أمير تاج السر: نعم تركت أشخاصاً أحبهم وما نفتقده لا نعثر عليه دائماً

  • 5/3/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في عتمة المكان كان هناك مصباح معلق يهتز به النور كلما اهتز البوح بداخل كلمة تكتب بصدق حتى إن كانت متألمة.. في العتمة التي تحيط بالمكان أخذت أعيش انعتاقة من سطوة الأسئلة إلى تحرر الكلمات حينما تتناثر فوق الورق بعفوية بالغة وكأنها تقول « هذه أنا «.. هذه العتمة.. وتلك العتمة التي كانت تسكنني لتأخذ بيدي إلى طريق هذه الصفحة التي كم تألمت معها وكم ابتسمت من أجلها.. ثم وفي كل مرة كان هناك دائما شيء يأخذ كل الحروف ليصيغها غناء خاصا في الروح... هذه الليلة... كم اشتهيت أن أجيب أنا عن كل الأسئلة وأن أترك للسر أن يبوح بكل الأسئلة التي بداخله، فقد بدا ذلك الأمير متمرساً على اعتاق المفاجأة من السؤال.. معتادا أيضا على الحكاية الطويلة التي يقولها وكأنه يقضي وقتا ممتعا مع صديقه المقرب حينما يلتهم معه رائحة الفنجان .... لست أعلم.. هل كان ذلك الأمير هكذا؟! أم أنني من أصبحت مثقلة بكل ذلك البوح الذي جمعته بداخلي من هنا حتى أصبح يؤثث بداخلي كل الأسرار ليقص لي في كل ليلة أمسك فيها بيد النجوم حكاية واحدة لعبارة تفعل بي كل ذلك السحر والتوق وربما الكثير من الدهشة والحزن. البسطاء لا يملكون مايخافون من ضياعه لذلك ينامون بعمق هنا يدخل الروائي والشاعر السوداني الدكتور «أمير تاج السر» المكشوف.. حتى يجيب عن أسئلة المكشوف وليقول لي: كيف من الممكن أن نشفى من كل الحواجز التي بداخلنا؟ كيف نشفى من آلام القلب وربما من جميع الكذبات التي لفقتها الحياة في دفاترنا ... هنا أحاوره ككاتب وشاعر.. وهناك يجلسني على مقعد» الوجع» كطبيب متمرس فأقول له: صف لي علاجاً لبرد الروح وحزن القلب؟ فيقول لي: لم يسبق لي أن كتبت مثل تلك الوصفة .. ولن أكتب. ولن تجدي ذلك عند غيري.. فجميعنا نعاني ذلك الزكام وذلك الألم في الروح هو مصيرنا.. هنا يأتي أمير تاج السر ليدخل المكشوف بذاكرة زاخرة بأسماء وأمكنة ووصفات علاجية وبحبر ولكن جميع ذلك لقلب واحد عشق مرات عديدة حتى اختار أن يصنع مقعده في الحياة، تلك الحياة التي قادته إليه محفوفاً بالحب والصفاء.. أمير الذي تقلد تاج السر منذ الطفولة يقول «وحدهم البسطاء لا يخافون لأنهم لا يملكون الكثير ... عد الشخصيات * في أماكن مختلفة من الحياة نلتقي بأنفسنا، بشخصيات هي نحن.. نعرف بعضها ونجهل البعض الآخر منها.. ونبقى في ذلك المسار، ومهما مشينا طويلا وكبرنا. نقع في دائرة الدهشة حينما نجد بأننا وجوه عدة لقلب واحد . كم "أمير" موجود بداخلك؟ وأي الدروب التي مشيتها في الحياة ثم اكتشفت من خلالها أكثر من "أمير" في أمير واحد؟ - حقيقة لم أنتبه لذلك من قبل ولم أعد تلك الشخوص التي تسكنني، لكن بالقطع هناك شخصيات متعددة لكل منا، يرتدي إحداها في الوقت الذي يناسبها، وقد كتبت في روايتي اشتهاء الصادرة عن الساقي، كيف أن حورية مصلح حين سحرت الغريب، امتلكت أصواته كلها، فكانت توزعها له، حسب الموقف: صوت الرجولة القاسي، صوت الحنان، صوت الحزن، صوت الفرح، هكذا. والصوت جزء من الخاصية كما هو معروف. عموما أنا حين أكون في عملي الطبي فأنا الطبيب فقط، بعيدا عن أي تفكير في الكاتب، ولدرجة أن كثيرين ممن يعرفونني كطبيب ويتعالجون عندي لسنوات طويلة، لا يعرفون أنني كاتب، وهناك من يسألني مباشرة عن ذلك الكاتب الذي يشبهني ويحمل اسمي، هل هو من نفس العائلة؟وقد تحدثت مرة عن مهندس مصري يتعالج عندي منذ خمسة عشر عاما، ولمح في قطار متوجه من القاهرة للإسكندرية، فتاة تقرأ إحدى رواياتي، فجاء يسألني إن كان ذلك الكاتب من العائلة؟ وبالرغم من أنني أستوحي بعض الشخصيات من مهنتي إلا أن ذلك الاستيحاء يكون صامتا وغير مباشر. شيء في العقل الباطن، لا أنتبه إليه إلا حين يأتي في رواية. في المقابل تأتي شخصية الكاتب والتي لا تتلبسني إلا حين أكون غارقا في نص أو مسافرا لأشارك في فعالية ما، شخصية الكاتب على عكس شخصية الطبيب، قلقة، مندفعة، كثيرة التوتر، وفي أيام كتلك وبفعل هذه الشخصية، لا أنام جيدا، وتصيبني الكآبة، ترتفع حموضة المعدة، وبالرغم من ذلك أستطيع تأدية عملي الطبي بنفس الشخصية الثابتة. تأتي شخصية رب الأسرة وهي شخصية مهمة بالطبع. هنا أنا رب أسرة كلاسيكي، من يراني في بيتي، لن يستطيع التفرقة بيني وبين أي أب عادي. كل ذلك لم أكتشفه ولكن أعتقد أنه وجد معي، وأعتقد أيضا أن كل موظف يمارس نشاطا إبداعيا، يمتلك مثل هذه الشخصيات. الحب هو الاحتياج الذي يدفعنا إلى الاكتشاف والمتعة والذهول خداع الذات: * متى نصل في الصدق إلى درجة تمنحنا أن نقرأ ذواتنا بحيادية شديدة دون أنانية، دون تحيز، ودون أن نكذب؟ هل أنت صادق مع نفسك حتى في لحظات الأخطاء؟ - بالطبع هذه مسألة صعبة، أعني أن يكون الكاتب صادقا في ما يكتبه، والكتابة الإبداعية قائمة على الخيال، ولذلك يسمى الأدبFiction، أما إن كنت تعنين القراءة الخالصة للذات، فهذه أنا صادق فيها، أعترف بأخطائي باستمرار ويمكن أن أعتذر لمن أخطئ في حقه، سواء ان كان ذلك الشخص صديقا، أو قارئا عاديا، لم تعجبه كتابتي، أريد أن أجر سؤالك هذا إلى الكتابة ما دمنا في حوار ثقافي، وأريد أن أقول إن أفضل ميزة عندي، هي مراجعة أعمالي كلما تقدمت في الكتابة، وحين أعود لبداياتي، وأراجعها، دائما ما أكتشف ثغرات كانت ستكون مغلقة لو أنها كتبت الآن، ومن هذا المنطلق، أعدت كتابة رواية منشورة لي من قبل، من دون خوف لخضوعها للمقارنة، ومن هذا المنطلق أيضا، ذكرت في مقال لي عددا من النواقص الموجودة في رواياتي الأولى والتي سعيت لمحاولة إكمالها. كذلك في كتابة السيرة الذاتية، فقد كتبت عدة كتب في السيرة، وكنت صادقا فيها إلى أقصى حد. لأنني أعتقد أن السيرة المغسولة، لا تصلح لتكون سيرة، وإنما رواية عادية. وتجدينني أحب روايات السيرة التي كتبت بكل أوساخها وأوجاعها لأنها كانت صادقة، روايات مثل: الخبز الحافي لمحمد شكري، وقصة عن الحب والظلام لعاموس عوز. مقعد للاختيار * كتبت على لسان أحد الشخصيات في رواية "مهر الصياح " (كلنا بلا خيارات.. أنا كنت أحلم بالبقاء مزارعا وجارا للحبل في المناسبات، وأنت حلمت بمنصب نائب السلطان.. وغيرنا هنا كثيرون كانوا يحلمون ربما بأكل لقمة من حميض. كلنا بلا خيارات.. أسكت)... في الحياة هل نختار نحن مواقعنا فيها أم هي من تختارنا لمقاعدها؟ أي الخيارات التي ندمت عليها؟ ولمن تقول (أسكت)؟ - أنا أعتقد أن الحياة تساعدك لتختار مقعدك فيها، في معظم الأحيان، خاصة حين تراك راكضا لاحتلال ذلك المقعد، فالذي يصل ليله بنهاره، يجرب ويبحث ليصير مخترعا مثلا، ستمنحه الحياة شرف أن يخترع شيئا للإنسانية، وبهذه التقنية، أعني التضحية، والعزلة بصحبة أنابيب الاختبار، جاء لنا فلمنج بالبنسلين، أعظم اختراع لصحة الإنسان، وجاء غيره باختراعات عدة، ساهمت في الرقي والتحضر. والذي يبحث في مجال الإبداع ويقرأ سنوات، وينعزل ليكتب رواية، ستمنحه الحياة شرف أن يحتل منصب كاتب، وهكذا في كل شيء، إذن علينا أن نقنع الحياة بجديتنا، لتقتنع بنا، ولا أظن الذين يدخلون أي مجال باستهتار وقلة معرفة، وعد استعداد للتضحية، سيحصلون على شيء. هؤلاء يقولون إن الحياة ضدهم، وهي في الحقيقة ليست كذلك. منذ كنت طفلا سعيت لشيئين، أن أكون طبيبا وشاعرا، قد حصلت على لقب شاعر وأنا ما زلت طالبا في المرحلة الإعدادية، وبالطبع درست الطب بعد ذلك، أما مسألة كاتب هذه، فقد جاءت مؤخرا، وبسبب مجهودات أخرى بذلتها وأنا طالب بالجامعة. أما مسألة السكوت، أي أن أسكت أحدهم فلا أستخدمها في حياتي، أترك الكل يحكي، وأستمع للحكي، حتى أولئك السياسيون الذي يحكون بالوعود، لا أطلب منهم أن يسكتوا. آدم نظر ورفاقه الضحايا في مهر الصياح، كمن المصائب الكبرى التي كتبتها، لكني قلت فيها ما أردت قوله، كما أعتقد. لا أحب السيرة المغسولة التي تتبرأ من أوساخها وأوجاعها مخزون الذاكرة * تعمل طبيبا ومهنة الطب عادة ماتعتمد على المنطق والأمور العلمية، في حين الكتابة فعل "خلق" وإبداع وربما أصبح اللا منطق فيها منطقة خصبة للدهشة والمتعة أكثر من الأمور العقلانية .. فهل كان للكتابة تأثير عليك كطبيب؟ هل هناك مرضى التقيتهم استطاعوا أن يتحولوا إلى شخصية محورية في رواياتك؟ - لم تؤثر الكتابة في أي جانب من جوانبها عليّ كطبيب، وكما قلت لك، فإن شخصية الطبيب التي ترتديني أثناء العمل، كفيلة بمنع أي تطفل من شخصية الكاتب، إلا نادرا حين يأتي مريض يعرفني ويتحدث معي قليلا بلا إسراف عن مسألة الكتابة. لكن العكس حدث، أعني أن مهنة الطب هي التي أثرت على كتابتي، فكثير من الأجواء في الروايات، استوحيتها من المهنة، كثير من الأمراض وظفتها، ولدي رواية اسمها إيبولا 76، كتبت فيها عن وباء إيبولا الذي يسبب الحمى النزيفية، وهي في رأيي صعب كتابتها على غير الطبيب. استفدت في رواية زحف النمل حين كتبت عن الفشل الكلوي، وكثير من الأعمال، خاصة السيرية مثل قلم زينب وسيرة الوجع، كما كانت ستكتب، لولا العمل الطبي، أما بخصوص الشخصيات، نعم استوحيت كثيرا من المرضى، سواء من ناحية السلوك أو الاسم فقط، في روايات، وبطلي المشهور: عبد الله فرفار، كان مريضا لدي، أو كان مصابا في حادث وقمت بمعالجته، وكذا عبدالكريم، في رواية اسمها عواء المهاجر، وكثيرون، وظفتهم بمواصفات أخرى، وما زال لدي في الذاكرة مخزون جيد يمكن أن أوظفه مستقبلا إن شاء الله. علينا أن نقنع الحياة بجديتنا لتمنحنا ذلك المقعد موت القيم * هل يمكن أن نصاب بمرض هشاشة القلب والحزن والأوجاع حتى حينما نلتهم أدوية الوقاية من كل ذلك جميعا؟ أرجوك أخبرني يادكتور.. ماهي وصفة علاج "الإصابة بالبرد الروحي" الذي نشعر به حينما يتألم القلب ويبكي. - حقيقة أصبح الزمن موجعا من جميع النواحي، لم يعد الزمن الطيب القديم الذي عشناه صغارا، خاصة عندنا في السودان.. لقد قلت في سيرة الطفولة: مرايا ساحلية، إن الجار كان أبا لجميع أطفال الحي، يمكن أن يعاقبهم أو يكرمهم من دون أن يسأله أحد، والفتاة الجميلة، أخت لكل الناس، لا يتحرش بها أحد على الإطلاق وإن حدث يعاقبه مجتمعه. الآن مع الأسف، أصبحت تلك القيم لاغية تماما، وبالتالي زكام الروح وبرد القلب الذي تعنينه. أنا شخصيا لا أعتقد أن كل شيء سيعود إلى سابقه مهما فعلنا، لذلك لن تجدي عندي وصفة، ولن تجديها عند غيري أيضا، علينا التأقلم مع حاضرنا هكذا، وعدم التحسر حتى على أبنائنا الذين يذهبون بعيدا، ولا يلتفتون. أوراق الخريف * كتب واسيني الأعرج (من الصعب أن يجد الإنسان نفسه مثل شجرة خريفية من كل شيء حتى من الأوراق الخفيفة التي تغطي خوفه) .. متى يتحول الإنسان إلى شجرة خريفية مجردة من الأوراق؟ ومتى شعرت بأن أوراقك الخضراء تتخلى عنك وتسلمك إلى "الخوف"؟ - حقيقة أنا بريء من الخوف، وهذا تعلمته من مهنتي في بدايات عملي، ومن كتابتي بعد ذلك. الخوف من ماذا؟ لقد كنت أعمل في بداية تخرجي في مستشفى بورتسودان، وكنت في أحد المساءات أمر على العنبر، ووجدت رجلا كان مريضا لدينا بالحمى وتم شفاؤه، وطلبت منه انتظاري حتى المساء لأوقع له ورقة الخروج. بالفعل عثرت عليه وقد حزم أغراضه، وكان في كامل صحته، شكرني ووعد بالحضور للسلام قريبا، وقعت ورقة خروجه، وذهب للسرير الذي بعده، فمات في تلك اللحظة. ذلك اليوم أصبت بالأرق والذهول، لكني لم أعد أخاف أبدا. هذا من ناحية الموت، أما من ناحية كساد الرزق، فهذا أيضا لا أخافه، فكل الذي يحدث أمر مقدر حدوثه دائما. ليس هناك وصفة طبية لزكام الروح وبرد القلب البسطاء لا يخافون: * كتبت (من قال إن السلاطين لا يخافون.. الذي يملك كل شيء يخاف من أي شيء) ... وماذا عن البسطاء الذين لا يملكون إلا القليل... متى لا يخافون؟ أيهما برأيك يمنح الشفافية المطلقة التي تدفعنا إلى تحسس القيم الإنسانية.. القوة أو الضعف؟ - هذه العبارة من زحف النمل، ورددها سلطان الطرب أحمد ذهب، حين عرف بإصابته بالفشل الكلوي. لكنها استغلت سياسيا كما أرى من كثرة ترديدها في المنتديات. نعم البسطاء لا يملكون ما يخافون من ضياعه، لذلك ينامون أكثر راحة وعمقا، والذين يملكون يخافون من ضياع ما يملكون، لذلك لا ينامون، يظلون يقظين، يتابعون تقلبات الحياة، خوفا من المجهول. أظن هذه العبارة تنطبق على الواقع بشكل كبير. الشخصيات الرقيقة * كتب محمد حسن علوان (لايكون الحب قرارا أبدا، إنه الشيء الذي يختار اثنين بكل دقة ويشعل بينهما فتيل المواجهة ويتركهما في فوضى المشاعر. دون دليل أنه يريدهما بذلك أن يتعلما دروس الحب وكيف يحتاج كل منهما إلى الآخر).. أي أنواع الحاجة التي يشعلها الحب بداخل قلوب العاشقين؟ هل اختارك الحب يوما حتى يشعل الفتيل بداخلك ويتركك في فوضى المشاعر؟ - الحب القوي في رأيي يأتي مبكرا في سن الشباب، الحاجة للآخر، للدفء، للاكتشاف، يأتي في سن مبكرة، ويمكن أن تحمله الشخصيات الرقيقة إلى أبعد من ذلك، عموما أنا خضت تجاربي الأولى أسوة بغيري، حب فتاة الجيران، حب الزميلة الجامعية، وربما زميلة العمل، وحين أتت لحظة ضرورة الحصول على زوجة شريكة، اختلف الأمر، وتم الاختيار لأسباب كثيرة، كان الحب جزءا منها. الآن بعد كل هذا العمر، ما زلت أنظر للحب بنفس منظاري الأول، ضرورة من ضرورات التجارب الحياتية، وكتبت مؤخرا رواية 366، وكانت عن الحب بلا أمل. هناك من يسقط في اختبار الحب وهناك من لا يدخله أبداً اختبار الحب * ماهي أهم دروس الحب التي يتعلمها من يدخل مدرسة "الحب"؟ وهل هناك من التلاميذ من لا ينجح في تلك المدرسة؟ - نعم الاكتشاف كما قلت لك، اكتشاف الآخر وما يكله من متعة وذهول، ثم الإحساس بالحياة وطعمها الجميل، وأخيرا الصبر خاصة عند الهجران. نعم هناك من يسقط في اختبار الحب، وهناك من لا يدخل ذلك الاختبار قط. خطيئة الاعتذار * حينما يعتذر الرجل للمرأة يظن البعض منهم بأن في ذلك الاعتذار تضحية كبيرة.. فمتى يتحول اعتذار الرجل للمرأة التي تهمه " إلى تضحية ؟ ومتى يصبح اعتذار المرأة للرجل مؤثرا وحنونا وخلابا؟ - المجتمع الشرقي من يؤلف تلك الخطيئة، فالرجل والمرأة، كلاهما إنسان له نفس الأحقية في الحياة بحلوها ومرها، وليس هناك ثمة تضحية في اعتذار الرجل للمرأة. أنا لا أعتقد بذلك، ويمكنني أن أعتذر لامرأة أخطأت في حقها ببساطة، ولا أعتبر نفسي مضحيا. أما اعتذار المرأة للرجل، فهو مؤثر دائما، خاصة حين يكون مفتونا بها. الزمن الطيب قد ذهب وعلينا فقط أن نتأقلم حكاية اسم * اسمك "أمير تاج السر" اسم مختلف ومركب ومستفز ويصلح أن يكون اسم لشخصية روائية.. فهل أنت حقا - أمير لتاج السر؟ ماذا يفعل الاسم بصاحبه حينما يكون وقعه على السمع ملاحظا ومستفزا؟ - اسم تاج السر، من الأسماء المتداولة بكثرة في السودان، خاصة في الشكال، ولعله من تأثيرات الصوفية التي كانت تسيطر على التدين في زمان ما. ولا أظن أن هناك من يعرف السر الذي لديه تاج. كان أبي يظن أن اسمه معقد، لكنه أحبه رغم ذلك. بالنسبة لاسمي، فقد زار جدي محمد نور الأراضي المقدسة حين كان الملك فيصل رحمه الله أميرا، فتأثر به كما يبدو، وحين ولدت سمتني أمي: أنور، فأبى جدي، سماني: أمير)، وحين ولد أخي الرسام: فيصل بعدي بعدة أعوام، سماه أيضا. حقيقة لم أفكر في أن اسمي يصلح للروايات لكني التفت لأصحاب الأسماء المميزة، وأستخدم بعضها. يصبح اعتذار المرأة للرجل مؤثراً حينما يكون مفتوناً بها هجمات الحنين * حينما نسافر عن الوطن نأخذ معنا حقائب بعضها نضع فيها ثيابنا وأشياء أخرى والبعض نضع فيها أشواقنا وأوجاعنا وذكرياتنا الطويلة القديمة.. ماذا وضعت في حقيبتك من ذكريات وأشواق قبل أن تغادر السودان؟ وماذا عن الأشياء التي تركتها خلفك.. هل مازال الحنين يأخذك إليها؟ - نعم، لقد حملت معي السودان حين خرجت للعمل قبل أكثر من عشرين عاما، لذلك لم أكتب رواية إلا عن السودان، ولا أسمح للحنين بمهاجمتي لأنني أذهب كل عام، أراقب الحياة وتجددها هناك وأعود بحكايات جديدة. لقد تركت أشخاصا أحبهم، وحين أعود أجد بعضهم بينما البعض الآخر ماتوا أو هاجروا، هكذا، ما نفتقده لا نعثر عليه دائما. * في الغياب نشتهي أشياء كثيرة.. ولكن يبقى هناك وجه واحد نحمله بداخلنا ليعيش بكل تفاصيله بأرواحنا.. وجه من تحمله بداخلك في الغياب؟ وماهي آخر الكلمات التي قلتها له قبل الغياب؟ - وجه أمي وأبي وشقيقتي الصغرى أفكار، الذين رحلوا، لكن وجه أبي يظل مسيطرا لما كان بيننا من صداقة كبيرة، للأسف لا أذكر آخر كلماتي له. أحد ما يشبهني * نقرأ الرويات وقد نكتشف في أحد شخوصها أحدا ما يشبهنا، أو ربما نحن هو ويعيش في رواية واحدة.. نقرأ أخبارنا في تلك الرواية ونعرف عن آمالنا وآلامنا وأفراحنا من خلالها.. أي الروايات التي قرأتها لتكتشف بأنك وجدت "أمير" يعيش فيها بكل مايشعر؟ - حقيقة على كثرة قراءتي للروايات وتأثري بروايات كثيرة لم أجد شخصيتي في إحداها. لكني أحببت روايات عديدة وتمنيت لو كتبتها خاصة رواية قلم النجار للإسباني: مانويل ريفاز. العالم الداخلي * ماذا تفعل بنا الشخصيات الروائية التي تلامس عوالمنا الداخلية.. هل تسعدنا؟ أم تشعل حرائقنا أكثر؟ - أعتقد أنها تسعد، هناك قراء كثيرون يراسلونني ليخبروني بأنهم عثروا على أنفسهم داخل نصوص لي وسعدوا بذلك. البوح * ماهو السر الذي لم تقله يوما لأحد يا أمير السر؟ - حقيقة كل ما أحس به، أبوح به في المقالات التي أكتبها، أو روايات السيرة. لا أعرف إن كان هناك سر قد بقي.

مشاركة :