المسألة ليست تنظيراً، ولا شعارات وأدبيات، وأخلاقيات فحسب، بل واقع ملموس حقيقي نراه ونرصده كل يوم... الذين قدّر لهم أن يتولوا أمراً تقوم عليه حاجة الناس من تعيين أو تدريس أو إدارة أو إجراء معاملات أو حجز مواعيد أو النظر في طلب؛ وزراء ومعلمون وأطباء ومديرون وموظفون ورؤساء.. كل من يسّر على الناس حاجاتهم وعد الله جل شأنه، ووعده الصدق بأن ييسر عليه أمور حياته كلها، ويكون، عز وجل إلى جواره عوناً له، ومن يفوق عون الله وقدرته!!!! جاء في الحديث الشريف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يسر على معسرٍ؛ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه». وفي مقابل الوعد بالتيسير جاء الوعيد الشديد بإحلال المشقة والهم وتعاقب الأزمات والكربات لكل من في مقدرته التيسير على الناس لكنه آثر أن يشق عليهم. جاء عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً، فشق عليهم، فاشقق عليه». لا توجد عقيدة رغبّت في تيسير أمور الخلائق، وتقديم العون لهم، بمثل عقيدة الإسلام، بل جعلت مجرد السعي في حاجة الناس تفوق أعظم العبادات، وهي دليل حب الله الأعظم «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْناً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ شَهْراً». إن هطول النعم على كثير من الناس وانفتاح أبواب الرزق لهم على مصراعيها، ومن حيث لا يحتسبون، لهو يعود في كثير من الأحيان إلى منفعة قدموها إلى عباد الله خالصة لوجهه عز وجل. جاء في الحديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَاماً اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ»... إذا جاءت إليك حاجة لأحد فلا تتضايق، وافرح، وأنت على يقين بأن الله أراد أن يجعلك في آمان من العذاب لذلك ساق حاجات الناس إليك خصيصاً، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: »إن لله تعالى عباداً اختصهم بحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك هم الآمنون من عذاب الله».. لا تتبرم من اتصال فيه طلب بقضاء الحاجة، أو زائر يلتمس عونك في ضائقة، أو رسالة ممن يتوسل إليك تقديم مساعدة.. وتأكد أن الله طرح في قلوب خلقه توسماً فيك، دون الآخرين، وثقة، وحباً، هو امتداد لحب الله لك من أن يمسك عذابه يوم القيامة، حب الله لك بأن يخصك بالنعم التي وعد بمنحها لمن سعى في حاجات الناس... فأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وإذا أحب الله العبد جعل قضاء الحوائج تجري على يديه... كم من عقيم لسنوات وهبه الله، رغم أنف الطب والعلم، البنين والبنات، وكم من فقير معدم فجر الله له الأرض ينابيع الرزق حيثما كان، وكم من محروم رزقه الله فوق ما يتمنى، وكم من مهموم فرج الله كربته وملأ قلبه فرحاً وسعادة.. عندما يهرع الناس إليك لطلب الحاجة، فافرح أشد الفرح لأن الله يحبك ويريدك أن تكون في قافلة الآمنين من عذابه...
مشاركة :