فنجان قهوة و سيجارة

  • 4/2/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كانت من النساء اللواتي تولعن بالسيجارة, فكانت تهرب اليها من هموم الدنيا و من ضغوطات العمل ومن توهانها الغريب, فما ان تستيقظ تصنع لنفسها فنجان القهوة المرة و تشعل سيجارتها من دون أن تأكل ولا حتى قطعة صغيرة من الطعام ..وكأنها في كل ليلة تغفو على عجلة من أمرها الى حين اشعالها, بعد أن كانت تهرب من الحياة الى النوم ...أصبحت تهرب منها الى تلك السجائر اللعينة ,التي تستهلك من عمرها يوما بعد يوم الى حين انتهائها , وكانت تدري بأنه سيأتي ذلك الوقت الذي تطفأ فيه في منفضة السجائر و تصبح ذكرى سيجارة قد تم استهلاكها و استخدامها لسنوات فقط ,ولكنها كانت تتجاوز ذلك الواقع و تستنكر حصوله, تجلس مع نفسها متأملة ببرنامج صباحي مختص بالأزياء وبالمواضيع النسائية المختلفة ,لكنها لا تشاهد شيئا منه , تسرح في خيالها و تستذكر أشخاصا قد غابوا عن تفاصيل حياتها فجأة , سائلة نفسها ما أحوالهم و هل هم بخير الآن ؟هل يتذكرونني بأني ما زلت على قيد الحياة ؟ تسرح في خيالها عن مواقف حصلت في اليوم السابق, تسرح بكل كلمة أثارت في نفسها الفضول , وتبدأ بربط الأحداث رويدا رويدا الى أن تصل الى نتائج و نوايا قد خُفيت ما وراء الكواليس لشيء في نفس يعقوب , تسرح في طموح يسابق الوقت للوصول مبكرا, قبل ان تكبر في العمر عاما آخر , تسرح في مستقبل مكتمل الزوايا , مستقبل سعيد ,مكلّلٌ بالنجاح ,لا شيء ناقص,ولا حتى أشخاص ,تسرح في صحة أمها التي تراها تكبر في العمر أمامها يوما بعد يوم ولا بيدها حيلة,تتمنى ايقاف الزمن لتبقى امرأة جميلة مستقلة بكامل قوتها ,ولكن هذه هي الحياة , هي فترة مؤقتة فقط منحنا اياها رب السماء لنجرب شعور القلب النابض , ونختبر شعور الحب و الفراق و الألم و الوجع و السعادة , ولنتيقين بأن كل شيء بثمن و له مقابل ,و ان أخذنا شيئا منها تأخذ منا أشياءا أكثر ,هذه المرأة زاهدة بكل ما حولها ,لا تريد شيئا,ولا تتمسك بشيء ,ولا تربط مصيرها بشيء أيضا , اليوم قد خسرت في مزاد الحياة معظم مصادر الفرح لديها , وما بقي منها الا ذلك الفنجان و تلك السيجارة,فقط .فرح العبداللات

مشاركة :