تحرير أراضٍ من «لصوص الشبوك» بمساحة 4 دول عربية خلال 3 أشهر

  • 4/8/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

فاقت مساحة الأراضي الحكومية التي استردتها أمانات مدن سعودية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، مساحة أربع دول عربية مجتمعة، هي: قطر، والبحرين، ولبنان، وجزر القمر، ومئات أضعاف مساحات عواصم أوروبية شهيرة، بعدما سطا عليها لصوص الأراض. وحررت السعودية منذ بداية العام الميلادي الجاري أكثر من 26 ألف كيلومتر مربع، نهبها لصوص استغلوا ضعف الرقابة الحكومية، رصدتها «الحياة» من بيانات صحافية نشرتها وكالة الانباء السعودية (واس) خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وتفوق المساحة المستردة 30 ضعف مساحة العاصمة الألمانية برلين (892 كيلومتراً)، و200 مرة مساحة العاصمة الفرنسية باريس (105 كيلومترات). وتغيب الإحصاءات الرسمية عن حجم الأراضي المُعتدى عليها، لكنها تظهر بشكل واضح في مدن: مكة المكرمة، والرياض، وجدة، والطائف، وهي أكثر المدن التي شهدت تحرير أراض خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. وقدر اقتصاديون حجم الأراضي التي كانت منهوبة ولكن استردتها الدولة خلال الأعوام 2010 وحتى 2015، ببليون ونصف البليون متر مربع، تقدر قيمتها بـ2.3 تريليون ريال، وهي قيمة الصكوك التي ألغتها وزارة العدل أو التعديات التي أزالتها وزارة الشؤون البلدية والقروية في 12 مدينة ومحافظة. وفي الوقت الذي يعاني فيه ملايين السعوديين من «أزمة إسكان»، يعمد لصوص الأراض إلى السطو على أملاك الدولة الواقعة خارج النطاق العمراني، وتخطيط وتقسيمها وبيعها إلى المواطنين بصكوك «وهمية»، وتجد إقبالاً عليها لانخفاض أسعارها. وأرجع مختصون انتشار التعديات على الأراضي الحكومية إلى «عدم وجود نظام واضح وشفاف لتوزيع الأراضي الحكومية، يأخذ في عين الاعتبار الحاجة لإيجاد المساكن، وعدم أخذ زكاة أو رسوم عليها»، ولكن وزارة الإسكان بدأت قبل أيام إصدار فواتير لهذه الأراضي في العاصمة الرياض. وتمثل «الشبوك» إحدى أكثر ظواهر التعدي على الأراضي الحكومية، ويعمد شخص إلى تسوير قطعة أرض خارج النطاق العمراني بسور أو سواتر ترابية للإعلان عن ملكيته له، من دون وجود صكوك شرعية عليها. وأقر وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله، في حديث مع أحد المواطنين، بأنه بات من الصعب على المواطن امتلاك أرض، بسبب انتشار «الشبوك»، وتناولت تصريحه حينها منصات التواصل الاجتماعي التي طالبت بالكشف عن ملاكها وعودة تلك الأراضي إلى الدولة في ظل معاناة المواطنين من أزمة مساكن. وطالبت هيئة الرقابة والتحقيق في العام 2015، الجهات المختصة بنزع ملكية الأراضي غير المستغلة وإزالة «الشبوك»، مشيرة إلى أن وجودها أثر سلباً على الحياة المعيشية للمواطنين، وساهم في ارتفاع الأسعار والعقارات. واستعادت لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات في إمارة منطقة مكة المكرمة خلال شهر تشرين (أكتوبر) الماضي حوالى ثمانية ملايين متر مربع متعدى عليها في طريق الخواجات. ونجحت الإمارة خلال الأعوام الماضية في استعادة أكثر من 180 مليون متر مربع من أملاك الدولة، قيمتها تتجاوز 35 بليون ريال. وفي شهر آذار (مارس) الماضي، أزالت لجنة التعديات في أملج تعديات على أراض حكومية تقدر مساحتها بـ24 مليون متر مربع شملت حواجز حديد وعقوماً ترابية وأسلاكاً شائكة. وفي الشهر نفسه أزالت أمانة منطقة حائل تعديات على أكثر من 40 موقعاً بمساحة تقدر بـ150 ألف متر مربع في بلديات وقرى عدة. وأزالت أمانة الطائف خلال شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، تعديات على أراض حكومية في مشروع شمال المحافظة عبارة عن سواتر ترابية يبلغ طولها مليوني متر. وقدرت الأمانة مساحة الأراضي المستردة خلال السنوات العشر الأخيرة بأكثر من 37 مليون متر مربع شملت عقوماً وشبوكاً وأسواراً وغيرها من الاحداثيات. وتقدر حجم الأراضي التي استردتها أمانة جدة خلال العامين الماضيين أكثر من 50 مليون متر مربع، بينها 21 مليوناً تقدر قيمتها بـ10 بلايين ريال في أحياء جنوب وشرق المحافظة، تضم موقعاً كان مخصصاً لوزارة الإسكان في الخمرة.   لصوص سبعة نجوم يعرقلون مشاريع الإسكان   أكد عقاريون أن استعادة ملايين الأمتار المربعة من أراضي التعديات سيساهم في خفض أسعار العقارات في حال منحتها الدولة لوزارة الإسكان لإقامة مشاريع عليها. وأرجع الخبير العقاري خالد العمري في تصريح إلى «الحياة» زيادة التعديات في بعض المخططات خارج النطاق العمراني إلى تأخر مشاريع البنى التحتية لتلك المخططات، مبيناً أن تلك المخططات قدمت منحاً للمواطنين منذ 35 عاماً، لكنهم لم يسكنوها لعدم توافر الخدمات. وانتقد الكاتب جمال بنون في مقال له نشرته «الحياة» في العام 2013 تغافل مسؤولين حكوميين عن سرقة أراض بملايين الكيلومترات المربعة من قبل من وصفهم بـ«لصوص سبعة نجوم، من دون أن يتمكن أحد من اكتشافهم ومطالبتهم بأوراق تثبت ملكيتهم، بدوا معها وكأنهم أقوى من عيون الدولة ومسؤوليها ومراقبيها». ولفت بنون إلى أن لصوص الأراضي ظهروا بعدما تفشت ظاهرة «الشبوك» وتوزيعها والاستيلاء على الأراضي المخصصة للمرافق العامة لتطبيق المنح الملكية، وتوقف منح الأراضي وتعثر مشاريع الاسكان. وأثارت إزالة إمارة منطقة مكة المكرمة تعديات على أراض في منطقة عمق وقرية مقنعة بمساحة تتجاوز 170 مليون متر مربع العام 2016، استياء سكان المنطقتين الذين فوجئوا بأعمال الإزالة لمساكنهم، بحجة أنها مخصصة لمنطقة صناعية، أكدت الإمارة أنها أرض مملوكة للدولة، واعدة تعويض أصحاب المنازل، وتوعدت بـ«معاقبة جميع من تاجر في عمليات بيع ما لا يملكون ومارسوا النصب والاحتيال على المواطنين وأكل أموالهم بالباطل».   إحالة معتدين على القضاء.. و«العدل» تلغي صكوكاً   قررت محافظة جدة في شباط (فبراير) من العام الماضي إحالة لصوص متهمون بالاستيلاء على أراض حكومية إلى القضاء بعدما باعوها إلى المواطنين بصكوك وهمية، أحبطت خلالها المحافظة بيع أكثر من مليوني متر مربع، قام المتهمون بتسويرها لبيعها بمبالغ تصل 50 ألف ريال للقطعة الواحدة. ولمحاصرة لصوص الأراضي الحكومية، ألغت وزارة العدل قبل عامين صكوك مخالفة لاراض في الرياض متوسط قيمتها يتجاوز 400 بليون ريال. طالب آنذاك المفتى العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بـ«التشهير» باللصوص، الذين كان من بينهم كتاب عدل وعقاريين.

مشاركة :