سمير عطا الله: فتاة واقفة على زهرة

  • 5/4/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أعجب غوته، شاعر ألمانيا، إعجابا عميقا بالحضارة الصينية، واعتبرها متفوقة على حضارة الغرب و«أكثر نقاء ووضوحا». ورأى أن عند الصينيين (القدامى) أخلاقا أكثر مما في حياة الغربيين. حتى عشقهم للطبيعة مختلف، فهو دائما مرتبط بأشخاص ورموز. «تسمع دائما صوت تطاير الماء مع وثبات السمك الذهبي، ولا تتوقف الطيور عن الزقزقة على الأغصان؛ نهارا تسود السكينة وتشرق أشعة الشمس على الدوام، وفي الليل الجو صاف دائما. على سبيل المثال، سمعت الفتيات الجميلات يضحكن، وعندما وقعت عيناي عليهن، كن يجلسن على كراسي من قصب. إنه المشهد الأجمل، فكراسي القصب ترتبط حكما بأقصى درجات الخفة والأناقة. ثم هناك عدد لا متناهٍ من الأساطير التي تضاف باستمرار إلى الروايات، وتستخدم وكأنها أقوال مأثورة - مثل قصة فتاة كانت خفيفة ورشيقة جدا إلى درجة أنها كانت تستطيع أن تقف على زهرة وتحافظ على توازنها من دون أن تكسرها، وأسطورة أخرى عن فتى فاضل وشجاع جدا إلى درجة أنه حظي في سن الثالثة عشرة بشرف التكلم مع الإمبراطور، وحكاية ثالثة عن حبيبين أظهرا طهارة شديدة طيلة فترة علاقتهما الطويلة، وعندما اضطرا في إحدى المرات إلى تمضية الليل في الغرفة نفسها، قضيا الوقت في تبادل الأحاديث، ولم يقترب أي منهما من الآخر». «ثمة عدد لا يحصى من الأساطير الأخرى، وكلها تتمحور حول ما هو أخلاقي ولائق. من خلال هذا الاعتدال الشديد في كل شيء، استطاعت الإمبراطورية الصينية أن تصمد طوال آلاف السنين، وسوف تحافظ على استمراريتها». وقال غوته: «لدى الصينيين آلاف الروايات الرومانسية - وكان لديهم الآلاف منها عندما كان أجدادنا لا يزالون يعيشون في الأدغال. وأنا أزداد اقتناعا بأن مَلَكَة الشعر بمتناول البشرية جمعاء، تكشف نفسها في كل مكان وزمان في مئات ومئات الأشخاص. كل ما في الأمر أن هناك من يعبرون بطريقة أفضل بقليل من الآخرين، ويسبحون على السطح لفترة أطول من الباقين. وأنا يجب ألا أعتبر أنني رجل الشعر الأول، لكن على كل منا أن يقول في نفسه إن هبة الشعر ليست على الإطلاق نادرة جدا، وإنه لا يجدر بأي كان أن يتبجح لمجرد أنه كتب قصيدة جيدة». لكن غوته كان ينظر إلى الأدب اليوناني على أنه الأهم. «لكن حقا، نحن الألمان نقع بسهولة كبيرة في فخ الغرور المتحذلق عندما لا ننظر أبعد من الدائرة الضيقة المحيطة. إذا كنا فعلا بحاجة إلى نموذج، علينا العودة دائما إلى الإغريق القدامى الذين يتجسد جمال البشرية دائما في أعمالهم».

مشاركة :