الاكتئاب هو اضطراب واسع الانتشار ويأتي ثالثا بعد الأمراض التنفسية والأمراض المعوية محلي

  • 4/5/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

قال الدكتور عبداللطيف حمادة استشاري الطب النفسي في مركز (مطمئنة) في مملكة البحرين "أن الاكتئاب هو اضطراب واسع الانتشار و يأتي في المرتبة الثالثة عالميا، بعد الأمراض التنفسية والأمراض المعوية وقد يحتل المرتبة الأولى من حيث الانتشار بعد عقد من الزمن، أي إنه سيتقدم بذلك على أمراض القلب وحوادث المرور، وقد حمل يوم الصحة العالمي الذي يحتفل به في السابع من شهر أبريل كل سنة شعار (دعونا نتحدث عن الاكتئاب)". وأوضح استشاري الطب النفسي " أن 10% من الأمراض العضوية أسبابها نفسية، وبالمقابل هنالك العديد من الأمراض العضوية تسبب أمراضا نفسية، فمثلا هناك 18 - 20 % من مرضى السرطان، و30- 40 % من مرض الشلل الارتعاشي، ونسبة كبيرة من مرضى هبوط الغدة الدرقية يعانون من إضطراب الإكتئاب، ووجد أن نسبة الوفيات الناجمة عن مرض القلب المصحوب بالاكتئاب تصل الى 15 %، كما يتسبب الاكتئاب في العديد من الامراض الخطيرة كالجلطات الدماغية والقلبية والسرطان.وأضاف "اثبتت الدراسات إن اضطرابات المزاج شائعة جدا على مستوى العالم ويأتي الاكتئاب في مقدمتها حيث حصل على أعلى نسبة انتشار تصل الى 17 % وتختلف باختلاف المجتمع فتتراوح بين 5 – 17 %، أما نسبة انتشار الاكتئاب في دول الخليج العربي، ومملكة البحرين من بينها فهي لا تختلف كثيرا عن المعدلات العالمية، فقد أوضحت معظم الدراسات التي أجريت في تلك الدول ان النسبة تتراوح بين 20 –25 % باستثناء دراسة واحدة تجاوزت تلك النسبة بقليل".وأضاف الدكتور عبداللطيف "ان الإكتئاب أكثر انتشارا بين النساء مقارنة بالرجال على مستوى العالم والسبب في ذلك يرتكز على فرضية الاختلافات الهورمونية وتأثير الولادات واختلاف طبيعة الضغوط النفسية والاجتماعية التي يتعرض اليها كل منهما إضافة الى اختلاف ردة الفعل الناجمة عن الشعور بالعجز"، مشيرا إلى أن "متوسط عمر الإصابة بالإكتئاب هو 40 سنة على الرغم من أن 50 % من المرضى يصابون به بين 20- 50 سنة، وممكن ان يظهر في الطفولة أو الشيخوخة".وأكد الاستشاري بقوله "قد بينت الدراسات الحديثة إن الاكتئاب قد يتزايد إنتشاره بين الشباب الذين تقل اعمارهم عن 20 عاما ربما بسبب تزايد استخدام الكحول والعقاقير والمخدرات بين أفراد تلك الشريحة العمرية، كما يحصل الاكتئاب غالبا لدى الاشخاص المنعزلين اجتماعيا أو المطلقين أو المنفصلين، ورغم أن نسبة انتشار الاكتئاب، والانتحار متقاربة بين جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية للأشخاص، إلا إنه وجد بكونه أكثر ميلا للانتشار في المناطق الريفية أو الفقيرة، ويتزايد خطر اصابة مريض الاكتئاب باضطرابات مصاحبة كتعاطي الكحول والإدمان على المخدرات واضطراب الهلع والوسواس القهري والرهاب وغيرها بسبب طبيعة المرض، ويفاقم وجود الإدمان واضطرابات القلق مرض الاكتئاب ويجعل مآله اكثر سوءا ويزيد من خطر الانتحار".وبيّن الدكتور عبداللطيف "أن دراسات علمية اظهرت مؤخرا ان سبب الاكتئاب المباشر هو ناجم عن تغيرات بيولوجية في الدماغ، حيث تلعب النواقل العصبية كالسيروتونين والنورابينفرين والدوبامين دورا مهما في ذلك، و يعتقد بأن نشاط الأخير ينخفض في الاكتئاب كما أدى اكتشاف مستقبلات ثانوية للدوبامين في الدماغ الى تفسير اكثر لعلاقة الدوبامين وعلاقة نواقل اخرى مثل الاسيتايلكولين والكابا بإضطراب الاكتئاب".وقال الدكتور عبداللطيف حمادة استشاري الطب النفسي في مركز (مطمئنة) في مملكة البحرين "قد يسبب تغير النظام الهورموني في الجسم مرض الاكتئاب خصوصا اضطراب الغدة الدرقية ، حيث وجد ان 5 – 10 % من الذين تم تشخيصهم كحالات اكتئاب لديهم هبوط في وظائف الغدة الدرقية، ولاضطرابات النوم علاقة مباشرة بالاكتئاب من خلال زيادة الاستيقاظ الليلي وقلة فترة النوم وزيادة النوم الخفيف وزيادة حرارة الجسم"، مشيرا إلى أن الوراثة تبقى عاملا مؤهلا هاما ومؤثرا في ظهور الاكتئاب، فإذا كان احد الأبوين مصابا بأحد اضطرابات المزاج فإن خطر احتمال اصابة الطفل بواحد من تلك الاضطرابات ستكون 10- 25 % ، اما اذا كان كلا الأبوين مصابا بها فسيكون الخطر 20- 50 %.وحول أحداث الحياة الضاغطة نوه الدكتور بأنها "تلعب دورا في الاصابة بالاكتئاب، اضافة إلى العوامل الشخصية ورغم انه ليس هنالك شخصية محددة تؤدي الى الاصابة بالاكتئاب إلا إن الشخصية الوسواسية والهستيرية والحدية أو البينية تكون في خطر أكبر للإصابة به مقارنة بالشخصيات الأخرى، مضيفا الدكترو عبداللطيف "يتردد 70 % من مرضى الإكتئاب على الأطباء الباطنيين والاختصاصات الأخرى لشعورهم بأعراض مختلفة كالصداع وآلام الصدر والظهر والدوار والارهاق، ولأن الاكتئاب هو اكثر عامل نفسي قد يسبب الانتحار على مستوى العالم.ودعا الدكتور إلى إستشارة الطبيب النفسي عند تكرار الشعور بفقدان اللذه بالأشياء او عند الشعور بعدم وجود اي سبب للسعادة الى جانب الشعور المتكرر بالإعياء وصعوبة التركيز مع استمرار تلك الحالة لفترة لا تقل عن إسبوعين، وإن تشخيص مرض الاكتئاب يحتاج الى خمسة اعراض صغرى مجتمعة مع ضرورة وجود أحد الأعراض الكبرى كالمزاج المكتئب او فقدان اللذة بكل شيء.وتابع الاستشاري النفسي بقوله "من الأعراض الصغرى للاكتئاب التي تتواجد في اغلب ساعات اليوم تقريبا وكل يوم تقريبا هي الحزن واليأس ووجود أو عدم وجود نوبات البكاء وانخفاض واضح في الدافعية وفقدان الوزن مع زيادة او قلة الشهية والارق أو كثرة النوم وكثرة الاهتياج والعصبية والكسل والارهاق والشعور بالذنب والندم وانعدام تقدير الذات وتوبيخها وعدم الانتباه والتركيز مع وجود افكار متكررة حول تمني الموت أو الانتحار مع أو بدون التخطيط لذلك وقد تصل الحالة الى محاولة الانتحار فعلا وقد تصاحب الاكتئاب أعراض ذهانية كالأوهام والهلاوس، وتتسبب أعراض الاكتئاب بعضها أو كلها بتدهور وظيفي وعائلي واجتماعي وصحي وعاطفي وزواجي وديني ومالي وغيرها من جوانب الحياة".وبيّن الاستشاري "مما تقدم يتضح أن علاج اضطراب الاكتئاب هو ضرورة ملحة ولكون سببه المباشر ناجم عن تغيرات بيولوجية في الدماغ كما نوهنا آنفا لذا فإن مرض الاكتئاب هو مرض نفسي قابل للعلاج، ويشتمل علاج الاكتئاب على عدة اهداف مهمة أولهما ضمان سلامة المريض، وثانيهما تقييم تشخيصي كامل للحالة وثالثهما وضع خطة علاجية للحالة الآنية والمستقبلية للمريض، ورغم ان علاج الاكتئاب الاساسي هو العقاقير فهنالك ما يزيد على 45 عقارا لعلاج الاكتئاب تعطي اكثر من 80 % من التحسن خلال فترة وجيزة من استخدامها، حسب حالة المريض إضافة الى اهمية الجلسات النفسية العلاجية المكملة للعلاج بالعقاقير، وكلما كان الدواء ذو فاعلية عالية خلال مدة استخدام محدودة ورخيص الثمن ولا يتقاطع مع الادوية الاخرى، وقليل الاعراض الجانبية سيزيد من تمسك المريض به اكثر ، فهنالك 70 % من المرضى في العالم يتوقفون عن العلاج بسبب الاعراض الجانبية أو الخوف منها بسبب قراءة النشرة الداخلية للدواء أو مواضيع متفرقة منشورة على الانترنت أو تأثير الأهل والمعارف، وهنالك 50 % من مرضى الاكتئاب لا يحصلون على العلاج لغلاء سعره. وأضاف "يبقى خيار التنويم في المستشفى قائما لمرضى الاكتئاب حسب تقييم الطبيب النفسي في حالات معينة وحسب شدتها كوجود خطر الانتحار أو خطر القتل أو عدم تناول الشراب والطعام أو عدم حماية النفس أو التوغل في سلوكيات متهورة وخطرة أو ظهور أعراض ذهانية"، مضيفا " ومن الأهمية بمكان ان نعلم أن الاكتئاب مرض ليس ناجم عن التفكير السلبي وانعدام الثقة بالنفس وضعف الايمان وغير ذلك كما يعتقد البعض، بل العكس هو الصحيح إذ أن مرض الاكتئاب هو من يتسبب بالتفكير السلبي وانعدام الثقة بالنفس وتدهور في جوانب الحياة فهو مرض بحد ذاته سببه المباشر هو تغيرات بيولوجية في الدماغ على الرغم من تعدد العوامل المؤهلة، ومرضى الاكتئاب قادرون على التخلص منه تحت إشراف الطبيب النفسي".وختاماً أكد الدكتور من الضرورة بمكان "أن كل شخص يعاني من أي من الأعراض آنفة الذكر عدم التردد بزيارة الطبيب النفسي فهذه أول خطوة على الطريق السليم لعلاج الاكتئاب واهم خطوة يمكن أن يفعلها الشخص لنفسه ولعائلته ولمجتمعه ولوطنه حتى يبقى فردا منتجا ومعافى وسعيدا يفتخر بإنجازاته بلده".

مشاركة :