قال فضيلة د. عيسى يحيى شريف إن الله عز وجل خلق الناس ورغبهم في الإقبال عليه، وحسن الظن به، فهو الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، مسترشداً بما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي). وأوضح د. عيسى في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد علي بن أبي طالب بالوكرة أن الله تعالى هو القوي الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، والكريم الذي لا يفقره عطاء، ولا ينقص ملكه جود، لافتاً إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم :(يد الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار) أي: لا ينقصها ما يصب من الرزق على عباده في الليل والنهار. حسن الظن بالله وأضاف: إن حسن الظن بالله تعالى من أسس الإيمان، الذي نتعلمه من سيرة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، فنبي الله إبراهيم عليه السلام قال وهو خارج من بلده: (إني ذاهب إلى ربي سيهدين). فظن عليه السلام بربه أحسن الظن؛ أنه سبحانه سييسر له أمره، ويهدي له قلبه، فكان له ما أراد. وعندما وصل نبي الله موسى عليه السلام وقومه إلى ساحل البحر، وأدركهم فرعون، ونظر كل فريق إلى الآخر، وخاف أصحاب موسى وقالوا:( إنا لمدركون). قال موسى عليه السلام بكل ثقة وإيمان وبكل عزم وحسن ظن بربه تبارك وتعالى: ( كلا إن معي ربي سيهدين). فأحسن الظن بأن الله عز وجل سينجيه، ويفرج كربه، وكانت النتيجة هي النجاة، قال تعالى: (وأنجينا موسى ومن معه أجمعين). الأسوة الحسنة ولفت د. عيسى إلى أن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، فقد كان يذكر من حوله بحسن الظن بالله تعالى، فحين قال له أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهما في الغار: لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا. فقال صلى الله عليه وسلم له: (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما). :(فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها). وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ما أعطي عبد مؤمن من شيء أفضل من أن يحسن بالله ظنه، ولا يحسن عبد مؤمن بالله ظنه إلا أعطاه ذلك، فإن كل الخير بيده سبحانه. وتساءل خطيب مسجد علي بن أبي طالب: متى يكون حسن الظن بالله تعالى؟ وأجاب: إن الإنسان يحسن الظن بربه دائماً، وفي كل حال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه متى ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم). اليقين بالإجابة وأوضح أنه من حسن ظننا بالله أن نوقن بالإجابة عند الدعاء، والقبول عند التوبة، والمغفرة عند الاستغفار، تمسكاً بصادق وعده عز وجل، فإنه عند ظن عبده به، فإن رجا رحمة الله وخيره فله ذلك، فمن ابتدأ عملاً، أو باشر أمراً، فليتفاءل بالخير ويحسن الظن بأن الله تعالى سيفتح له أبواب فضله، وينعم عليه من كرمه، فحسن الظن يكون في كل شيء لتكون النتيجة مبشرة بالخير من الله عز وجل. ولفت الخطيب إلى أنه في المواقف الصعبة تتجه القلوب إلى خالقها، الذي يعلم حالها، ولا يخفى عليه شيء من أمرها، وحسن الظن بأن الله سيفرج الكرب، داعيا إلى التضرع إليه سبحانه وتعالى بالدعاء، وقلوبنا موقنة بأنه عز وجل سيستجيب الدعاء، ويقبل الرجاء، مسترشداً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فإذا سألتم الله عز وجل، أيها الناس، فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة). الاستبشار بالخير ونصح د. عيسى الإنسان بالاستبشار بالخير، مقبلاً على ما ينفعه، وينفع مجتمعه بثقة وإيجابية، وهمة عالية، متفائلاً، مشيراً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل الحسن، لأن حسن الظن من التفاؤل الذي يجعل الفرد قادراً على مواجهة مصاعب الحياة والتحديات، ويدفعه إلى تحسين أدائه في عمله، فيعيش في سعادة مع أسرته ومجتمعه، فهو دائماً يحسن الظن بأن الخير فيما قدره الله تعالى له، وهذا يعزز الإيجابية في حياة الأفراد، فينفعوا أنفسهم وغيرهم. وأكد أن أهم ما نتواصى به تقوى الله عز وجل، وحسن الظن به سبحانه، والأخذ بالأسباب وإتقان العمل، فإن حسن الظن يتطلب حسن العمل، وإن المؤمن إذا أحسن الظن بربه أحسن العمل، والإنسان يقبل على شؤون دنياه وآخرته فيجتهد فيها، ويحسن الظن بالله تعالى ويستبشر بالتوفيق والسداد.
مشاركة :