عقد أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب اجتماعات الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس وزراء الداخلية العرب في العاصمة التونسية، تحت رعاية فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية. ورأس وفد المملكة إلى الاجتماع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، وقبيل بدء الاجتماعات التقطت الصور التذكارية لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب بهذه المناسبة. معرض «الإسلام وحقوق الإنسان» ثم افتتح سمو ولي العهد بحضور معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بدولة قطر الشقيقة وأصحاب السمو والمعالي معرض « الإسلام وحقوق الإنسان « الذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، حيث قص سموه الشريط إيذانا بافتتاح المعرض، ثم اطلع على ما يحتويه المعرض من صور تحاكي الأهمية التي يبديها الإسلام لحقوق الإنسان. وبعد أن أخذ سمو ولي العهد مكانه في المنصة الرئيسة بدأ الاجتماع بتلاوة آيات من القرآن الكريم. كلمة ولي العهد وقد ألقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز كلمة خلال الاجتماع فيما يلي نصها: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.. أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب معالي الأمين العام أصحاب المعالي والسعادة الإخوة الحضور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يشرفني في البداية أن أنقل إليكم تحيات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وتطلعه إلى أن يسهم اجتماعكم في تعزيز مسيرة أمننا العربي المشترك والمحافظة على استقرار ونماء شعوبنا ودولنا العربية، ويسرني أن أكون معكم في افتتاح أعمال الدورة الرابعة والثلاثين لمجلسكم الموقر، كما يطيب لي أن أرفع باسمي واسمكم جميعا جزيل الشكر وبالغ الامتنان إلى فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة وحكومته والشعب التونسي الشقيق لما لقيناه من حسن استقبال وكرم ضيافة وما يلقاه مجلسكم من دعم ومساندة، والشكر موصول أيضا لمعالي الأخ السيد الهادي المجدوب وزير الداخلية في الجمهورية التونسية على ما وفره لهذا الاجتماع من أسباب النجاح، ولمعالي الأمين العام وأمانة المجلس على جهودهم في الإعداد والتحضير. أيها الإخوة: لا يخفى على الجميع أن الأمن مطلب كل فرد وغاية كل أمة وأساس كل تطور واستقرار، فالأمم والشعوب تحتاج على الدوام إلى ضمان أمنها السياسي واستقرارها الاجتماعي وازدهارها الاقتصادي، وفي غياب الأمن لن يتحقق شيء من ذلك ويصبح الخوف والاضطراب مكبلا لخطواتها ومعيقا لتطلعاتها ومهددا لوحدتها الوطنية وهويتها الفكرية ومسيرتها الحضارية ومواردها الاقتصادية، ولذلك أيها الإخوة أعلى الإسلام مكانة الأمن وجعله من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الناس جميعا والتي بدونها لن تستقيم الحياة ولن تصلح أحوال العباد والبلاد. أيها الإخوة: إن أمننا العربي في واقعه بكل وضوح وبكل صراحة محاط بتهديدات خطيرة جدا.. تهديدات داخلية وتهديدات خارجية تنامت وتيرتها بشكل متزايد وتباينت مظاهرها بما لم نعهده سابقا.. كل ذلك أيها الإخوة يحدث في ظل متغيرات وأحداث إقليمية وعالمية عديدة لا شك أنكم تعلمونها وتدركون أبعادها وتعرفون أسبابها.. وقد باتت تهدد أمن دولنا وشعوبنا العربية مما يستدعي منا تعزيز مسيرة التعاون والتكامل الأمني بين دولنا لما فيه تحقيق أقصى درجات دحض وهزيمة شياطين الأرض من الإرهابيين ومرتكبي الجرائم ومروجي سموم المخدرات والخارجين على النظام. ونحن جميعا بإذن الله قادرون على ذلك انطلاقا من حقيقة أن المساس بأمن أي دولة من دولنا هو مساس بأمننا جميعا.. هذه أيها الإخوة حقيقة قيام هذا المجلس الموقر الذي عمل بموجبها منذ نشأتها.. ويجب التأكيد هنا على أنه يتعذر إلى حد كبير على أي دولة بمفردها وبدون تعاون الدول العربية معها أن تدفع المخاطر عنها وأن تصون وحدتها وأن تحافظ على سيادتها وسلامة واستقرار شعبها.. إن هذه الأهداف الأساسية لأمن وأمان المواطنين واستقرار الدول هو ما يجب أن يحكم تعاوننا جميعا. أيها الإخوة: إننا نعمل من خلال هذا المجلس على حماية أمننا العربي والتصدي لكل ما يحيط به من مهددات داخلية أو إقليمية أو دولية ونتطلع بكل أمل وطموح إلى قيام شراكة عربية دولية من خلال هذا المجلس تقود إلى تعاون دولي مثمر وبناء في مواجهة الإرهاب والجريمة بأنواعها والعمل على سيادة الأمن والسلم الدوليين بدلا من تبادل الاتهامات وتحميل دين أو شعب بعينه تبعات جرائم الإرهاب والتطرف التي لم يعد لها حدود بكل أسف. أيها الإخوة: إن اجتماعكم حافل بالعديد من الموضوعات المهمة وهو اجتماع محاط بتطلعات قادة دولنا وآمال شعوبنا وواجباتنا تجاه أمننا العربي ومحيطنا الإقليمي وعمقنا الدولي. ومن الله وحده نسأل العون والتوفيق وأن تكون نتائج هذا الاجتماع على مستوى طموح وتطلع قاداتنا وشعوبنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كلمة الرئيس التونسي وكان الاجتماع قد شهد عدداً من الكلمات، حيث ألقى فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية كلمة ألقاها نيابة عنه معالي وزير الداخلية التونسي الهادي المجدوب بوزراء الداخلية العرب، متمنيًا لهم طيب الإقامة في بلدهم الثاني تونس. ونوه فخامته بما بلغه المجلس من درجة عالية من النضج حيث أصبح يُمثل محطة بالغة الأهمية على درب ترسيخ أسس التعاون بين الأجهزة العربية الأمنية رايته في ذلك تحقيق مستوى متقدم من التكامل في الرؤى والتصورات بين الدول العربية بما يكفل مجابهة التهديدات التي تتربص بالمنطقة العربية وتعزيز مناخ السلم والاستقرار فيها ودعم مسيرتها في التنمية والاستقرار لصالح شعوبها. وأكد الرئيس التونسي أن الدورة الحالية للمجلس تنعقد في ظل وضع سياسي وإقليمي متوتر يتسم بازدياد وتيرة التهديدات واستفحال الأزمات في عدد من دول المنطقة وهو ما خلق بيئة ملائمة لتنامي الجريمة المنظمة وتوثيق التحالف مع الإرهاب لتضاف على مجمل التحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية العربية، مشيرًا إلى أن هذا الواقع يُملي على الجميع تسخير جميع الإمكانات والطاقات المتاحة للتوقي من التهديدات القائمة خاصة تلك المتعلقة بالإرهاب والظواهر المتصلة به وهو ما يستوجب تشخيصًا دقيقًا لهذه المخاطر وتحديد أسبابها وفهم خصائصها وحصركل امتداداتها وأهدافها وارتباطاتها ورصد تحالفاتها وتطوراتها بما يُساعد على تحيين وتطوير استراتيجيات الدول العربية المعتمدة في هذا المجال بصفة عملية وفعالة. وبين فخامته أن التحديات المطروحة أمام الدول العربية اليوم تتطلب مضاعفة الجهود وتنسيق البرامج والخطط من أجل تعزيز وتفعيل الآليات الكفيلة بمجابهتها وتكثيف التعاون لإثراء التصورات ذات الصلة ومزيد البحث عن حلول ملموسة وعملية تتماشى ومتطلبات المرحلة بما يمكن من التصدي لهذه الظواهر وذلك من منطلق الإيمان الراسخ بأن القضاء عليها لا يمكن أن يتم إلا في إطار تعاون عربي مشترك. واستعرض الرئيس السبسي ما شهدته المنطقة العربية في السنوات الأخيرة من بروز تيارات دينية متطرفة وعنيفة ذات توجهات مختلفة تمكنت من تعزيز قدراتها وتوسيع أنشطتها الإرهابية مما أفرز ظهور جماعات أكثر تشددا تجاوزت كل حدود العنف وانتهجت أشرس الأساليب في التعبير عن أفكارها المريضة ومعتقداتها المنحرفة وتنفيذ جرائمها في حق الإنسانية، لافتًا النظر إلى أن هذه المجموعات قد وجدت ظروفًاملائمة للتهيكل والانتشار خاصة في ظل الصراعات المسلحة والأزمات السياسية التي تشهدها بعض المناطق العربية، وأشار فخامته إلى أن هذه التنظيمات أدركت أهمية وسائل التواصل الالكتروني ودور الوسائط الاتصالية الحديثة في نشر توجهاتها التكفيرية بصفة سريعة وعلى نطاق واسع فاعتمدت إستراتيجية إعلامية تروج للخطابات الراديكالية وآليات للدعاية والتجنيد والتمويل والتدريب جعلتها أكثر خطورة وهو ما يستدعي من الجميع مزيد تكثيف الجهود وتبادل المعلومات والخبرات وتطوير الكفاءات الضرورية للتحكم في الفضاء السيبرني لقطع الطريق أمامها وإجهاض خططها المستقبلية وإفشال سعيها لنشر خطابها المتطرف. وأكد الرئيس التونسي أنه في ظل استقطاب هذه التنظيمات لعدد كبير من المقاتلين من جميع أقطار العالم عمومًا ومن المنطقة العربية خصوصًا فلابد من التشديد على ضرورة الوعي بالخطر الذي تُمثله مسألة عودة المقاتلين من بؤر التوتر وحتمية الاستعداد بشكل محكم للتعامل مع هؤلاء من الجوانب كافة ذلك أن المعالجة الأمنية على أهميتها لا تُمثل المكون الوحيد للتصدي لهم، معبرًا عن يقينه في أن الدول مهما سطع حجم إمكانياتها يصعب عليها التصدي بصفة أحادية لظاهرة الإرهاب ذلك أن مواجهة هذه الآفة تقتضي ضرورة تضافر الجهود وتطوير العمل المشترك لبلوغ أعلى درجات التنسيق بين الدول. واستعرض فخامته العمليات الإرهابية التي استهدفت تونس، مؤكدًا أنها لم تزد بلاده إلا إصرارًا على محاربة آفة الإرهاب والقضاء عليها بالاعتماد على وعي الشعب وتماسكه والجاهزية العالية لوحداته الأمنية والعسكرية وبفضل تكثيف التعاون في هذا المجال مع الدول الشقيقة والصديقة. وقال «لا بد من التأكيد في هذا السياق على ضرورة تحسين مجتمعاتنا العربية وخاصة الفئات الشبابية ضد تأثيرات التيارات الدينية المتطرفة وخطر الانحراف بتعاليم ديننا الحنيف مع التركيز بالتوازي على معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتنموية وتوفير مقومات العيش الكريم لشعوبنا وهو ما حرصت تونس على تكريسه ضمن إستراتيجية ضمن إطار يكرس دولة القانون والمؤسسات ويحترم مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يكفلها الدستور التونسي والمواثيق الدولية». وشدد الرئيس التونسي على أن بلاده تؤمن بأن أمنها جزء لا يتجزأ من أمن الوطن العربي، وهو ما يجعلها شديدة الحرص دائمًا على دعم ومساندة آليات العمل العربي المشترك وفيليعتها مجلس وزراء الداخلية العرب لما يتحمله من أمانة وأعباء في التصدي لكل الآفات والانحرافات التي تهدد أمن المواطن العربي، مؤكدًا أن تونس المتجذرة في محيطها العربي والمؤمنة بوحدة المصير مع أشقائها العرب ملتزمة بمواصلة السير على هذا النهج ولعب دور فاعل في المجهود الجماعي لدعم امن البلدان العربية والحفاظ على سيادتها ومناعتها. كلمة أمين جامعة الدول العربية من جانبه، عبر معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور أحمد أبو الغيط عن سعادته البالغة بالمشاركة في أعمال الدورة الحالية للمجلس، مبرزًا جهود المجلس في توطيد عرى التعاون العربي على الصعيد الأمني والاضطلاع بدور أساسي إلى جانب المجالس الوزارية الأخرى. وأشار معاليه إلى أن الظروف الأمنية المحيطة بالمنطقة والمخاطر المحدقة بها تضع أعباء هائلة على كاهل أجهزة الأمن وإنفاذ القانون في الدول العربية، مفيدًا أن أحداث السنوات الست الماضية قد ضاعفت من التهديدات بل حملت للمجتمعات العربية أنواعًا جديدة من المخاطر؛ فالجماعات الإرهابية تمكنت من استغلال حالة السيولة السياسية التي مر بها الإقليم لتوجيه ضربات عنيفة وغير مسبوقة في مداها وشدتها فوجدنا الحدود تقتحم والمدن تسقط فريسة للعصابات الإجرامية والأراضي يجري السيطرة عليها وتنزع عنها أعلام الدول لترتفع مكانها رايات الخراب السوداء في سابقة لم نشهد لها مثلها في التاريخ الحديث. وأضاف «ليس ذلك فحسب بل أن ظواهر الإرهاب والعنف تدخلت مع الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والتجارة غير المشروعة في الآثار وغيرها من أشكال الخروج عن القانون، بحيث تكونت شبكات خطيرة ومعقدة تمزج بين عالمي الإرهاب والإجرام، والأخطر أن هذه الشبكات صارت توظف أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في تجنيد الأنصار حتى اتسعت ساحة المواجهة لتشمل العالم من أقصاه إلى أقصاه، وكان من شأن هذا كله أن يضع المؤسسات والأجهزة الأمنية في العالم العربي أمام تحديات غير مسبوقة في شدتها أو مداها ومن هنا تنبع أهمية الدورة الحالية لمجلسكم الموقر سواًء في توقيت عقدها أو من حيث الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال التي تتناول باستفاضة وعمق التحديات الأمنية كافة التي تواجه بلداننا». وأكد الدكتور أبو الغيط أن تحقيق الأمن هو الغاية الأولى للحكومات جميعًا فمن دون الأمن لا تنمية ولا عمران ومن دون الأمن يستحيل أن تقوم حياة ديمقراطية سليمة أو أن ينعم المواطن بحقوقه الإنسانية الأساسية وعلى رأسها حقه في الحياة وحقه في أن يعيش آمنًا على نفسه وأهله من الخوف، مشيرًا في هذا الإطار أن توفر الأمن يعد العامل الحاسم في جذب الاستثمارات الأجنبية التي تشتد حاجة البلدان العربية إليها، وهو ما يضع على رجال الأمن مسؤوليات جسام وأعباء تفوق الطاقة فهم مطالبون بأن يحققوا الأمن للمواطن والمجتمع دون أن يشعرالمواطن بأنه مقيد في حريته أو أنه محاصر في معاشته وبغير أن تستأثر حالة المجتمع الطبيعية فينعكس ذلك سلبًا على الانتعاش الاقتصادي أو يسحب من رصيد الحيوية المجتمعية. وبين أن النظرة الشاملة للأمن تقتضي تعاونًا وتنسيقًا وثيقًا بين أجهزة إنفاذ القانون من ناحية وبين العديد من المؤسسات والكيانات الرسمية وغير الرسمية من ناحية أخرى، مثمنًا في هذا الإطار التعاون القائم بين مجلس وزراء الداخلية العرب والمجالس الوزارية العربية خاصة مجلس العدل العرب، خاصة في المجالات المتعلقة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وإعداد قوانين نموذجية لمواجهة جرائم الاتجار بالأشخاص ومكافحة الفساد، مبرزًا ما أثمره هذا التعاون من عقد الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب التي دخلت حيز النفاذ سنة 1999 التي تُعد سبقًا إقليميًا ومثالًا يحتذى به. وتحدث معاليه عن ما احتلته مكافحة الإرهاب من مكان متقدم في البيانات الرسمية التي أدلى بها القادة العرب في قمة عمّان مند أيام قليلة، فضلًا عن الإشارة الواضحة للإرهاب باعتباره واحدًا من أخطر التهديدات التي تواجه العالم العربي في البيان الختامي عن القمة. وقال «الحقيقة أن صلابة الإجماع العربي حول خطورة الإرهاب لا يفوقها سوى قوة الاقتناع بخطورة الفكر الذي يولده وضرورة اقتلاع هذا الفكر من تربتنا واجتثاثه من مجتمعاتنا». واستطر قائلاً «القضاء على الإرهاب والتطرف هو معركة عصرنا وهي معركة طويلة مضنية وتحد نحن له أهل -بإذن الله-». وشدد على أن استقرار الأوضاع الأمنية في البلدان العربية لا يتحقق فقط بمجابهة الإرهاب والفكر المتطرف فالإرهاب هو نوع خاص وخطير وهو يتغذى على الجريمة بكل فروعها ومن الأهمية أن تتواصل الجهود في مجال مكافحة انتشار الجريمة خاصة المنظمة منها والعابرة للحدود وهو ما يتطلب تنسيقًا وتعاونا غير مسبوق بين الدول العربية بالنظر إلى تعقد أوجه النشاط الإجرامي في العالم اليوم اعتمادًا على تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة التي أصبحت للأسف توظف لخدمة الإجرام بصورة لم نعهدها من قبل. وأشار معاليه في هذا الصدد إلى أهمية البند المتعلق بالتحديات الأمنية في المنطقة العربية والسبل الكفيلة بمعالجتها، مؤكدًا أن السبيل الأنجع لمواجهة النشاط الإرهابي والإجرامي بكل صوره وأشكاله هو مضاعفة التنسيق العربي العربي خاصة في مجال تبادل المعلومات والخبرات الأمنية واستخلاص الدروس وتعميمها علىكافة الأجهزة الأمنية تحقيقًا للنفع العام وتلافيًا لتكرار الأخطاء. وأعرب أبو الغيط في ختام كلمته عن التقدير والشكر لمجلس وزراء الداخلية العرب على ما يبذله من جهد من أجل رفعة العمل العربي المشترك في المجال الأمني وتحقيق الغاية المنشودة وهي تعزيز أمن المواطن العربي وسلامته وكرامته الإنسانية. كلمة د. كومان بدوره رفع معالي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان الشكر والعرفان لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب وإلى أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب على دعمهم الدائم للأمانة العامة للمجلس وللعمل الأمني العربي المشترك، معربًا عن الشكر والتقدير لفخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية على تفضله برعاية الدورة الحالية للمجلس، ولمعالي وزير الداخلية التونسي على توفير كل مقومات النجاح لهذا اللقاء الأمني العربي الكبير وتأمين أسباب الراحة والطمأنينة للوفود المشاركة. وأكد معاليه أن المجلس ينعقد اليوم ولا تزال الأمة العربية تواجه تحديات أمنية كبيرة يأتي على رأسها استشراء خطاب التطرف والغلو والطائفية الذي يخلق بيئة مواتية لترعرع الإرهاب والعنف، ناهيك عن النزاعات المسلحة وبؤر التوتر التي تشهدها بعض بلدان المنطقة واستغلال هذه الأوضاع من قبل قوى إقليمية لتأجيج الصراعات الداخلية وتهديد أمن واستقرار الدول العربية، مشيرًا إلى أنه رغم هذه الأخطار المحدقة فقد ظل المجلس دائمًا حريصًا على أن تكون كل الإجراءات الأمنية ممثلة للقانون منسجمًا مع المعايير الدولية حافظة على حقوق الإنسان وكرامته مراعية للحريات الشخصية وخصوصيات الناس. وبين أن المعرض المصاحب لهذه الدورة حول حقوق الإنسان في الإسلام جاء ليعكس الاعتبار الكبير الذي يُوليه المجلس لهذه الحقوق والذي تجلى من قبل في مظاهر عدة من بينها عقد مؤتمر سنوي لتعزيز حقوق الإنسان في العمل الأمني ومؤتمر مشترك بين أجهزة الأمن ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل منتدى لتدارس قضايا الأمن وحقوق الإنسان، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن المجلس عقد في أواخر العام الماضي بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة مؤتمرًا مشتركًا يهدف إلى إيجاد صيغة مشتركة لمجابهة المخاوف الأمنية دون الإخلال بحماية اللاجئين انسجامًا مع حرص المجلس على دعم جهود الإغاثة الإنسانية أو بعد بروز مخاوف من استغلال حركة اللجوء في الجريمة خاصة الإرهاب والاتجار بالبشر وترويج المخدرات. ولفت معالي الدكتور كومان النظر إلى أن المجلس سينظر اليوم في منح وسام وجائزة الأمير نايف للأمن العربي التي تم إنشاؤها من قبل أعضاء المجلس باقتراكريم من معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في دولة قطر، وفاءً لفقيد الأمن العربي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وعرفانًا بأياديه البيضاء على هذا المجلس وتعبيرًا عما يكنه الجميع من محبة وتقدير لسموه -رحمه الله-. وأكد في هذا الصدد أنه لا يمكن أن تمر هذه المناسبة دون أن نتذكر بإجلال وامتنان محطات بارزة في تاريخ الأمن العربي ارتبطت باسم الأمير نايف -طيب الله ثراه- ومنها فكرة إنشاء هذا المجلس خلال المؤتمر الثالث لوزراء الداخلية العرب الذي انعقد بالطائف عام 1980م ووضع النظام الأساسي للمجلس في المؤتمر الاستثنائي بالرياض عام 1982م والتوقيع على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب في اجتماع مشترك لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب بالقاهرة عام 1998م وإقرار إجراءاتها التنفيذية من قبل لجنة وزارية بتونس عام 2000م والتوصل إلى تصور للتعاون بين أجهزة الأمن ووسائل الإعلام خلال الاجتماع المشترك لمجلسي وزراء الداخلية والإعلام العرب بتونس عام 2003م والتوقيع في اجتماع مشترك لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب بالقاهرة عام 2010م على كل من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد والاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات والاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والاتفاقية العربية لنقل نزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية، مشيرًا إلى أن كل هذا غيض من فيض للنجاحات التي كان لفقيد الأمن العربي الدور الحاسم في تحقيقها بفضل رئاسته الحكيمة للاجتماعات التي أقرتها وقدرته على تذليل الصعوبات ومتابعته الحثيثة لأعمال اللجان الفنية التي وضعت مشاريع هذه الصكوك. مجسم تذكاري بعد ذلك تسلم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب مجسمًا تذكاريًا من معالي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان. كما سلم معالي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية هدية تذكارية لمعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور أحمد أبو الغيط، ثم أعلن عن تسلم معالي وزير الداخلية التونسي الهادي المجدوب رئاسة الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس خلفًا لمعالي الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية في مملكة البحرين رئيس الدورة الثالثة والثلاثين للمجلس. كلمات وزراء الداخلية إثر ذلك، ألقى أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب كلمات توجهوا من خلالها بالشكر الجزيل لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب على جهود سموه المتواصلة ودعمه الدائم لمسيرة المجلس بما يعزز آفاق التعاون الأمني العربي ليواكب المستجدات والتحديات الأمنية الراهنة. وأشاروا إلى أن ما تعيشه الساحة العربية من تحديات أمنية ونزاعات واتساع بؤر التوتر وتنامي التهديدات يؤكد أهمية توحيد الجهود من أجل التصدي لهذا الوضع والتصدي لظاهرة الإرهاب المتفشية وللجماعات الإرهابية، مؤكدين أن استقرار الأوضاع الأمنية في الدول العربية لا يتحقق بمجابهة الفكر المتطرف فحسب بل بضرورة التصدي للجريمة بجميع فروعها خاصة المنظمة منها والعابرة للحدود لأن الإرهاب يتغذى منها. وأكد الوزراء أهمية بذل المزيد من الجهود وتنسيق العمل الأمني العربي المشترك واتخاذ المزيد من التدابير العربية والإقليمية والدولية الفاعلة وتفعيل الاتفاقيات الدولية من أجل دعم العمل الأمني المشترك. واستعرض المشاركون في كلماتهم تجارب دولهم في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وثمرة التعاون العربي في تحقيق العديد من الإنجازات على الصعيد الأمني، مثمنين الإنجازات التي تحققت عبر مسيرة مجلس وزراء الداخلية العرب وإسهاماته الكبيرة في تعزيز أوجه التعاون الأمني، داعين إلى ضرورة مراجعة وتقييم ما تم إنجازه بهدف الوصول إلى أفضل النتائج وفق معايير أمنية جديدة ومفاهيم حديثة لمواكبة المتغيرات على الساحة الأمنية. عقب ذلك بدأت الجلسة المغلقة. حضر الجلسة الافتتاحية الوفد الرسمي المرافق لسمو ولي العهد وهم كل من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز مستشار سمو وزير الداخلية ومعالي وكيل وزارة الداخلية الدكتور أحمد بن محمد السالم ومعالي مستشار سمو وزير الداخلية الدكتور ساعد العرابي الحارثي ومعالي رئيس الشؤون الخاصة لسمو ولي العهد الأستاذ سليمان بن نايف الكثيري ومعالي مدير الأمن العام الفريق عثمان بن ناصر المحرج ومعالي نائب مدير عام المباحث العامة الفريق عبدالله بن علي القرني ومعالي المستشار بالديوان الملكي الأستاذ عبدالله بن عبدالرحمن المحيسن ومعالي السكرتير الخاص لسمو ولي العهد الأستاذ أحمد بن صالح العجلان ومدير عام مكتب سمو وزير الداخلية للدراسات والبحوث اللواء سعود بن صالح الداود ومدير عام الشؤون القانونية والتعاون الدولي بوزارة الداخلية محمد بن عبدالعزيز المطيري.
مشاركة :