لا تخلو رحلات الغوص في الماضي أو ما يطلق عليها بـ"الدشة" من المشقة والعناء الذي يواجهه البحارة في البحر حتى عودتهم إلى البر أو مرحلة انتهاء موسم الغوص التي تسمى بـ"القفّال". ففي المراكب يعيش البحَّارة حياة مختلفة تتخللها قوانين دقيقة وقرارات تحتاج للكثير من الحكمة والخبرة واتخاذ الإستراتيجيات المناسبة لها، وقوانين أخرى منها تدخل ضمن عادات اعتادوا العمل بها خصوصاً بأن "الدشة" تمتد لنحو أربعة أشهر وهي مدة طويلة يتخللها تنوع في الظروف. يتحدث "النوخذة" خليفة العميري الذي يعمل مشرفاً على البحَّارة في مهرجان الساحل الشرقي الخامس المقام بالواجهة البحرية بالدمام، عن أمر قد يتساءل عنه الكثيرون من زوار المهرجان، وهو طول الفترة التي يقضيها الغواصون على المراكب وصعوبة العودة إلى اليابسة ومصير موتى البحَّارة في الماضي وهم في عرض البحر على ظهور المراكب الشراعية مع تعذر الاحتفاظ بجثة الميت فترة طويلة وهي مدة العودة إلى البر، موضحاً بأن حياة الرجال في البحر يرتفع فيها بلا شك نسبة وقوع الخطر، كما أن تعرضهم لأي عارض صحي قد يودي بحياة أحدهم لعدم توفر العلاج للكثير من الأسباب المرضية، مضيفاً بأن حدوث شيء من الشدائد والإصابات المهلكة لأحد البحَّارة في منتصف رحلة الغوص يعتبر أمرا في غاية الصعوبة فلا رجعة ولا يمكن معالجة الأمر بسهولة. إشار إلى أن الغواصين كانوا يحتفظون بالمحار بعد فلقه والبحث عن اللؤلؤ داخله، حيث يتم جمعه في "أكياس" لإمكانية الحاجة له إذا توفي أحد منهم حيث يتم غسل الميت وتكفينه، ثم يصلى عليه فتربط أصداف المحار بجسمه ثم يلقى في البحر، وبهذه الطريقة يضمن البحارة بأنه يثقل ويهبط إلى الأعماق ولا يعود إلى سطح البحر، في المقابل هناك من كان ينتظر عودة الجميع سالمين محملين باللؤلؤ وبدلاً من أن يعود أحدهم لذويه باللؤلؤ يرسل "النوخذة" لهم ملابسه وعدة الغوص التي يستعملها وما أمكنه الحصول عليه من "الدشة" وذلك للدلالة على موت الشخص.
مشاركة :