صحيفة وصف : تظل مشكلة المخالفات المروية المتراكمة على بعض المواطنين السعوديين الذين عجزوا عن سدادها إما بسبب إهمالهم أو بسبب ظروفهم المادية، هاجسا يورقهم، لاسيما بعد أن وصلت تلك المخالفات للبعض منهم إلى مبالغ باهظة تجاوزت الـ 100 ألف ريال في ظل عدم وجود نظام يجبر هؤلاء على السداد مما جعل تلك المخالفات تتضاعف. المواطن محمد أبو هليل يحكي معاناته أنه أراد إضافة زوجته “غير السعودية” في الأحوال المدنية فطلبوا منه الذهاب إلى الجوازات لنقل كفالتها، ليفأجا برفض طلبه بحجة أن النظام لا يسمح له بذلك إلا بعد سداد المخالفات المرورية المسجلة عليه والتي تقدر قيمتها بـ 70000 ريال، والمواطن مخلد الدعدي موظف حكومي، بلغ مجموع مخالفاته المرورية 160000 ريال، حيث عجز تماما عن سدادها بسبب التزاماته المالية التي حالت دون سداد تلك المخالفات، وأصبح لا يستطيع السفر خارج المملكة لعدم قدرته على تجديد جواز سفره المنتهية صلاحيته منذ سنوات، كما لا يستطيع بيع أو شراء أي سيارة باسمه ما جعله يشتري بأسماء أحد أقربائه. ويذكر “الدعدي” أن لديه سيارة باسمه وقد انتهت رخصة السير منذ سنوات ولم يستطع تجديدها أو حتى بيعها بسبب المخالفات المتراكمة. أما المواطن “حمدي الخلاوي” والذي على حاله منذ 5 سنوات بعد أن تجاوزت مخالفاته المروية 135 ألف ريال، فقد أكد أنه يرغب في شراء سيارة لكنه لا يستطيع، بالإضافة إلى أنه محروم من السفر خارج المملكة في حالة أنه اضطر لذلك، كما أن رخصة السير الخاصة به منتهية منذ سنوات ولم يستطع تجديدها. فيما بلغت مخالفات المواطن “طلال اليزيدي ” 90000 ريال في خلال سنة ونصف سببها السرعة الزائدة، ويضطر للسفر أسبوعيا لأسرته في المنطقة الغربية، ما يجعله عرضة للمخالفات حيث يحصل في السفرية الواحدة من (3 إلى 4) مخالفات، وهو الأمر الذي منعه من تجديد رخصة السير والسفر خارج المملكة. فيما وصلت مخالفات المواطن حسين العيضي وهو موظف من ذوي الدخل المحدود 65000 ريال، أغلبها مخالفات سرعة وعدم ربط حزام الأمان، مؤكدا أنه غير قادر على السداد. وللحديث أكثر حول هذه القضية يرى المحامي والقانوني الدكتور خالد أبو راشد أن هناك سببين لارتكاب المخالفات: الأول هو إدمان الشخص المخالف على ارتكاب المخالفة حتى وصلت لمبالغ كبيرة، والثاني يتعلق بالمرور بحيث أنه كان يجب على إدارة المرور تجاه الشخص الذي يرتكب المخالفة أن توقف خدماته قبل أن تتراكم وتتضاعف وتصل إلى مبلغ كبير لا يستطيع سداده. ويواصل المحامي والقانوني أبو رشاد قوله: “العقوبة لمرتكب المخالفات المرورية لم تقتصر على المخالف بل لحق الضرر بأبنائه أو زوجته، فتجد بعض الأبناء لا يستطيع رب الأسرة أن يضيفهم في سجله العائلي والسبب وجود المخالفات، فما ذنب هؤلاء الأبرياء ! لذلك لا بد من إعادة النظر في إيقاع العقوبات على المخالف فقط من حيث منعه من السفر، وإيقاف الخدمات المصرفية والبنكية، ومنعه من بيع وشراء المركبات، لأنه في النهاية هو شخص مماطل ولا بد من عقوبته. بدوره علق أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز بجدة البروفيسور مشبب الأسمري بقوله: “تراكم المخالفات المرورية لها بعدان، الأول اجتماعي والآخر تنظيمي، فالبعد التنظيمي هو إيجاد البنية التحتية المكتملة وتوفيرها قبل فرض الغرامات مثل القطارات والنقل العام وتهيئة الشوارع من أجل تخفيف استخدام السيارات الخاصة والتي بسببها يتم ارتكاب المخالفات، بالإضافة لتوعية المواطنين والمقيمين وتثقيفهم، أما البعد الاجتماعي فهو يكمن في سبب المشاكل الأسرية وتفكك بعض الأسر، حيث يؤكد أن بعض الزوجات يطلبن الطلاق أو الخلع، وبعض الأبناء يعيش مجهولا بلا هوية، إذ لا بد من معاقبة المخالف فقط وألا تتجاوز الأضرار إلى أن تلحق بالأبرياء مثل الزوجات والأبناء فهم لا ذنب لهم في اقترفه رب الأسرة المخالف. من جانبه أكد المتحدث الرسمي للإدارة العامة للمرور المقدم طارق الربيعان أن هناك من يعتقد أن المرور هو السبب في تراكم مخالفات المواطنين، بينما الصحيح هو أن كل شخص سواء كان مقتدرا مادياً أو غير ذلك هو مسؤول عن نفسه ومن يعول فيما يخص مركباته ومن يقودها وعن أي مخالفة تسجل عليه. وأضاف المقدم الربيعان أن الأمر بسيط للجميع وهو التقيد بتعليمات وأنظمة المرور ولن يسجل عليك أي مخالفة، فكم مخالفة ارتكبها الشخص ليصل المبلغ إلى المبالغ المذكورة؟ والسبب هو الاستهتار من قبل البعض منهم. وأشار الربيعان إلى أن الجميع دون استثناء لا يستطيع استخدام الخدمات الحكومية مثل خدمات المرور والجوازات والأحوال والاستقدام وغيرها من الإجراءات إلا بعد سداد المخالفات المرورية، وهذا معروف للجميع لأن جهاز الحاسب الآلي لا يقبل دون تسديد تلك المخالفات. وعن وجود دراسات أو برامج لعلاج تراكم مشكلة المخالفات المرورية قال الربيعان: لا يوجد أي دراسة أو إجراءات لدى إدارة المرور حول ذلك، لأن ذلك يحتاج الى النظر من جهات عليا، بل إن ادارة المرور تعكف على وضع الحلول المناسبة لردع المخالفين والمستهترين، ولا يمكن لها أن تقبل التبرير لهذا الاستهتار، فإدارة المرور لا يمكن أن تتهاون في تطبق الأنظمة والتعليمات. (0)
مشاركة :