حوار الأديان.. مبادرة سعودية لنشر السلام العالمي

  • 4/8/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يقال في الأثر من عرف لغة قوم أمن مكرهم وقد يكون الاصح أن من عرف ثقافة قوم زاد ودهم, وهذا يسوقنا إلى الدور الكبير الذي تلعبه الملتقيات الثقافية في تقارب الشعوب ومساهمتها في تغيير الكثير من المفاهيم عند الطرف الآخر لتتحول الحالة من السلبية إلى الإيجابية. فحينما يستقي مواطن أي دولة في العالم ثقافة بلد آخر من خلال وسائل الاتصال فقط يكوّن فكرة منقوصة عن تلك الثقافة وقد تكون غالباً خاطئة ومشوهة, وهنا يكمن الدور الذي تعنى به الثقافة والمثقفون. التواصل والالتقاء مع الاخر - ثقافياً - بالغ الاهمية وعن قرب أيضاً من خلال الملتقيات التي من شأنها ردم أي هوة ثقافية بين شعب واخر وتسهم في التقارب والتواد في آن واحد.. "الرياض" وانطلاقاً من رسالتها الاعلامية والثقافية أزاحت الستار عن المشهد باستطلاع رأي عدد من المثقفين من دول متعددة وثقافات مختلفة لإلقاء الضوء على زوايا معتمة آن الاوان لان ترى النور.. إنسانية الثقافة قال القنصل العام لفرنسا في جدة "باتريك نيكولوزو" عن أهمية هذه الملتقيات: هذا موضوع مهم جدا لسبب أهم وهو أن الثقافة أصبحت من أهم الوسائل لتواصل الشعوب لما يتم خلالها من تبادل الآراء والافكار, فالمثقف يستطيع أن ينقل في كتاباته الإيجابيات والصور الجميلة المشرقة عن الآخر, ومن هنا فالتعاون الثقافي من خلال الملتقيات أو التظاهرات الثقافية بين الشعوب هو أساس العلاقات الإنسانية التي تتوطد وتنمو نتاجاً لهذا النوع من التواصل. حوار الأديان ويشارك د. علي عتيق المالكي وكيل كلية الآداب وأستاذ مساعد في قسم اللغة العربية - جامعة الطائف - مستشهداً بما قال المفكر الراحل تودروف: إن الآخر ليس الطريق لمعرفة الذات، وإنما هو الطريق (الوحيد) لمعرفة الذات. من هنا ندرك بأنه مما لاشك فيه أن الملتقيات الثقافية تلعب دوراً أساسياً في التقريب بين وجهات النظر التي تنتج عن اختلاف ثقافات المتحاورين واختلاف لغاتهم ومرجعياتهم التاريخية والدينية ولكن إذا توفرت في تنظيمها بعض الأمور لعل من أهمها حسن اختيار موضوع ومحاور هذه الملتقيات بحيث تكون صياغتها اللغوية متميزة بالحيادية واختيار المشاركين فيها من أصحاب الفكر المنفتح على الآخر بعناية بعيداً عن التعصب الفكري والسياسي، وهذه الأمور تقوم على عاتق المنظمين لهذه الملتقيات. ولدينا ولله الحمد مثالان جميلان أحدهما على المستوى العالمي والآخر على المستوى العربي. المثال العالمي يكمن في مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله حول حوار الأديان , والمثال العربي ما تقوم به مؤسسة الفكر العربي التي يرئسها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل. لقد انبثقت عن هاتين المؤسستين الثقافيتين العديد من الملتقيات الثقافية التي قربت كثيراً بين وجهات نظر أصحاب الديانات الثلاث وخلقت حالة من التسامح بين أصحابها في عالم مضطرب بالصراعات الدينية والمذهبية. وعن مؤسسة الفكر العربي لاشك أن الملتقيات التسعة التي رأت النور عن طريقها وحدت الكثير من وجهات النظر بين النخب العربية وخلقت جواً من الرؤية المشتركة بين أطيافها المختلفة وكونت من خلالها نسيجًا ثقافيا أحوج ما تكون الأمة العربية إليه في ظل الانقسامات السياسية والمذهبية التي تعصف به. فرنسا أنموذج وتؤكد الأستاذة سلمى أتاسي نائب ملحق التعاون والعمل الثقافي مسؤولة الدراسات الجامعية في فرنسا ان التثاقف يفتح قنوات الحوار ومعرفة الاخر، يوسع المدارك وينمي احترام الرأي المختلف ولأهمية الملتقيات الثقافية ودورها في التقارب بين الشعوب تحتفل فرنسا والبلدان الفرنكوفونية كل عام في شهر مارس بلغة فرنسا، كونها بلدا مميزا بثقافته، ويفخر بمثقفيه، محاور للثقافات ومنفتح للحضارات الاخرى، ومن هذا المنطلق، فان الفعاليات التي تنظمها الملحقية الثقافية في القنصلية العامة الفرنسية في جدة بمناسبة الاحتفال بالفرانكوفونية، ساهمت وتساهم في التعريف بالأدب الروائي السعودي وبالكتاب السعوديين، وتقديمهم للقارئ الفرنسي المقيم في المملكة، وذلك بتحضير ندوات ثقافية يشارك فيها أدباء سعوديون وأدباء من الدول الفرنكوفونية تترجم خلالها مقاطع من الرواية السعودية الى الفرنسية، ان لم تكن مكتوبة مباشرة بالفرنسية. وكذلك فرصة للكتاب الفرنسيين الذين حضروا لأول مرة للمملكة للالتقاء بنظرائهم السعوديين, وقد أبدوا انطباعا جيدا عن المملكة وعن المثقفين السعوديين من خلال هذه التظاهرة الثقافية والتي كان لها دور كبير في معرفة ثقافة الآخر والتعايش معه. الملحمة العربية ويقول الدكتور محمد عبد الرزاق المكي الأستاذ المشارك بجامعة الطائف ثمة دور فاعل تنهض به الملتقيات الثقافية في تحقيق نوع من التعايش السلمي بين الشعوب؛ إذ إن هذه الملتقيات فضلاً عما تتيحه من تلاقح ثقافي وتمازج حضاري؛ فإنها تسهم إسهامًا كبيرًا في تقريب وجهات النظر بين الشعوب المختلفة ممثلة في ضيوف تلك الملتقيات وقد أتيح لي الاطلاع عن كثب على عدد من الملتقيات التي أقامتها مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري بالكويت ومن بينها ملتقى الشعر من أجل التعايش السلمي الذي أقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2011، وقد شارك فيه كوكبة من كبار مثقفي العالم، وقدموا أوراقًا بحثية أكدت أهمية الشعر في تحقيق التآلف الإنساني في عالم يموج بتحديات صعبة على كافة الأصعدة، كما ركز المؤتمر على أن حوار الحضارات والثقافات وتفهم الآخر هو  المخرج الأساسي في سبيل تخطي هذه العقبات التي تواجه البشرية اليوم، وكذلك المؤتمر الذي أقامته المؤسسة نفسها عن حوار الحضارات في جامعة أكسفورد ببريطانيا عام 2015؛ إذ تطرق المؤتمر إلى عدة قضايا كأوضاع اللاجئين، والتنمية البشرية، والشباب والتحديات العالمية، كما تبنى رئيس المؤتمر مشروع كتابة الملحمة الشعرية العربية الإيجابية الذي يستهدف بمشاركة جميع شعراء العربية إصدار منجز شعري يترجم إلى كل اللغات، ويقدم صورة صادقة للفكر العربي وإيجابيات الأمة العربية، ويتكشف لنا من خلال هاتين التجربتين وغيرهما كثير، مدى فاعلية الدور الذي تؤديه تلك الملتقيات في التأسيس لحالة من التعايش السلمي وإذابة الفوارق الثقافية والسوسيولوجية بين الشعوب متخذة من الأدب مرتكزًا نحو  بناء علاقات إنسانية، وتكوين أفكار إيجابية، ومن ثم فإن من الضرورة بمكان أن يكون لهذه الملتقيات محل الصدارة لدى جميع المؤسسات والهيئات الثقافية، لا سيما ونحن في عصر لا وجود فيه للفكر الأحادي المنغلق الذي يعيش بمعزل عن الآخرين، بل إن الوجود الحقيقي يتجلى من خلال تعدد الرؤى والانفتاح على الآخر. رسالة الشعراء ويتحدث محمد جميل شاعر وناقد سوداني قائلا: تكمن أهمية الملتقيات الثقافية في كونها مناسبة مهمة لنشر الابداع، وتجديد المعرفة بكتابات الآخرين، وتطوير العلاقات الأدبية بين المشاركين. فمن أهم الفعاليات التي تجعل من الإبداع حالة مشتركة؛ تلك الفعاليات التي تتجلى فيها العلاقة بين المبدع والمتلقي كأفضل ما يمكن أن يكون عليه الابداع، لاسيما في الشعر خاصة. ذلك أن علاقة الشعر مثلا بالنشاط الجماعي عبر تلك الملتقيات علاقة حيوية وأكثر فعالية، لأن فن الشعر وهويته المتصلة بالمتلقي عبر منابر السماع التي توفرها تلك الملتقيات والتفاعل الخلاق بين الشاعر والجماهير لهو إحدى الثمار المرجوة من تلك الملتقيات. وبطبيعة الحال أن تلك المناسبات توفر مناخا ثقافيا طيبا لتطوير العلاقات الادبية على هامش العلاقات الإنسانية في الوقت ذاته بين مبدع واخر.  فمثل هذه المناسبات الثقافية بوصفها طقسا جماعيا للإبداع تجعل من تلك العلاقات الافتراضية بين المبدعين علاقاتٍ أكثر حميمية ومعرفة وقربا. إن التواصل الإنساني ليس فقط مجرد لقاء عابر بل سيكون بدايات لعلاقات متجددة ووثيقة بين الثقافات, لذا فإن أهمية المهرجانات والفعاليات والنشاطات والمعارض هي جزء من أهمية الابداع ذاته. فإذا كان الإبداع؛ هوية لنشاط انساني عابر للجميع، عبر مشتركات الذائقة والتفاعل فإن تلك الملتقيات هي الروح الذي يسري بين المبدعين وجماهيرهم. ومن ثم فإن ضرورة تنظيم تلك الملتقيات بصورة دورية ليست ترفا ولا فائضا بل ينبغي أن تكون جزءًا أساسيا من سياسات الدولة الثقافية تجاه مواطنيها تماما كالمتطلبات المادية، ويمكننا القول إن تلك المنتديات لو جرى تنظيمها في مناخ حر وفضاء مفتوح وتعددية حقيقية للإبداع فإنها ستلعب دورا كبيرا ومهما في تطوير المجتمعات وترقية ذائقتها الفنية والثقافية التعاون الإسلامي ورأى مدير عام الشؤون الثقافية والاجتماعية وشؤون الأسرة في منظمة التعاون الإسلامي بجدة مهلة أحمد طالبنا - موريتانية -: أن الأعمال الثقافية بصفة عامة تقرب الإنسان للإنسان والشعوب بالشعوب وهذا مسلم به والمنظمة تعمل في هذا الجانب من خلال ما تنظمه من دورات بناء على توصيات رؤساء وملوك أعضاء المنظمة وكانت آخر دورة في هذا الجانب كان عنوانها "دورة التعليم والتنوير طريق إلى السلام والإبداع" وهذا يبرهن على ان القادة مدركون جيدا أن للثقافة دورا تنويريا في بناء السلام ولا يمكن أن يبنى سلام أو تضامن بدون تشجيع الأعمال الفكرية والإبداعية والثقافية والفنية لذا منظمة التعاون الإسلامي تعمل أساسا على نشر المبادئ والتعاليم الإسلامية السمحة والتعريف بالإسلام, فالمسلمون اليوم يعيشون في فترة استثنائية مليئة بالتحديات, فهم بين المطرقة والسندان.. مطرقة المجموعات الإرهابية في أعمالها الوحشية وسندان المجموعات الغربية المتطرفة التي تسيء فهم الإسلام وتشوهه. لذا نحن في المنظمة نتجه إلى زيادة الملتقيات الثقافية حتى نواجه دول العالم غير المسلمة بالتعريف بالإسلام الحقيقي وأنه دين سلام, ونبين لعالمنا الاسلامي - العربي تحديداً - أن هناك مسلمين في آسيا ينتشر بينهم الإسلام "السني" وكذلك في أفريقيا لذا فالمهرجانات الثقافية والملتقيات رافد للتعارف وتقريب وجهات النظر. قد يكون هناك من ينتقدنا لانه يجهلنا ومن جهل شيئا عاداه , ولله الحمد أن الدول الأعضاء تتجه إلى تشجيع العمل الثقافي الفني الإبداعي, والمملكة تشجع هذا التوجه, لأنها تعلم أن ذلك يساهم في التعريف بالإسلام والمسلمين, ومسلكاً لمواجهة الآخر الفكر بالفكر والقلم بالقلم والريشة بالريشة. ومن المشروعات الثقافية للدول الأعضاء أذكر أن المملكة تقدمت بقرار لحماية التراث الإسلامي, وبوركينا فاسو تقدمت بقرار لتشجيع الإنتاج السينمائي للتعريف بالإسلام والمسلمين, وشجع القادة هذا القرار وأقروا جائزة للإنتاج السينمائي بحيث يكون المنتج بمعايير إسلامية وأخلاقية, ودولة أخرى من آسيا الوسطى تقدمت بقرار لإقامة مهرجان للألعاب التقليدية, هذه فقط بعض الأمثلة على أهمية الملتقيات الثقافية في توطيد العلاقات بين الدول. د. علي المالكي: الآخر هو طريق معرفة الذات د. محمد مكي: الملحمة العربية بارقة أمل «مهلة»: من جهل شيئاً عاداه سلمى أتاسي: المعرفة حضارة وتعايش «جميل»: الأدب مطلب وطني

مشاركة :