هو استخف عقله.. وأسقط رشده.. فتصلب التعامل الحسن على صخور الشؤم والنكد.. مؤكد أن كثيرا منّا يتحمل استخفاف الآخر به لأجل ثوابت الإيمان داخله، أو مشاعر معينة، أو اتباع أخلاقياته الصحيحة، أو احترام نفسه فيتكبد العناء جراء ما يحدث ومع ذلك يقاتل ويحاول تجاهل هذا الاستخفاف ليثبت حسن النية. وتبقى داخل المستخف الفوضى من وهم الهزيمة، وتلتف حوله مفردات الاستخفاف، بلا شعور فيسقط. وكم يتيه هذا المستخف بنفسه أولا وبغيره ثانيا إذا رأى التفاف إحباطه، وضعف مواجهته أي موقف حوله. وكم يتشامخ ويعطس زهوا وإعجابا، إذ يتخذ تلك المظاهر الخلابة من الترنح ومن رغباته الخاصة، ويتخذ من إحساسه مقياسا ومعيارا حجة قاطعة على صحة رأيه، وللحكم على قيمة فهم أو قول أو فعل الآخر.. وعند هذا تحدثه نفسه الزاهية بالدخول في المعامع، وتشييد مركز ممتاز فيها يختلب به عقول الخاصة كما اختلب عقول العامة، فهناك يصطدم بهزيمته هو فقط فيخسر الكثير. هنالك تتمزق أغشية كيانه فيدرك حقا أن فكره ما هو، وأنه لا سبيل في الحقيقة إلى تلك المآثر إلا سبيلها المسلوك، ولا باب لها إلا بابها المطروق، فيصبح إما ثائبا إلى رشده راجعا إلى موطن الحق والصواب مقدرا قيمة نفسه، وازنا قدره بميزانه، وإما مذموما مدحورا قانعا بالإخفاق والخيبة والحرمان. ولا عجب فالاستخفاف وأثره يصور للمرء كل شيء مقلوبا يقلب الصور والأوضاع والأشكال والألوان والمشاعر. لكي يرتفع المرء عن الاستخفاف بالآخرين لا بد من استحضار دينه.. قيم الفضيلة.. روح المودة.. وإرادة الثقة، ومساحة التقدير، وعزيمة الصدق وثبات الفكر، ومحاولة الإصغاء، وترويض الذات بصنع مجموعة من الأفعال الإيجابية المختلفة يلمسها طرف ما في الطرف أياً كان. ويبقى القول: لننتبه فقد نفقد الثقة بأسرع مما نعتقد نتيجة لأفعال أو تصرفات نعتقد أنها تافهة أو قد تبدو لنا بسيطة فالثقة الداخلية في مجملها تمنحنا الثقة الخارجية بالمحيط حولنا وتكسّر كل مجاديف العند والاستخفاف بالآخرين. فكونوا دعاة فأل وايجابية.
مشاركة :