقدة الخواجة، وفي نفس الوقت لديه إصرار غامض ومكتوم على القضاء على كل معالم مصرنا العتيقة.. أقدم حضارة إنسانية على كوكب الأرض والتى سبقت كل حضارات العالم. مشكلة جيلنا أننا لم نتعلم كيف نربي أولادنا على مفهوم "حب مصر" القيمة والتاريخ والحضارة وقصص التحدي، مشكلة جيلنا ـ وربما مشكلتنا نحن أولاً ـ أننا لم نقدم لأولادنا القدوة في سلوكياتنا وأخلاقياتنا الاجتماعية، وتركناهم في مهب الريح عاجزين حتى عن فهم معنى وطن وقيمة حضارة ومتطلبات سلوك قويم. صدقوني.. مصر جميلة جداً، ولا تستحق كل هذا الانتهاك الصارخ الذي نراه في الشارع وفي أبجديات التعامل العادي، ولا يمكن الاستمرار في سياسة إلقاء عجزنا على الآخرين، أو لعن الظروف والعيشة، واللي عايشينها. رجاءً.. فلنرجع إلى سطور التاريخ الأولى ومعرفة كيف بنى أجدادنا هذا البلد؟ وماذا يجب علينا أن نفعله ليتباهى به أولادنا وأحفادنا في يوم من الأيام. ليس معقولاً أن نرث كل هذه المعالم الرائعة، ليأتي متخلف عقلياً ويشوهها بهذه الدرجة التي نراها يومياً في كل مكان. والله حرام.. دي مصر "حلوة الحلوات"!   دينا عبداللطيف باحثة إعلامية

مشاركة :