بين ديمقراطيتين | أ.د. سالم بن أحمد سحاب

  • 5/3/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في كوريا الجنوبية استقال رئيس الوزراء (جونغ هونغ وون) على خلفية حادثة غرق عبّارة بحرية في جنوب البلاد، مما أدى إلى مقتل أكثر من 187 شخصاً غرقاً. الاستقالة قُدمت طوعاً لا كرهاً مشفوعة باعتذار عميق وشديد لأسر الضحايا، مع تحمل كامل للمسؤولية بسبب عجز الحكومة عن منع وقوع الحادثة واتخاذ التدابير الأولية اللازمة. هذا هو (النسق) الديمقراطي الحقيقي الذي لا يعفي المسؤول الأول عن المشكلات التي تصيب البلاد مهما بدا أنه بعيد عنها، ومهما بدت غائبة عن خارطة المسؤوليات التي يتولاها. وكوريا الجنوبية لم تعد دولة على الهامش، بل هي من أكثر الدول الصناعية تقدماً، إذ غزت بمنتجاتها معظم أرجاء البسيطة. ولذا فرئاسة الوزراء هناك منصب رفيع لا يُبلغ إلا بشق الأنفس، ولا يبلغه إلا المستحق له الجدير به الحائز على رضا أغلبية الحزب الفائز. بالنسبة للسيد (وون) هي عملية انتحار سياسي، إذ غالباً سيتوارى عن الحياة العامة، وربما انتهى به الحال أستاذاً في العلوم السياسية في إحدى الجامعات الكورية، وهو بلا شك موقع أقل من طموحات رجل نشط يهوى العمل السياسي ويعشق القيادة في أعلى رتبها. لكن حياة الناس أغلى وأثمن من أي مكتسب سياسي. وفي المقابل نرى المشهد العراقي المؤلم الكسيح الذي يتربع عليه نوري المالكي الذي قضى في عهده ألوف الأبرياء تفجيراً وقتلاً وتعذيباً، والذي تمتلئ سجونه بعشرات الألوف من سُنَّة العراق الأباة الكرماء. ومع ذلك لم تهتز له شعرة ولم يزدد لحب السلطة إلا شهوة. مضت فترتان ويريد الثالثة حتى ينهي المهمة المكلف بها من أسياده في قم وطهران، مهمة تحويل سُنة العراق إلى فئة مستضعفة جداً، وبائسة جداً، وفقيرة جداً.. ربما حتى تنقرض أو تتلاشى بفعل التصفيات المستمرة المتكررة كل يوم لأهل السنة الغلابى. لو كان لدى نوري المالكي ذرة من حياء لما استمر يحكم العراق كل هذه السنوات، بل ويريدها فترة ثالثة، فلا سجله الدموي ولا أداؤه السياسي والاقتصادي يبرر وجوده واستمراره، ولا المنطق والحكمة تستدعي بقاءه. مفارقة عجيبة.. شفافية ومحاسبة في كوريا الجنوبية، وصفوية وإراقة دماء في العراق. salem_sahab@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :