يبدأ الناخبون الأتراك المقيمون في الولايات المتحدة اليوم (السبت) الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على تعديلات دستورية تنقل تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، ويجري عليها الاستفتاء داخل تركيا (اليوم) 1 أبريل (نيسان). ويصوت الأتراك في 7 مناطق مختلفة بالولايات المتحدة، وتتوزع مراكز الاقتراع المُعدّة للتصويت في سفارة تركيا في واشنطن، إلى جانب قنصلياتها في ولايات نيويورك، وبوسطن، وميامي، ولوس أنجليس، وشيكاغو، وهيوستن. ويحق لقرابة 100 ألف مواطن تركي مقيمين بالولايات المتحدة، الإدلاء بأصواتهم اعتبارا من اليوم، وحتى التاسع من أبريل الحالي. وتتضمن التعديلات الانتقال بنظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية، ومنحه حق الاحتفاظ بالصلة مع حزبه، وتعيين أعضاء المجلس الأعلى للقضاة، وتعيين الوزراء، وإعلان حالة الطوارئ، وإصدار المراسيم، وحل البرلمان، وزيادة عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600 نائب، وخفض سن الترشح لخوض الانتخابات العامة من 25 إلى 18 عاما. وكان المواطنون الأتراك في أستراليا، بدأوا التصويت على التعديلات أمس (الجمعة) في مراكز التصويت في السفارة التركية بالعاصمة كانبرا، إلى جانب القنصليتين الأخريين في ملبورن وسيدني، ويحق لـ44 ألفا و463 مواطنا تركياَ مقيمين في أستراليا الإدلاء بأصواتهم حتى 9 أبريل. وكان الناخبون الأتراك في ست دول أوروبية بدأوا في السابع والعشرين من مارس (آذار) الماضي الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء الذي يشمل تعديل 18 مادة دستورية من المقرر أن يبدأ العمل بها اعتبارا من أول انتخابات برلمانية ورئاسية في تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. وبدأ المواطنون الأتراك المقيمون في ألمانيا والنمسا وبلجيكا وفرنسا وسويسرا والدنمارك، يتوافدون إلى صناديق الاقتراع في القنصليات والقنصليات العامة والمراكز التي أعلنت عناوينها مسبقاً، في مدن مختلفة في الدول الست، وقد تم إبلاغ المواطنين بها وفق اللوائح الانتخابية التي أعدتها الهيئة العليا للانتخابات في تركيا. ويبلغ عدد الناخبين الأتراك في الخارج مليونين و927 ألف ناخب، يدلون بأصواتهم في مراكز الاستفتاء، في 120 ممثلية دبلوماسية تركية في 57 دولة. وبإمكان المواطنين الأتراك الإدلاء بأصواتهم في مراكز الاستفتاء التي أقيمت على البوابات الحدودية، وذلك حتى الأحد 16 أبريل الحالي، وهو اليوم الذي سيتم فيه التصويت في الاستفتاء داخل تركيا. ويجري التصويت المثير للجدل وسط توتر متزايد في العلاقات بين تركيا وأوروبا، التي يعيش فيها ما يقدر بنحو 2.5 مليون مواطن تركي يحق لهم التصويت. ودفع حظر ألمانيا وهولندا لتجمعات نظمها مسؤولون أتراك للترويج للتعديلات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى وصف قادة أوروبيين، في مقدمتهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بأنهم ينتهجون «أساليب نازية». وتواصلت في داخل تركيا حملات حشد المواطنين لتأييد التعديلات التي لم تخل، حتى الآن، من هجوم على الموقف الأوروبي، وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن اتهام الرئيس رجب طيب إردوغان بالـ«ديكتاتورية» في الصحافة الأوروبية، إنما يرجع إلى عدم سماحه باستغلال موارد البلاد، من قبل الآخرين. وأضاف يلدريم في تجمع جماهيري في ولاية كارض شمال شرقي تركيا في إطار الاستعدادات للاستفتاء على تعديل الدستور، الذي سيلغي منصب رئيس الوزراء في عام 2019 وسيقوم رئيس الجهورية بعد ذلك بتعيين الوزراء ورئاسة اجتماعاتهم، إن تركيا شهدت الكثير من المشروعات العملاقة في عهد إردوغان، منها المطار الثالث في إسطنبول، قيد الإنشاء، الذي يعد من أكبر مطارات العالم، فضلا عن زيادة حصتها في الأسواق العالمية. وأردف: «لماذا تستميت أوروبا من أجل خروج نتيجة (لا) من الاستفتاء؟... لأنهم لا يريدون لتركيا أن تنمو». وحث يلدريم الناخبين على التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء، من أجل تركيا أكثر قوة، ومن أجل نمو أسرع وديمقراطية متقدمة. في سياق متصل، اعتبر وزير شؤون الاتحاد الأوروبي، كبير المفاوضين الأتراك، عمر جليك، أن قرار محكمة العدل الأوروبية الذي يجيز لأرباب العمل حظر ارتداء الموظفات للحجاب، من شأنه أن يوجه أوروبا إلى ممر خطير للغاية، ويخلق أرضية قانونية لظاهرة الإسلاموفوبيا. وقال في كلمة خلال ندوة تعريفية حول تقرير «الإسلاموفوبيا الأوروبية»، الذي أعده «وقف الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي»، أمس إن القرار يعد خاطئا ومثيرا للقلق؛ لأن من شأنه أن يمهد أرضية لتقنين التمييز، وسيؤثر بشكل مباشر على حياة العمل للنساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب في بلدان الاتحاد الأوروبي». ولفت إلى أن ظاهرة «الإسلاموفوبيا» باتت أكثر وضوحاً في الحياة اليومية للمسلمين في أوروبا. وأشار إلى أن الظاهرة خرجت من كونها عبارات كراهية بحق المسلمين فقط، لتتحول إلى شكل من أشكال الاعتداءات الجسدية المشروعة ضد المسلمين في المدارس، وأماكن العمل، والمساجد، والمواصلات العامة والشوارع. وأشار جليك إلى أن أزمة المهاجرين والتهديدات الإرهابية ساهمت في تأجيج تلك المشكلة، وأوضح أن أحد أهم العوامل الرئيسية لتحول الإسلاموفوبيا في أوروبا في الوقت الحالي إلى مفهوم يمكن ترديده بشكل كبير، يتمثل في توجه السياسة الوسطية نحو اليمين المتطرف، وأزمة المهاجرين، والأزمة الاقتصادية في أوروبا، والاعتداءات الإرهابية. كما لفت إلى أن المواطنين الأوروبيين يعتقدون أن بلادهم باتت محتلة من المسلمين جراء توافد اللاجئين. وأضاف أن استطلاعات الرأي أظهرت أن المواطنين الأوروبيين يعتقدون أن عدد المسلمين في بلادهم أكبر بخمسة أضعاف الرقم الحقيقي. وأجازت محكمة العدل الأوروبية، في منتصف مارس الماضي لأرباب العمل، حظر ارتداء الحجاب للموظفات، وغيره من الرموز الدينية، في أماكن العمل. واعتبرت المحكمة في قرارها أن «حظر أصحاب العمل على موظفيهم ارتداء الرموز السياسية والفلسفية والدينية الواضحة في مكان العمل بناء على القواعد الداخلية للمكان، لا يشكل تمييزا». في غضون ذلك، أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الكثير من اللقاءات الثنائية على هامش اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في العاصمة البلجيكية بروكسل مع نظرائه الأوروبيين؛ في مسعى لتخفيف حدة التوتر التي نتجت من التلاسن بين أنقرة وعدد من الدول الأوروبية على خلفية منع أنشطة الدعاية للتعديلات الدستورية. وقال جاويش أوغلو في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع «تويتر»، إنه التقى نظيره الدنماركي كريستيان ينسن، وبحث معه العلاقات الثنائية. وأضاف الوزير التركي، أنه عقد لقاءين منفصلين مع نظيريه المجري بيتر زيجارتو، والنرويجي بورجه برنده، بحث خلالهما العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية. واستضافت بروكسل أمس أعمال اجتماع وزراء الخارجية لدول حلف الناتو، بمشاركة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الذي تم تحويل موعد انعقاده من 5 - 6 أبريل إلى 31 مارس، لإتاحة الفرصة له للمشاركة فيه.
مشاركة :