لا يوجد أجمل من البدايات، مهما كانت بسيطة أو خجولة، ومهما تعرضت للتشكيك أو التعريض، ومهما تعثرت بدروب الفشل أو اصطدمت بصخرة المستحيل، فهي -أي البدايات- من تُحدد بوصلة الفرح. "سحر الكرة"، كان مقالي الأول الذي دشن دخولي عالم الكتابة الصحفية الاحترافية، كان ذلك قبل أكثر من عقد من الزمن. ويبدو أن "سحر الكتابة" قد تغلّب على الساحرة المستديرة التي تعشقها المليارات من البشر، لأجدني في ورطة جميلة مع هذه الحرفة المضنية حدّ الألق. لست بصدد الكتابة عن "الكتابة"، وهي الحرفة الأصعب في التاريخ باستثناء صيد التماسيح، كما كان يُردد دائماً الشاعر السوري عادل محمود. يعيش الوطن، كل الوطن فرحة عارمة لا مثيل لها على الإطلاق، فرحة توزعت بالتساوي على كل الشفاه والقلوب والأرواح التي تنبض بعشق هذه الأرض الملهمة، فرحة رسمت كل ملامح الحب والتوحد والالتفاف، فرحة اختصرت كل الألوان والأطياف والميول في لوحة كبيرة، عنوانها "عشق وطن". يبدو أن كرة القدم، ليست مجرد مستديرة مصنوعة من الجلد، يتناوب اللاعبون ركلها، ولكنها طاقة هائلة تضخ الحقيقة في شرايين الأمل، وشحنة نفسية ملهمة تصنع ثقافة الانتصار. كرة القدم الآن، منظومة صناعية متكاملة لها أدواتها وآلياتها ومقوماتها وإنجازاتها. عالم المستديرة، مدرسة مكتملة الأركان، دروس وعبر، فوز وخسارة، منافسة وتفوق، التشبث بالأمل والتفاؤل رغم الأزمات والتحديات، تضحيات وإنجازات. مونديال روسيا ٢٠١٨، هو الحلم الأكثر زيارة في نوم ويقظة وطن شاب، يطمح بتصفح "ألبوم الفرح" مرة خامسة. التأهل لكأس العالم في روسيا ٢٠١٨، هدف وطني كبير، وحد كل الجهود والتوجهات والقناعات، من أجل أن يُرفع علم الوطن خفاقاً في أهم تظاهرة رياضية وحضارية، ينتظرها العالم كل أربع سنوات. الأخضر في طريقه للتأهل، لأنه يستحق ذلك، ولكن ثمة ما يستحق الوقوف عنده كثيراً نتيجة هذه الملحمة الوطنية الرائعة، وهي "الوقفة الوطنية" الصادقة لكل مكونات وتعبيرات الوطن. حلم الوصول إلى كأس العالم، وحّد كل أصواتنا وانتماءاتنا وقناعاتنا وطموحاتنا وتطلعاتنا، أكثر بكثير من كل تلك القصائد والأغاني والكتابات، وهنا يكمن "سحر الكرة"، بل والرياضة بشكل عام، حينما تُستثمر بذكاء واحترافية، ستصل إلى مونديال روسيا ٢٠١٨، بل إلى ما هو أبعد وأهم من ذلك بكثير.
مشاركة :