ساد الارتباك أوساط المرشحين المحتملين على مقاعد المجالس البلدية (المحلية) بعد قرار السلطات المصرية إرجاء الاستحقاق، وسط توقعات بأن تؤثر الانقسامات داخل الأحزاب المصرية في حصتها من المقاعد لمصلحة المستقلين، ما يثير مخاوف من أن يلعب «المال السياسي» دوراً حاسماً في المنافسة على حساب البرامج السياسية. وتعيش مصر من دون مجالس محلية شعبية منذ حزيران (يونيو) عام 2011 عندما أصدر المجلس العسكري، الذي كان يحكم حينها، قراراً بحلها. ومنذ انتخاب البرلمان المصري مطلع العام الماضي، يجرى الحديث عن ضرورة سن قانون جديد للإدارة المحلية تجرى بمقتضاه الانتخابات المحلية. وفعلاً، أقرت لجنة الإدارة المحلية في البرلمان أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي مشروع القانون الذي يتضمن 157 مادة، ويعتمد النظام «المختلط»، للمنافسة على مقاعد المحليات (75 في المئة بنظام القوائم و25 في المئة للفردي)، تمهيداً لتحديد جلسة عامة للتصويت على مواد القانون، وهو ما لم يحدث حتى الآن. لكن رئيس لجنة الإدارة المحلية في البرلمان النائب أحمد السجيني وعد بـ «تمرير البرلمان مشروع القانون خلال دور الانعقاد الحالي الذي يختتم منتصف العام الحالي»، مشدداً على أنه «لا مبرر لإرجاء تمرير القانون، والربط بين الانتخابات والقانون أمر ليس في محله، فالمواد المعنية بالاستحقاق المحلي لا تتجاوز 14 في المئة، فيما يتعلق 86 في المئة من المواد بمنظومة الإدارة المحلية وتحديثها». وألقى السجيني بمسؤولية تحديد موعد إجراء المحليات على «مؤسسات الدولة وليس لجهة واحدة من الجهات... الأمر ليس باليسير لارتباطه بقطاعات واسعة، وموعد الانتخابات بيد مؤسسات الدولة، لكن القانون لا بد أن يمر بدور الانعقاد الحالي لحاجة مصر اليه». وكان مرشحون محتملون على مقاعد المجالس المحالية البالغة نحو 350 مقعداً موزعة على المحافظات المصرية، بدأوا في إعداد العدة للمنافسة، وانتشرت خلال الأشهر الأخيرة في شوارع المناطق لافتات وملصقات المرشحين. لكن لوحظ غياب الأحزاب السياسية المصرية التي انشغلت غالبيتها بصراعاتها الداخلية. وفيما جاء قرار السلطات المصرية إرجاء الاستحقاق المحلي لمصلحة الاستعداد للانتخابات الرئاسية المقررة منتصف العام المقبل، ليثير ارتباك الأوساط الانتخابية، إلا أنه يمنح الفرصة للأحزاب للملمة أوضاعها والاستعداد للمنافسة، فيما عادت المخاوف بأن يلعب «المال السياسي» دوراً كبيراً في الصراع على المحليات على حساب التباري في عرض البرامج السياسية لتنمية المحليات. ولفت خبراء حضروا ورشة عمل نظمها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية تحت عنوان «دور المؤسسات الوطنية في الانتخابات المحلية»، إلى «تضخم المال السياسي خلال الاستحقاقات التي أجريت في مصر في أعقاب ثورة كانون الثاني عام 2011»، وإن أشادوا بـ «تراجع دور الأجهزة الأمنية في الاقتراعات». وقال رئيس المركز الدكتور ضياء رشوان في كلمته الافتتاحية إن الإنجاز الأكبر في دولة تعودت على التزوير في الانتخابات هو «تراجع دور الجهاز الأمني في الانتخابات... الفترات السابقة شهدت تزويراً واضحاً في الانتخابات، إلا أنه بعد ثورة 25 كانون الثاني كان لها مكتسب واضح وهو تراجع دور الأجهزة الأمنية». غير أن رشوان لفت إلى أن المال السياسي «كان ضعيفاً قبل ثورة 25 كانون الثاني لأنه كان هناك تزاوج بين المال والسلطة، أما بعد الثورة اضطر بعض المرشحين للجوء الى المال السياسي»، متوقعاً أن يقترب عدد المرشحين لانتخابات المحليات من «نصف مليون مرشح». أما مدير الإدارة العامة للانتخابات في وزارة الداخلية اللواء عبدالهادي نجم، فأوضح أن لوزارة الداخلية «دوراً قانونياً ودستورياً خلال عملية الانتخابات، اذ تقدم الدعم للهيئات المشرفة على العملية الانتخابية... وزارة الداخلية لها دور في تحديث بيانات الناخبين، وتشارك في اختيار المقرات والمراكز الانتخابية لمتابعة اشتراطات الأمن والسلامة».
مشاركة :