مكة المكرمة، المدينة المنورة – الشرق حذر إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم المسلمين من مضاراة بعضهم بعضا في دينهم ودمائهم وعقولهم وأعراضهم وأكل أموال بعضهم، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً.. فكيف بما هو أعظم من ذلك وهو اقتتال المسلمين وإهراق دماء بعضهم بعضا بغير وجه حق، والمكر والحسد والغيبة والحقد والنميمة والهمز واللمز والشحناء والبغضاء؟! وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس: إن الشريعة الإسلامية هي شريعة الكمال التي لا يعتريها النقص بوجه من الوجوه، وشريعة الحسن التي لا يشوبها عيب ولا اعتلال. موضحا أن الكلمة الجامعة المختصرة التي يمكن أن توصف شريعة الإسلام بها هي أنها جاءت لتحقق المصالح، وتدرأ المفاسد، وتفتح أبواب الخير، وتغلق أبواب الشر في العقيدة والتشريع، فلا تدع ضرورة من الضرورات الخمس إلا سعت لتحقيق المصلحة فيها ودرء المفسدة عنها في ضرورة الدين وضرورة العقل والمال والعرض والنسب، وتدعو إلى النفع فيهن وتحض عليه، وتمنع الضرر والإضرار فيهن بدفعهما قبل وقوعهما أو برفعهما قبل الوقوع، والدفع في الشريعة الإسلامية أولى من الرفع، والوقاية خير من العلاج. وبين الشريم أن كل أمور الدين والدنيا ترجع إلى أحد هذين الأصلين العظيمين؛ حيث أحاطتهما الشريعة الإسلامية بسياج منيع يحمي الأمة فردا وجماعة من الوقوع في شركهما أو الالتياث ببعدهما؛ لذلك جاء من مشكاة النبوة ما يدل على منعهما والنهي عن مقاربتهما فضلاً عن الوقوع بهما. وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن أهل العلم اتفقوا على قاعدة مشهورة كبرى تعد قواما في الفقه وحفظ الشريعة، وهي قاعدة «الضرر يزال»، والضرر والضرار ممنوع كليهما، فإذا تحقق أحدهما أو كلاهما في أمر وجب إزالته إن وقع أو دفعه قبل وقوعه، وقد رتب الشارع الحكيم الأجر والمثوبة. وقال إن سماحة الإسلام وعدله أوجبت ألا يدفع الضرر بضرر أعلى منه ولا المنكر بمثله ولا بأنكر منه، وإذا تزاحمت الأضرار في الأمر الواحد فيرتكب الضرر الأصغر لتفويت الضرر الأكبر، ويعد ذلك من تمام الحكمة والعدل والمنطق، مثلما أنه ينبغي تحصيل أعلى النفعين كذلك ينبغى درء أعظم الضررين. وأكد أنه مهما كانت العقول البشرية من النضج والتفكير والمعرفة، لن تستطيع أن تأتي بأكمل وأتقن وأعدل من هذه القاعدة الشرعية العظيمة، مرجعاً ذلك إلى أن العقول مهما كبرت فهي صغيرة أمام علم الله وحكمته، والأفهام مهما اتسعت فهي ضيقة أمام إحاطة الله تعالى بكل شيء. وفي المدينة المنورة تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور علي الحذيفي عن كثرة أبواب الخير وطرق الأعمال الصالحات، وقال: ليدخل المسلم من أي باب شاء ويسلك أي طريق من طرق الطاعات حتى تصلح الدنيا له ويسعد في حياته وينال النعيم المقيم في أخراه، قال الله تعالى: (فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً إن الله على كل شيء قدير)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ «ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل. ثم تلا (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً). ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه، قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله». وبين أن من أبواب الخير وطرق الطاعات ومن الأسباب لمحو السيئات، الاستغفار؛ فهو سنة الأنبياء والمرسلين، قال جل من قائل عن أبوي البشر (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين). وعن نوح -عليه السلام- (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين المؤمنات). وأوضح أن من هدي النبي -صلوات الله وسلامه عليه- كثرة الاستغفار رغم أنه غفر له من ذنبه ما تقدم منه وما تأخر، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال (كنا نعد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد مائة مرة «ربي اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم»)، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول قبل موته «سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه». وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ما رأيت أحداً أكثر من أن يقول «أستغفر الله وأتوب إليه» من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وقال: إن الاستغفار دأب الصالحين وعمل الأبرار المتقين وشعار المؤمنين، قال تعالى عنهم: (ربنا فاغفر لنا ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار)، مشيراً إلى أن الاستغفار هو طلب المغفرة والعبد أحوج إليه؛ لأنه يخطئ بالليل والنهار، وأن ذكر التوبة والاستغفار قد تكررا في القرآن في الأمر بهما والحث عليهما، مؤكدا أن طلب المغفرة من الله تعالى قد وعد عليه بالاستجابة والمغفرة.
مشاركة :