اعتبر محللون أميركيون لـ «البيان» أن استهداف البحرية الأميركية بصواريخ توماهوك قاعدة الشعيرات العسكرية قرب حمص هي رسالة من قبل إدارة دونالد ترامب للرئيس السوري بشار الأسد وداعميه الروس والإيرانيين أن الولايات المتحدة لا تستبعد أي من خياراتها في المنطقة. وتقول مسؤولة التخطيط والاستخبارات في معهد الحرب للدراسات في واشنطن جنيفر كافاريلا لـ «البيان» «لا يمكن أن يكون هناك مستقبل للأسد ونظامه في سوريا. ومن الجيد أن إدارة ترامب اعترفت بأن النظام يجب أن يذهب من أجل التوصل إلى تسوية تفاوضية.إن إظهار الإرادة الأميركية باستخدامها القوة العسكرية هي خطوة أولى ضرورية، ولا يزال ترامب بحاجة إلى استراتيجية أكبر لتحقيق النتائج التي يتطلبها الأمن القومي الأميركي والإنسانية». شرط من جهته، يقول زميلها في المركز الباحث في الشأن السوري جنفييف كاساغراند لـ «البيان» «لا يمكن للأسد البقاء والنجاة بأفعاله والاستمرار في ارتكاب فظائع منتظمة، مثل استخدامه المتكرر لأسلحة كيميائية وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية من دون دعم نشط من روسيا وإيران. ولن يتوقف الأسد حتى تسحب إيران وروسيا دعمهما غير المشروط لوحشيته». وفي الاتجاه ذاته، يرى الخبير في الشأن السوري كريستوفر كوزاك أن «الردع هو شرط مستمر، وليس غارة جوية مدتها ساعة واحدة، وأظهر ترامب نيته وقدرته على استخدام القوة الأميركية إذا لزم الأمر، ويجب عليه مواصلة الضغط على الأسد من أجل وضع شروط لتحقيق مصالح الأمن القومي الأميركي الحيوية في سوريا». وأضاف كوزاك لـ «البيان» أن «إدارة ترامب بدأت في إعادة تأكيد مصداقية الرد العسكري الأميركي، وهو الأمر الجوهري لخلق الظروف لتسوية دائمة عن طريق التفاوض». أخطار بالموازاة، يرى الإعلامي في صحيفة نيويورك تايمز ديفيد سانغر أن نتائج هذه الضربة بحاجة إلى أيام حتى يتم تقييمها بالشكل الصحيح. مضيفا أن لهذه الضربة تبعات ومخاطر كبيرة فالخطر الأول حسب سانغر هو أن ترامب يقامر بعلاقته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أما الخطر الثاني حسبه فيتمثل في أن ترامب، في إطلاق النار على الأسد، يضعف هدفه الرئيس في المنطقة: هزيمة تنظيم «داعش». إذا انهارت سوريا كدولة وأصبح هناك شغور في البلاد، يمكن أن تصبح سوريا ملاذاً للإرهابيين، وهو ما تعهد ترامب بعدم حصوله تحت قيادته. أما الخطر الثالث هو أن ترامب ليس لديه خطة حقيقية لإحلال السلام في سوريا إذ انهارت المفاوضات التي قادتها الولايات المتحدة على مدار 18 شهراً الأخيرة من عهد وزير الخارجية السابق جون كيري للوصول لحل سياسي للأزمة. إضافة إلى أن وزير الخارجية الحالي ريك تيلرسون لم يبد أي رغبة في بدء مفاوضات جديدة. كما أن ميزانية ترامب المقترحة تخفض البرامج التي من شأنها أن توفر الإغاثة للمشردين، السوريين المحاصرين الذين نجوا من ست سنوات من الحرب الأهلية. ويقول سانغر لـ «البيان» "ولكن مثل العديد من أسلافه، لم يتمكن ترامب من اختيار الأحداث التي دفعت به لاستخدام القوة العسكرية. والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان فريقه الجديد غير المختبر، المقسم في تعريفه الخاص بكيفية ومتى تستخدم القوة الأميركية، يمكن أن يحول التدخل في سوريا إلى شيء أكثر من مجرد إظهار رمزي للقوة" وهنا يخطر تساؤل آخر مشروع، هل قام الرئيس الأميركي بهذه الضربة للخروج من مأزقه ومأزق إدارته وفشلهم في تنفيذ وإقرار أهم الوعود الانتخابية وبالتالي تشتيت الانتباه عن الفشل؟ الايام وحدها يمكن أن تعطينا الإجابة عن هذا التساؤل.
مشاركة :