توسعة المسجد الحرام - علي ناجي الرعوي

  • 7/31/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لعل أحداً لا يختلف على حقيقة أن توسعات المسجد الحرام الذى هو أعظم واقدس بقعة على وجه الارض ظلت مستمرة ولم تتوقف منذ ان امر الله نبيه ابراهيم عليه السلام بوضع مداميك هذا البيت العتيق (وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) كما أن هذه التوسعات بقيت مرتبطة بالظروف الزمانية والمكانية وتزايد اعداد الزائرين للمسجد الحرام.. ويذكر المؤرخون ان اول توسعة انطلقت من مخطط عمراني ذي افق واسع كان ايام الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما شعر بحاجة المسلمين الى توسعة المسجد الحرام بعد ان زاد عدد الحجاج والزائرين الى المسجد سنوياً، فقام رضي الله عنه بشراء البيوت المجاورة ليوسع بها ساحة المطاف التى جعل لها ابواباً يدخل الحجاج والمعتمرون منها للطواف حول الكعبة المشرفة وقد توالت هذه التوسعات في العهد الاسلامي.. ومما لا جدال فيه ان المسجد الحرام قد شهد في عهد الدولة السعودية العديد من التوسعات والاصلاحات ابتداءً بما قام به الملك عبدالعزيز ثم اولاده من بعده سعود بن عبدالعزيز، وخالد بن عبدالعزيز، وفهد بن عبدالعزيز والتى نتجت عنها زيادة الاماكن المخصصة للمصلين والتى لم تكن تتجاوز في مراحل ماضية لاكثر من 50 الف مصل لترتفع الى300 الف مصل ثم الى ما هو اكبر من ذلك بكثير. ورغم كل ما قيل عن الاثر البالغ لكل توسعة شهدها المسجد الحرام خلال الفترات الماضية فإن من تهيأت له فرصة الوقوف على تفاصيل التوسعة الكبرى التى يشهدها المسجد هذه الايام لابد وأن يخرج بقناعة أكيدة أن هذه التوسعة بشكل عام هي من ابرز المشروعات واكثرها تحدياً لكونها تجمع بين المتطلبات الوظيفية من حيث زيادة الطاقة الاستيعابية ووفرة وتنوع ورقي الخدمات التى ستتاح للحجاج والزائرين للمسجد الحرام.. وقد سعدت جدا اثناء زيارتي الاخيرة للمسجد الحرام وأنا استمع للرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس وهو يؤكد ان التوسعة التى امر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تعد الاضخم في تاريخ الحرمين الشريفين ليس من كونها تهدف الى توسعة صحن الطواف واعادة بناء وتأهيل الاروقة المحيطة به في الطوابق كافة وهي الاجزاء التى لا تخلو من الطائفين على مدى 24 ساعة.. وانما للفكرة الابتكارية والتى ركزت في مضمونها على ايجاد الحلول العملية لضيق مساحة المطاف والتى كانت تسبب ازدحام وتكدس الطائفين الامر الذي كان يشكل خطراً على سلامتهم ناهيك عن إقلاق راحتهم وصحتهم ولذلك فقد روعي ان يتسع المطاف عند اكتماله الى 105 آلاف في الساعة بدلاً من 22 الى 38 الف طائف كما هو الامر حالياً. وبالتالي فلا بد من الإقرار هنا ان المشاريع الكبيرة التى يتم تنفيذها في المشاعر المقدسة والمسجد الحرام والمسجد النبوي حالياً إنما هي التى ستسهم جميعها في إراحة الحجاج والمعتمرين وتمكينهم من اداء مناسكهم بكل يسر وسهولة وامان، وهو ما يجب ان يفهم من قبل الجميع وبالذات اولئك الذين انتقدوا اجراءات المملكة بتقنين اعداد الحجاج والمعتمرين خلال فترة تنفيذ هذا المشروع وربما التبست على البعض الرؤية فطفق يوجه نيرانه الصديقة والعدوة في مصب واحد غافلاً او متجاهلاً حقيقة المغزى والمدلول العملي والضرورات التى فرضت إجراء مثل هذه التوسعات من اجل استيعاب الاعداد الكبيرة من المترددين على المسجد الحرام حجاجاً او معتمرين. وبكل امانة فإن مشروع توسعة الحرم سيكون عند اكتماله مفخرة لكلّ المسلمين وذلك لما يتميز به هذا المشروع من فكر ابتكاري من حيث المعمار والدقة في التشييد والمنهجية العلمية التى تتحرك في نطاقها عملية البناء التى تسير أهم مقوماتها على قدم وساق وبكفاءة يمثل الرقم الصعب فيها المعادلة القائمة على الأرض..

مشاركة :