تقرير غربي يكشف تمويل إيران وتسليحها للإرهابيين في البحرين

  • 4/3/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الرجال الذين شيدوا مصنعاً سرياً لصناعة القنابل كانوا أذكياء، بشكل مريب، كما يعتقد المحققون البحرينيون، بالنسبة إلى عصابة تُعرف بعمل المولوتوف. كانت تلك المنشأة موجودة تحت الأرض أسفل فيلا في إحدى الضواحي دون أن يظهر لها أي أثر على مستوى الشارع، ولم يكن لها مدخل سوى ذلك المخبأ وراء خزانة في مطبخ. مع ذلك كانت المفاجآت الحقيقية في الداخل، حيث وجدت الشرطة في إحدى الغرف مخارط ومكابس هيدروليكية قيمتها 20 ألف دولار تستخدم في صناعة القذائف المخترقة للدروع، والقادرة على اختراق الدبابات أيضاً. كان هناك صندوق داخل صندوق يحتوي على المتفجرات العسكرية طراز سي4، أجنبية المنشأ، بكميات قادرة على إغراق سفينة حربية. وقال محققون في البحرين في تقييم فني سري تم تقديمه إلى مسؤولين أميركيين وأوروبيين خلال الخريف الماضي: «لم يرَ أحد أكثر هذه الأشياء في البحرين من قبل». وتضمن هذا التقييم تفاصيل جديدة خاصة بترسانات السلاح التي تم العثور عليها في الفيلا، وفي حملات أمنية متفرقة مشابهة تمت على مدى 3 سنوات تقريباً. وذكر التقرير أن تلك المخابئ كانت «عاملاً يغير قواعد اللعبة تماماً»، بل و«لها أثر قاتل متفوق» في مواجهة الشرطة ذات التسليح الخفيف. ويوضح التقرير، الذي تم نشر نسخة منه في صحيفة «واشنطن بوست»، تنامي الشعور بعدم الارتياح بين مسؤولي الاستخبارات الغربيين بشأن وضع دولة البحرين الصغيرة، التي تعد من أهم حلفاء الولايات المتحدة الأميركية في الخليج العربي، ومقرّ الأسطول الخامس الأميركي. وبعد 6 سنوات من أحداث الشغب الذي قادته مجموعة في البحرين، يرى محللون أميركيون وأوروبيون حالياً ظهور خطر متزايد على هامش تلك الأحداث يتمثل في خلايا مسلحة تسليحاً ثقيلاً تقوم إيران بتمويلها، وتزويدها بالموارد والأسلحة، كما يقول مسؤولون. وتتراكم مؤشرات تدل على تنامي الحركة المسلحة طوال سنوات، حيث تم إلقاء القبض على عناصر ملثمة تزرع قنابل على جانب الطريق، وتم العثور على أسلحة ومتفجرات مهربة داخل البلاد براً وبحراً. مع ذلك كان المسؤولون الغربيون أخيراً حذرين تجاه اتهام إيران بالتورط المباشر في هذا الاضطراب، حيث كانوا يشيرون إلى أدلة غير قاطعة، أو لا يمكن الاعتماد عليها، وكذلك إلى مخاوف من تزايد التوترات الطائفية. وفي الوقت الذي اتهم فيه مسؤولون بحرينيون طهران بالتحريض على العنف، كثيراً ما كان يتم الحديث عن تلك الاتهامات، وعلى الجانب الآخر، يبدو أن تردد الغرب يتبدد حالياً، فرغم المشكلات الخاصة بالمصداقية الواردة في سجل حقوق الإنسان البحريني، ترى أجهزة الاستخبارات الغربية تجرؤاً جديداً من جانب إيران في دعم المتمردين المسلحين في البحرين، بحسب عدد من المحللين من الولايات المتحدة، واثنين من حكومات أوروبا الغربية. وتشير الوثائق، ومقابلات مع مسؤولي استخبارات حاليين وسابقين إلى برنامج تدريبي متكامل يديره الحرس الثوري الإيراني، من أجل تدريب العناصر المسلحة البحرينية على التقنيات المتقدمة لصناعة المتفجرات، وعلى الحرب غير النظامية. كذلك تم اكتشاف مجموعة متنوعة من الأسلحة المتطورة، التي تبين أن لها صلة وثيقة بإيران، في البحرين على مدى السنوات الثلاث الماضية، كان من بينها مئات الأرطال من المتفجرات المتطورة إيرانية المنشأ، على حد قول مسؤولي استخبارات أميركيين وأوروبيين. كذلك يبدو أن هناك محاولات لبناء شبكة داعمة لإيران من المجموعات المسلحة في مناطق أخرى من الشرق الأوسط من اليمن إلى العراق وسوريا، بحسب عدة محللين. وقال مسؤول استخبارات أميركي لديه خبرة طويلة في مراقبة الاضطرابات المدنية والسياسية في البحرين: «نرى مزيداً من الأدلة التي تشير إلى محاولات إيران لزعزعة الاستقرار في المنطقة». وأضاف: «قد تبالغ البحرين أحياناً في الحقائق، لكن هذا الأمر حقيقي». ودفعت هذه الأدلة المتزايدة الولايات المتحدة، والحكومات الأوروبية، نحو اتخاذ خطوات غير مسبوقة تستهدف قادة مزعومين لجماعات مسلحة شيعية بحرينية. وأصدرت السلطات الألمانية في 16 مارس (آذار) أمراً بالقبض على شاب شيعي بحريني يبلغ من العمر 27 عاماً، ويطلب اللجوء السياسي ويقيم في برلين، على خلفية اتهامه بالعمل كعنصر إرهابي في «كتائب الأشتر»، وهي من الجماعات المسلحة الشيعية البحرينية، وكانت قد أعلنت مسؤوليتها عن تنفيذ هجمات مميتة ضد أفراد شرطة بحرينيين. وفرضت وزارة الخارجية الأميركية في 17 مارس عقوبات على قائدين اثنين للجماعة نفسها مع وصفهما بـ«إرهابيين عالميين». واتهم الإعلان الرسمي إيران بدعم تلك الجماعة في إطار «تنفيذ أنشطة تستهدف زعزعة الاستقرار، وتتصل بالإرهاب في المنطقة». كذلك اتجهت إدارة الرئيس الأميركي ترمب يوم الأربعاء نحو إلغاء تجميد بيع طائرات «إف 16» للبحرين، وهو يعد إلغاءً لقرار مغاير اتخذته إدارة أوباما العام الماضي احتجاجاً على حظر حزب «الوفاق»، المعارض الرئيسي في البلاد. وأثار ذلك القرار الذي اتخذه البيت الأبيض انتقادات من جانب منظمات لحقوق الإنسان، حيث ينمّ عن رغبة في تجاهل ممارسات حلفاء رئيسيين في الخليج العربي لصالح إقامة درع وقائي قوي ضد أي عدوان إيراني محتمل في المستقبل. وفي الإعلان الخاص بالعقوبات خلال الشهر الماضي، سعت وزارة الخارجية الأميركية إلى التأكيد على مواصلة المسؤولين الأميركيين الضغط على البحرين من أجل «التمييز بوضوح» بين ردها على التهديدات الإرهابية الحقيقية، وبين تعاملها مع المتظاهرين السلميين وجماعات المعارضة السياسية. مع ذلك اتهمت طهران بالتدخل المباشر بهدف جعل الموقف أكثر سوءاً، والمشكلات أكثر تعقيداً. وجاء في الإعلان: «لقد زودت إيران مسلحين بحرينيين بالأسلحة، والمال، والتدريب». مع ذلك، السؤال هو: هل كانت تلك المتفجرات التي تم العثور عليها في الفيلا حقيقية؟ أم كانت ذريعة لتبرير عمليات القبض على قادة معارضة شيعة؟ وهنا يشير ماثيو ليفيت، محلل سابق في شؤون مكافحة الإرهاب لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي، التقى بعدد من المسؤولين البحرينيين رفيعي المستوى لمناقشة أمر مخابئ السلاح، إلى أن الشكوى الدائمة من سجل حقوق الإنسان البحريني تجعل من الصعب على المراقبين من الخارج معرفة ما إذا كانت تلك المزاعم حقيقية أم لا. وأوضح في مقابلة قائلاً إنه في التحليل النهائي أشارت الأدلة المتمثلة في مخابئ السلاح إلى خطر حقيقي يتمثل في إرهاب برعاية إيرانية.

مشاركة :