التقارب الجزائري الإيراني يصطدم بأطماع طهرانعرفت العلاقات بين طهران والجزائر تقاربا غير مسبوق خلال السنوات الست الماضية، جعل متابعين يتوقعون إمكانية انضمامها إلى محور الممانعة، لكن انزعاج الجزائر من تأويلات إعلامية حول لقاء جمع رئيس الوزراء عبدالمالك سلال ووزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني رضا أميري صالحي يشير إلى بداية فتور العلاقات بين الطرفين.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/04/04، العدد: 10592، ص(4)]سلال ينوه بأهمية العلاقات التي تربط الجزائر بالدول العربية الجزائر – اضطرت وزارة الخارجية الجزائرية لتقديم توضيحات، بعد القراءات والاستنتاجات التي وردت في وسائل إعلام إيرانية حول انخراط البلدين في جبهة مناهضة للقوى العربية في المنطقة. وأكد الناطق الرسمي لوزارة الخارجية عبدالعزيز بن علي الشريف، أن ما تناقلته بعض وسائل الإعلام الإيرانية حول مضمون اللقاء الذي جمع مؤخرا وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني رضا أميري صالحي ورئيس الوزراء عبدالمالك سلال يدخل في سياق قراءات واستنتاجات لا تعكس شكل ومضمون اللقاء. وقال “ما تم تداوله يعتبر نقلا غير سليم واستنتاجا غير مطابق لحقيقة ما تم تداوله من مواضيع، وما ورد من تصريحات خلال هذا اللقاء”، في إشارة إلى ما ورد عن انخراط الجزائر وإيران في جبهة مناهضة لقوى إقليمية، تحت غطاء محاربة الإرهاب. وكان وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي قد زار الجزائر الأسبوع الماضي، والتقى بمسؤولين في الدولة، على غرار وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعبدالله غلام الله، فضلا عن رئيس الوزراء، وتناول الطرفان مسائل الإرهاب والتشدد الديني والصراع المذهبي والتعاون الثقافي والفني. وتم توقيع عدة اتفاقيات بين الطرفين، كان أبرزها الاتفاق الثقافي والفني مع وزارة الثقافة ومؤسسة “فارابي” السينمائية، من أجل إنجاز أعمال مشتركة بين البلدين، واستغلال المكونات التراثية والثقافية في أعمال فنية وسينمائية، إلى جانب تبادل وفود المشايخ وعلماء الدين لتكريس الوسطية ومحاربة التطرف الديني والعقائدي. وكان المستشار الثقافي في السفارة الإيرانية في الجزائر أمير موسوي قد تحدث عن اتفاقيات ثقافية موسعة، تتضمن فتح المراكز الثقافية والمدارس التعليمية واللغات، والتعاون الفني والإنتاج التلفزي والسينمائي، وتوظيف الموروث الثقافي والتراثي، في بناء علاقات ثقافية وطيدة بين الطرفين.الجزائر تؤكد أن لقاء سلال وصالحي كان فرصة لدعوة إيران للعب دور إيجابي، ولكي تكون عامل استقرار في المنطقة وأثار الاتفاق جدلا داخل الأوساط الجزائرية، بالنظر إلى ما ينطوي عليه المشروع الإيراني في السياق الثقافي، من تصدير للمذهب الشيعي إلى خارج الحدود، وإذكاء الصراع المذهبي في المنطقة، وهو ما تجلى في العديد من الأعمال الفنية التي كانت محل انتقاد في عدة دول عربية وإسلامية. ودرءا لبعض التلميحات التي طالت الموقف الجزائري من طرف بعض دول المنطقة العربية، أكد الشريف أن اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء مع الوزير الإيراني “كان فرصة للمسؤول الجزائري، ليعبر عن أمل الجزائر في أن تلعب إيران دورا إيجابيا في محيطها، وأن تكون عامل استقرار في المنطقة”. وأضاف أن “رئيس الوزراء ذكّر بنوعية العلاقات التي تربط الجزائر بجميع الدول العربية في الخليج والمشرق، وخاصة مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، وعن قناعته بأن الحوار وحده هو الكفيل بتجاوز المشاكل الظرفية المطروحة في الوقت الحاضر”. وأثار التقارب الجزائري الإيراني انزعاج عدة أطراف عربية خاصة في منطقة الخليج، ما دفع وسائل إعلام محلية إلى التحذير مما أسمته بـ“انخراط جزائري في اللعبة الإيرانية، وفي أطماع المشروع الفارسي”. ومرت العلاقات الجزائرية السعودية، خلال العام الماضي، بمرحلة فتور على خلفية رفض الجزائر المشاركة في الحلف العربي ضد الحوثيين في اليمن، والتقارب بينها وبين ايران، بشكل أثار مخاوف دول المنطقة من استدراج الجزائر لمحور بيروت دمشق لتطويق المنطقة. واستطاعت الجزائر والرياض في ما بعد احتواء التوتر غير المعلن، بزيارة قادها رئيس الوزراء للسعودية في شهر نوفمبر الماضي. وقال حينها سلال إن الجزائريين سيهبّون كرجل واحد للدفاع عن البقاع المقدسة والمملكة من أي اعتداء.
مشاركة :