في خطوة جديدة من نوعها لربط التعاون العربي مع دول الاتحاد الأوروبي، والتنسيق لأول قمة عربية - أوروبية تعقد العام المقبل، التقى أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس، في لوكسمبورغ، وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، وبحث معهم سبل دفع الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى تسوية الأزمات المختلفة في منطقة الشرق الأوسط، وكذا تطوير آليات التعاون القائمة بين الجامعة والاتحاد في شتى المجالات ذات الاهتمام المشترك. كانت فيدريكا موغيريني، نائب رئيس المفوضية الأوروبية الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، قد وجهت الدعوة لأبي الغيط للمشاركة في اجتماع مع وزراء خارجية دول الاتحاد، وذلك في سياق التنسيق المستمر بين الجانبين حول مجمل قضايا منطقة الشرق الأوسط، واهتمام الاتحاد الأوروبي بتطوير تعاونه مع الجامعة دعماً لجهود إحلال السلام والاستقرار في مناطق النزاعات المسلحة العربية. وأوضح محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، أن مشاركة أبو الغيط في هذا الاجتماع تأتي في توقيت هام تشهد فيه العلاقات العربية - الأوروبية زخماً كبيراً في اتجاه تطوير دعائم المشاركة بين الجانبين. وخلال لقائه، أمس، حرص أبو الغيط على إطلاع وزراء الخارجية الأوروبيين على أهم المقررات التي صدرت عن القمة العربية، وفي مقدمتها إعادة التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، والتمسك بحل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ومبادرة السلام العربية كسبيل وحيد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والتوصل إلى تسوية شاملة ودائمة للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، إضافة إلى إدانة القمة للإجراءات والممارسات الإسرائيلية التي تمثل انتهاكاً لحقوق الشعب الفلسطيني وللشرعية الدولية، وعلى رأسها عمليات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتناول أبو الغيط أيضاً مع الوزراء الأوروبيين آخر التطورات ذات الصلة بتسوية الأزمة السورية، خصوصاً في ضوء القرارات التي اعتمدتها القمة العربية الأخيرة، والتي عقدت بالأردن بشأن هذه الأزمة في أبعادها السياسية والإنسانية. بما في ذلك تكليف مجلس الجامعة على المستوى الوزاري ببلورة آلية محددة لمساعدة الدول العربية المجاورة لسوريا والدول العربية الأخرى المستضيفة للاجئين السوريين. واتفق أبو الغيط مع الوزراء الأوروبيين على أهمية الاستمرار في حشد وتعبئة المساعدات الدولية اللازمة لإغاثة الشعب السوري، خصوصاً في دول الجوار العربي المستضيفة للغالبية العظمى من اللاجئين السوريين الذين فروا هرباً من النزاع. وعبر الجانبان عن تطلعهما في هذا الصدد للنتائج التي يمكن أن يفضى إليها المؤتمر الدولي حول مستقبل سوريا، الذي سيعقد في بروكسل، يوم 5 أبريل (نيسان)، والذي يشارك الاتحاد الأوروبي في تنظيمه، بالتعاون مع كل من ألمانيا والنرويج وقطر والكويت والأمم المتحدة. وأشار المتحدث الرسمي إلى أن أبو الغيط بحث أيضاً مع وزراء الخارجية الأوروبيين الأوضاع في ليبيا، والجهود المبذولة من أجل التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة هناك، عبر تشجيع كل الأطراف المعنية، وخصوصاً مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، على الانخراط في حوار سياسي جاد للتوصل إلى الحلول التوافقية المطلوبة لاستكمال تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات. ورحب الجانب الأوروبي، في هذا الصدد، بالدور الهام الذي تضطلع به الآلية الرباعية التي تم تشكيلها لمرافقة الأشقاء الليبيين في هذه المسيرة، وبالنتائج التي خرجت عن الاجتماع الرباعي الذي استضافه أمين عام الجامعة العربية، بمقر الجامعة، في 18 مارس الماضي، بمشاركة فيدريكا موغيريني، والمبعوث الأممي في ليبيا مارتن كوبلر، والممثل الأعلى للاتحاد الأفريقي إلى ليبيا جاكايا كيكويتي. كما شدد الوزراء الأوروبيون على التزامهم بدعم هذه الآلية الرباعية، وعبروا عن تطلعهم إلى الخطوات التكاملية التي يمكن أن تتخذها الأطراف الأربعة المشاركة فيها لدفع العملية السياسية في ليبيا، والتي يتوقع أن يتم إقرارها خلال الاجتماع المقبل للمجموعة الرباعية الذي ستستضيفه الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي موغيريني، في بروكسل، خلال شهر مايو (أيار) المقبل. من ناحية أخرى، اتفق أبو الغيط مع الوزراء الأوروبيين على أهمية متابعة تنفيذ مجمل الخطوات التي تهدف إلى تطوير التعاون المؤسسي بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، على النحو الذي جاء في خطة العمل التي اعتمدها الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية العرب والأوروبيين في ديسمبر الماضي، وجدد الوزراء الأوروبيون في هذا الصدد ترحيبهم بعقد قمة عربية - أوروبية مشتركة، بما يعطي دفعة استراتيجية لعلاقات التعاون بين الجانبين، ودعوا الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية لاستكمال المشاورات مع أمين عام الجامعة العربية حول مجمل التحضيرات والترتيبات ذات الصلة بهذه القمة، التي من المقرر أن تعقد خلال عام 2018.
مشاركة :