عقب قرون من التهميش… تعيين أول وزير اتحادي من السكان الأصليين في أستراليا

  • 4/7/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كين ويات يلقي كلمة في البرلمان. (غيتي) كانبيرا: «المجلة» بعد نحو قرنين ونصف القرن من وصول البريطانيين إلى أستراليا، وسيطرتهم على مقدراتهم نجح أحد السكان الأصليين أخيراً في الوصول إلى مقعد وزاري في الحكومة الاتحادية، ليصبح أول وزير من أبناء السكان الأصليين القارة الأسترالية. ففي فبراير (شباط) الماضي أدى «كين ويات» اليمين الدستورية ليصبح أول شخص من السكان الأصليين يتولى منصب وزير الصحة الاتحادي في أستراليا. وقد أدى اليمين الدستورية مرتدياً العباءة التقليدية للسكان الأصليين المصنوعة من جلد الكنغارو والمزينة بريش ببغاء الكوكاتو، وذلك بعد نحو 50 عاماً من الاستفتاء الذي أجرته أستراليا عام 1967 على ضم السكان الأصليين إلى التعداد العام للبلاد لأول مرة حيث كان عمر ويات في ذلك الوقت 13 عاماً. وفي مقابلة صحافية أخيراً قال ويات إن عمله في الوزارة سيكون عابرا للحواجز السياسية وسيتواصل مع قيادات الأحزاب الأخرى لمعالجة المشكلات التي تواجه السكان الأصليين. يُذكَر أن السكان الأصليين في أستراليا لهم تاريخ طويل من التعرض للفظائع والإخضاع في ظل الاحتلال البريطاني الذي بدأ في سبعينات القرن الثامن عشر. على سبيل المثال كانت أم الوزير ويات من ضمن ضحايا ما يُعرَف باسم «الجيل المسروق» من سكان أستراليا الأصليين، حيث تم عزل أطفال هؤلاء السكان عن والديهم قسراً، ووضعهم في منازل غير تابعة للسكان الأصليين، مما عُرِف بسياسة الاستيعاب. ووفقا لوكالة الأنباء الألمانية الإخبارية فقد كان كيفين كلاين رئيس وزراء أستراليا قبل 9 سنوات قد اعتذر لأبناء «الجيل المسروق»، في خطوة تستهدف تحقيق المصالحة المجتمعية بين سكان أستراليا البيض والسكان الأصليين. وبحسب تقرير قدمه المقرر الخاص للشعوب الأصلية التابع للأمم المتحدة، يوم الاثنين الماضي فإن ملف «الجيل المفقود» هو مجرد مشكلة واحدة من مشكلات كثيرة يواجهها السكان الأصليون في أستراليا. وتضم قائمة المشكلات الأخرى التمييز العرقي في الرعاية الصحية، وارتفاع نسب السجناء من السكان الأصليين مقارنة بنسبتهم إلى إجمالي عدد السكان. من ناحيته يقول ويات لوكالة الأنباء الألمانية: «عندما أنظر إلى السنوات الستين الماضية من عمري، أرى تغيرات كبيرة أدت إلى نتائج محسنة كثيرة وتعزيز هذه النتائج كان أمرا مهما… لكن ما زالت لدينا فجوات فيما يتعلق باحتياجات مجتمع سكان أستراليا الأصليين.. فما زال أمامنا طريق طويلة لإنهاء معاناة هؤلاء السكان». على سبيل المثال، فإن السكان الأصليين يأتون في ذيل الكثير من المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية. ورغم أن السكان الأصليين يمثلون 3 في المائة فقط من سكان أستراليا البالغ عددهم 24 مليون نسمة، فإنهم يمثلون 27 في المائة من نزلاء السجون فيها. كما أن متوسط أعمار السكان الأصليين يقل بمقدار 10 سنوات عن متوسط أعمار باقي الأستراليين. وفي ظل هذه التحديات، يصبح تعيين ويات وزيرا في الحكومة الاتحادية نقطة ضوء مهمة تبعث على الأمل. تقول بات ترنر وهي موظفة كبيرة متقاعدة في مدينة كانبيرا وأحد نشطاء السكان الأصليين: «تعيين رجل من السكان الأصليين في منصب وزير اتحادي لأول مرة هو مصدر فخر كبير.. هذا الأمر تأخر كثيرا». أما ويات الذي كان أول عضو منتخب في مجلس النواب من السكان الأصليين، عندما تم انتخابه عن دائرة هاسلاك في إقليم ويسترن أستراليا، فقال إن تعيينه في المنصب الوزاري «عبء ثقيل». وقبل دخوله البرلمان، ظل ويات يعمل على مدى أكثر من 28 عاماً على المستوى الشعبي في مجال الرعاية الصحية والتعليمية للسكان الأصليين. وقال ويات إن «الأمر مثير بالنسبة لي؛ أن تكون الأمل الكبير، فإذا فشلت فمن الذي يمكنه أن ينجح… في مثل هذا السياق، فأنا سأعمل بجد للتأكد من أننا لن نفشل». وقد جاء تعيين ويات بالتزامن مع وجود 5 أعضاء من السكان الأصليين في البرلمان، منهم اثنان في مجلس النواب وثلاثة في مجلس الشيوخ ليشكلوا كتلة برلمانية غير رسمية. وقال ويات بالنسبة لوجودهم في البرلمان: «نحن نقبل احتمال اختلافنا في المواقف السياسية، لكن كسكان أصليين، في هذا المجلس سنعمل معاً بكل جد لتحقيق التغيير». من ناحيتها أشادت ترنر بهذه المبادرة البرلمانية للأعضاء السكان الأصليين، قائلة إن هذه المجموعة تعمل خارج المواقف الحزبية، مضيفة أنهم يجتمعون بشكل متكرر لمناقشة الموضوعات الأساسية وتطوير أفضل «استراتيجية لخدمة شعب السكان الأصليين». وتقول جاكي هوجينز المؤرخة والأستاذ الجامعية إن الخبرة العملية لدى ويات وفهمه لقضايا مجتمع السكان الأصليين ستكون أساساً لعملية صناعة السياسات في هذا المجال. وأضافت في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية: «نحن سعداء بوجود كين (ويات) هنا. نحن نعرف أنه نال ما يستحق». وتتضمن المشكلات الصحية التي يعاني منها السكان الأصليون ارتفاع معدلات الانتحار وارتفاع معدلات إلحاق الأذى بالنفس. كما ترتفع معدلات وفيات الرضع بينهم، ولم ينجح البرنامج الذي استهدف مواجهة هذه المشكلة بحسب التقارير الحكومية. يقول ويات إن من بين التحديات التي تواجه السكان الأصليين أيضا، التمييز المؤسسي ضدهم فيما يتعلق بالرعاية الصحية، مضيفاً: «الدراسات الخاصة بتلقي الرعاية الصحية بعد المرحلة الثانوية أظهرت أن السكان الأصليين لا يحصلون غالبا على المسار الأمثل لتلقي العلاج لبعض الأمراض المحددة… التمييز العرقي في المجال الصحي مؤسسي». تقول بانوك ريند ممرضة من السكان الأصليين وتعمل في أحد مستشفيات ملبورن إن التمييز المؤسسي يمثل مشكلة كبيرة لكل من المرضي والعاملين في المجال الصحي. وأضافت: «لم أتصوَّر أن عاملاً في المجال الصحي سيواجه التمييز… لكن لا يمكن أن تكون في مأمن من هذا التمييز». يُذكَر أن ويات مؤيد متحمس لإجراء استفتاء دستوري بهدف الاعتراف بأن السكان الأصليين هم أول شعب يسكن أستراليا، حيث تعود سلالتهم بالقارة إلى أكثر من 50 ألف سنة قبل وصول البريطانيين إلى القارة الأسترالية. وقال ويات إن اعتراف الدستور بهذه الحقيقة سيعطي المحاكم نقطة مرجعية عند إصدار القرارات أو مواجهة القوانين والبرامج الحكومية التي تنطوي على انتقاص من حقوق السكان الأصليين «كما سيمثل مرجعية للبرلمان للقيام بالإصلاحات الواجبة».

مشاركة :