يوم تنصيب دونالد ترامب رئيساً في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي كان الجو ملبداً بالغيوم، ونزل المطر على الناس وترامب يلقي قَسَم الرئاسة. هو قال للذين حضروا العشاء الرسمي في المساء أنه انتظر المطر فلم يأتِ، والله منعَ المطر على خطابه، وتحدث في اليوم التالي أمام موظفي سي آي أي عن شمس مشرقة يوم تنصيبه. آخر ما عندي عن الرئيس ترامب أنه أصدر أوامر إدارية عدة، أهمها إلغاء مقاومة ارتفاع حرارة المناخ وقرارات كثيرة أخرى للرئيس السابق باراك أوباما. بين هذا وذاك أصدر قراراً بمنع دخول المهاجرين من دول مسلمة، ونقضته المحاكم، وأصدر قراراً ثانياً مخففاً ونقضته المحاكم أيضاً، وهو الآن في سبيل إصدار قرار ثالث. هو دخل في حرب مع الاستخبارات، وأنكر علاقته بروسيا وتدخّل روسيا في انتخابات الرئاسة الأميركية ولا يزال، مع أن الأدلة على العلاقة لا تكاد تحصى، بل إنه طلب من لجنة الاستخبارات في الكونغرس أن تحقق في علاقة بيل وهيلاري كلينتون مع روسيا. فوكس نيوز قالت في نهاية الأسبوع الماضي أن دونالد ترامب قضى السبت والأحد في العمل في البيت الأبيض. الحقيقة أن الرئيس زار نادي ترامب للغولف وشوهد في ثياب اللعب، وأنه زار برج ترامب الأحد وتناول العشاء مع ابنته إيفانكا وزوجها اليهودي الأرثوذكسي جاريد كوشنر. النقطة الأهم في كل ما سبق أن الرئيس ترامب قال أنه أمر وزارة الأمن الداخلي أن تدقق بشدّة في أوراق اللاجئين الوافدين على الولايات المتحدة إلا أن المحاكم وقفت ضده ما يجعل مهمته صعبة للغاية. ما يريد أن يقول ترامب أنه في أي إرهاب محتمل تتعرض له الولايات المتحدة في المستقبل سيقع الذنب على المحاكم، أي المدعين والقضاة، لأنها لم تتجاوب مع طلبه حماية البلاد من إرهابيين محتملين. أعتقد أن دونالد ترامب وأركان الحكم حوله يضحكون على أنفسهم قبل أن يضحكوا على المواطنين، والنتيجة أن استطلاع رأي الناس في الرئيس الجديد يُظهر تراجعاً أسبوعاً بعد أسبوع، وهو الآن 36 في المئة أي أقل من أي أسبوع لأوباما على امتداد ثماني سنوات له في الحكم. ترامب بدأ يخسر المستقلين والجمهوريين. بل خسر أيضاً بين البيض الذين يذهبون إلى الكنيسة فقد هبط تأييدهم له إلى ما دون 50 في المئة. أما غير المتعلمين الذين انتخبوه فهبط تأييدهم له من 48 في المئة إلى 42 في المئة. لا أعرف كيف سينجو دونالد ترامب من تبعات أقواله وأفعاله. مايكل فلين، مستشار الأمن القومي، استقال بعد 24 يوماً فقط في العمل لأنه كذب على الكونغرس. وهناك طلب من 23 مواطناً للتحقيق مع المدعي العام (وزير العدل) جيف سيشنز لأنه قال في الجلسات لتثبيته في العمل أنه لم تكن له علاقات مع الروس وتبيّن أنه كذب. الآن سيمثل زوج ابنة الرئيس كوشنر أمام الكونغرس للتحقيق معه في علاقاته الروسية. أعتقد أن العلاقات مع روسيا ستكون أكبر تحدٍّ لرئاسة ترامب، وهناك الآن مطالب بعزل النائب ديفين نونز، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، عن رئاسة التحقيق في علاقات ترامب ورجاله مع روسيا. نونز كان في فريق نقل السلطة، وهو متطرف في تأييد ترامب، وقد ثبت أنه زار البيت الأبيض سراً ليطلع على ملفات استخبارات تزعم أن الروس تجسسوا على ترامب. الولايات المتحدة بلد عريق في صيانة الحريات، ويُفترَض أن يكون الحكم فيه للقوانين لا الرجال، إلا أن دونالد ترامب لا يفهم هذا أو لا يريد أن يفهمه. ثمة إجماع في الميديا الأميركية التقليدية، خارج يمين اليمين وليكود إسرائيل، على فشل المئة يوم الأولى لدونالد ترامب في الحكم، مع أن هناك 30 يوماً آخر قبل اكتمال المئة. أقول أن الرئيس الأميركي سيدفع ثمن حمقه وتجاوزاته وكذبه في التحقيق عن علاقته مع روسيا.
مشاركة :