كشفت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري عن وجود مساعي جادة للوصول إلى قانون "موحد" لأحكام الأسرة، سيعلن عنها قريباً من قبل الجهات المعنية بوضع المقترح، مشيدة بتوجه رئيسة اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى دلال الزايد بمعية عدد من أعضاء المجلس، بتقديم مقترح بقانون لإصدار قانون موحد لأحكام الأسرة، مؤكدة على انه من المهم أن يعمل المشرع على سد هذا الفراغ التشريعي لمعالجة الإشكالات الناتجة عن ذلك على صعيد استقرار الأسرة البحرينية وانتقاصه لحقوق افرادها وخصوصاً المرأة، وذلك بعد تجربة البحرين الناجحة في مجال تطبيق القسم الأول من القانون والمفعل منذ العام 2009. وأشارت في لقاء خاص مع وكالة أنباء البحرين "بنا" إلى أن المجلس الأعلى للمرأة يقدم كل ما يلزم لدعم جهود أصحاب الاختصاص من حيث تزويدهم بالإحصائيات والبيانات الراصدة لطبيعة المشاكل التي تواجه المرأة وأسرتها من جراء غياب قانون متكامل للأسرة البحرينية، وأضافت: "بأنه من غير الطبيعي أن يستمر هذا الفراغ التشريعي، وبالتالي فقد حان الأوان لاستكمال بنود القانون الذي سيراعي دون أدنى شك خصوصية الفقه المتبع من قبل المتقاضين". كما أوضحت الأمين العام بأن المجلس الأعلى للمرأة يتعاون بشكل وثيق مع وزارة العدل والشئون الإسلامية لافتتاح مقر محكمة الأسرة بالحنينية، الذي تم تخصيصه لهذا الغرض بأمر من صاحب الجلالة الملك، وبناء على توصية من صاحبة السمو الملكي رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، وبما يضمن للأسرة البحرينية بيئة تقاضي ملائمة تأخذ في الاعتبار خصوصية القضايا الأسرية وتراعي ظروفها وظروف أبنائها خلال فترة الخلافات الأسرية، حيث ستضم المحكمة تحت سقفها العديد من الخدمات كالتوفيق الأسري، وصندوق النفقة، والمحاكم المختصة بالنظر في قانون الأسرة المؤمل صدوره في الفترة المقبلة". وأشارت إلى أن المجلس الأعلى للمرأة قطع أشواطاً مهمة في تأسيس البنية المؤسسية لمتابعة تقدم المرأة البحرينية، لافتة إلى أن جائزة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة ملك مملكة البحرين رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله استطاعت أن تحظى بصدى مجتمعي وإعلامي لافت. كما أنها سلطت الضوء على إنجازات المرأة في كثير من القطاعات المهنية التي رسخت فيها المرأة بصمة لا تنسى. ونوهت بأن "إطلاق جائزة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة على المستوى العالمي يأتي في سياق طبيعي لما حققته وتحقق للمرأة على المستوى الوطني، كما أنه يأتي كنتاج لرؤية سموها الرائدة وتطلعاتها بتعظيم واستدامة مشاركة المرأة البحرينية كشريك أساسي في تنمية اقتصادنا الوطني". وأردفت "يسعى المجلس الأعلى للمرأة لتعميم أفضل الممارسات الفاعلة لتعزيز مركز المرأة على المستوى العالمي، والسعي نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة ذات العلاقة بتحقيق التوازن بين الجنسين، كما يأتي إطلاق الجائزة في الهيئة الأممية على المستوى العالمي بالتزامن مع مرور 10 أعوام على تدشين الجائزة على المستوى الوطني، والنجاح في تكريسها كمعيار يقيس أثر مشاركة المرأة في سوق العمل وقدرة المؤسسات على إتاحة الفرص المتكافئة والعادلة أمامها وما لذلك من أهمية كبرى على النمو الاقتصادي المحلي". وعن يوم المرأة البحرينية قالت الأنصاري أنه يتم في كل عام تسليط الضوء على مجال من المجالات وكان قطاع التعليم هو أول هذه القطاعات، لاسيما وأن مملكة البحرين كانت لها الريادة في بدء مسيرة التعليم النظامي، وبداية تعليم المرأة، وهذا العام سيحظى القطاع الهندسي الذي تبلغ نسبة المرأة البحرينية فيه 34% في القطاع العام و21% في القطاع الخاص باهتمام خاص في ضوء اختياره كموضوع ليوم المرأة البحرينية، خاصة وأن تفوق المرأة في المجالات العلمية يشكل تحدياً ذو طابع خاص، ولابد من تسليط الضوء على هذا القطاع. وأوضحت الانصاري بأن الاحتفال بيوم المرأة البحرينية، لا يأخذه المجتمع البحريني كتظاهرة احتفالية فقط، بسبب تحوله إلى برنامج عمل سنوي شامل بتعاون لافت لكافة المؤسسات المعنية، والذي تبدأ أعماله مبكراً كل عام مع اعلان صاحبة السمو الملكي لشعار المناسبة، وبالتالي أصبح هذا اليوم أشبه بتظاهرة سنوية توضح كمّ الإنجاز الذي حققته المرأة في المجالات المختلفة وتعمل مخرجاته وتوصياته على تجويد العمل على صعيد تمكين المرأة وتقدمها المهني، وبما ينسجم مع متطلبات وتوقعات الخطة الوطنية لنهوض المرأة والحاجة لاستدامة مشاركة المرأة ضمن المشهد التنموي". وأضافت: "إن تشكيل لجان تكافؤ الفرص التي بلغ مجموعها في القطاع العام 45 وفي القطاع الخاص 15 لجنة، يأتي ضمن جهود المجلس الأعلى للمرأة لتحقيق العدالة في بيئة العمل، ولا يعني ذلك أن يتم تقديمها في مواقع العمل دون أي حق، ولكن نحتاج أن نتأكد من حصول المرأة على فرص عادلة في الترقي المهني وفرص الحصول على العمل، خاصة إذا ما توفرت لديها الكفاءة المطلوبة". وتابعت "لذا فأمامنا مسؤولية كبيرة في أن نوحد قاعدة التفاهم بيننا وبين المؤسسات، وأن نعي ماذا نريد من لجان تكافؤ الفرص. ولا تعني لجنة تكافؤ الفرص نصرة المرأة دون وجه حق في مواقع العمل، بل هناك اعتبارات وظيفية ومساحة نتركها للمؤسسات للنظر فيما يخدم المصلحة، ولكننا لن نتنازل في مسألة حصول المرأة على فرص عادلة في حال تساوت كفاءتها مع الرجل في مواقع العمل. وبدورنا نعقد اجتماعات دورية مع لجان تكافؤ الفرص بشكل مستمر". وأردفت الأمين العام موضحة بأن: "اليوم نحمل على عاتقنا مسؤولية نحرص من خلالها كمؤسسة على تلبية التزامات البحرين الدولية في حدود ما يقره دستور مملكة البحرين والمستند لشريعتنا الإسلامية، وفي هذا الإطار يتم الاخذ بالمنهجيات العلمية المساندة لمتابعة تقدم المرأة وبما يحافظ على استقرارها الأسري وخصوصية مجتمعنا البحريني". وأوضحت بأن: "هدف تحقيق تكافؤ الفرص هو ليس لتقوية طرف على آخر، بل القصد منه تقوية علاقة التكامل بين الرجل والمرأة كشركاء في تعمير الأرض، وإذا عدنا إلى الشريعة الإسلامية كدستور لحياتنا، فهي تعطي المرأة من الحقوق ما يغنينا عن كل ما يطرح حولنا من مطالبات، فالمرأة المسلمة كاملة الأهلية في الشريعة الاسلامية ولها ذمة مالية مستقلة، ولها بالتالي شخصية قانونية تمارس بموجب ذلك معاملاتها المالية ولها ممارسة التكسب والتصرف في أموالها دون ولاية من أحد ما دامت أهليتها كاملة، وهي ترث وتورث، ومعصومة النفس والمال، وهي بحكم الشرع ليست ملزمة بالإسهام في المتطلبات المالية للأسرة. وبحكم القانون، يسمح للمرأة بأن تثبت مساهمتها في بيت الزوجية في حال قامت بالصرف والإنفاق من مالها، ليتم تقدير مساهمتها في إطار قانون الإثبات في حال وقع الطلاق". خلاصة القول، فإن جهود البحرين على صعيد ادماج احتياجات المرأة في التنمية وما تبنته من آليات جاءت بعد دراسة مستفيضة وتوصلنا إلى صيغة مقبولة لتبنيها، ولكن تبقى المسألة الأهم أمامنا وهو التطبيق للوصول إلى نتائج مؤثرة وإيجابية وبعيداً عن التنظير في مجال تقدم المرأة وتمكينها؟". ولفتت إلى "أن من بين التحديات التي واجهت ولا تزال تتعلق برفع مستوى الوعي بالحقوق والواجبات التي للمرأة وعلى المرأة، وتغيير بعض الثقافات المجتمعية التي تؤثر أحياناً على مشاركة المرأة واستقرارها الأسري وضمان حسن تطبيق القوانين المنظمة لكثير من القضايا المتعلقة بالمرأة". وأضافت: "جزء أصيل من عمل المجلس هو نشر الثقافة ورفع الوعي المجتمعي بحقوق المرأة وبنفس الوقت بيان ما عليها من واجبات، سواء من خلال مجموعات التركيز التي نعقدها مع مختصين، أو من خلال مركز دعم ومعلومات المرأة، أو من خلال الحملات الإعلامية، والبرامج التلفزيونية التي لاحظنا من خلالها تطور طرح الملفات المتعلقة بالمرأة، وهذا يعتبر مؤشر نضج". وعن الإحصائيات التي يسجلها مركز دعم ومعلومات المرأة التابع للمجلس الأعلى للمرأة، أشارت إلى أن متوسط عدد مراجعي المركز خلال العام حوالي (5500) مراجع ومراجعة، كما بينت الأنصاري إلى أن المجلس تلقى في الفترة ما بين 2011-2016 ما يقارب من (1314) طلب في مجال الإرشاد الأسري، وتم الصلح والتسوية الودية في عدد (478) طلب بنسبة 36%، فيما بلغت حالات الطلاق الآمن (162) طلب بنسبة 12%.فيما بلغت نسبة المستفيدات من الطلبات الإسكانية الواردة للمركز منذ عام 2002 وحتى عام 2016 ما يقارب من (678) مستفيدة من أصل (2856) طلب اسكاني للفئتين الثانية والثالثة، هذا واستقبل مركز دعم ومعلومات المرأة خلال الفترة 2012-2016 عدد (2118) طلب للحصول على الخدمة القانونية، وفيما يتعلق بطلبات الجنسية لأبناء الأم البحرينية المتزوجة من غير بحريني فقد تم استقبال عدد (3209) طلب بشأن الحصول على الجنسية البحرينية للأبناء خلال الفترة (2012- 2016)، وتم منح (2503) ابن وابنه خلال ذات الفترة ممن تم استيفاء شروط منحهم. وأضافت: "لقد أقرت الحكومة الخطة الوطنية وضمنّت برامجها ومشاريعها في الموازنة العامة، وتوضح مؤشرات العمل بأن المجلس استطاع بعد مرور 15 عام على تأسيسه، وبقيادة صاحبة السمو الملكي رئيسة المجلس الاعلى أن يساهم في التقدم الحاصل على صعيد تمكين المرأة ومشاركتها في البناء التنموي، ويبقى التحدي القائم، هو كيف نضمن تقليل الفجوة بين النصوص والتطبيق سواء على مستوى التشريعات أو السياسات العامة أو خطط العمل. وحول شركاء المجلس الأعلى للمرأة لتحقيق الأهداف المرجوة في مجال تمكين المرأة في كثير من القطاعات والمحافل، أشارت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة إلى "أن من بين شركاء المجلس تأتي مؤسسات السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية"، ومؤسسات القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني". وقالت: "لقد حظي المجلس الأعلى للمرأة منذ بداية تأسيسه على توقيت مناسب حيث كان المجتمع يشهد حراكاً مدنياً نسائياً يتسم بالنضج في الطرح وتناول القضايا، وقد قامت صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، في حينه، وتمهيداً لإنشاء المجلس بالعديد من المشاورات، والتقت بالكثير من الشخصيات النسائية من صاحبات الخبرة والاختصاص والمساهمات الوطنية ورئيسات جمعيات، وتم نتيجة لذلك وضع تصور متكامل رفعته صاحبة السمو لعاهل البلاد المفدى، ليقوم هذا الكيان الرسمي الراعي للمرأة البحرينية". "لقد كان المجلس الأعلى للمرأة مسانداً لتشكيل الاتحاد النسائي البحريني ليكون مكملاً ومسانداً لدور المؤسسة الرسمية المعنية بشئون المرأة، والاتحاد النسائي نراه كشريك في دعم تنفيذ العديد من الاستراتيجيات والخطط ذات العلاقة بمواضيع ذات أهمية كالتمكين السياسي والعنف الأسري". ويحرص المجلس الأعلى للمرأة على الدوام وبتوجيهات من رئيسته صاحبة السمو الملكي، على أن يتاح للاتحاد النسائي كل أوجه الدعم والمساندة ليقوم بدوره المأمول في متابعة شئون المرأة البحرينية وإعادة النشاط والحماس في الجسم المدني المساند لتقدمها وقدرته على حل أية مشكلات قد تطرأ وتؤثر على مكانتها". وعن ملف التمكين السياسي للمرأة، قالت:" أعتقد أن مشروع التمكين السياسي قد ارتقى ليكون مشروع وطني ناضج ، سواء على مستوى حضور المرأة البحرينية في السلطة التشريعية والمجالس البلدية، أو على مستوى اهتمام تلك المؤسسات بقضايا المرأة، أو على مستوى حضور وإسهام المؤسسات المعنية بذلك، مثل معهد البحرين للتنمية السياسية على سبيل المثال. ففي فترة سابقة، كان المجلس يتحمل تلك المسئولية كاملة، واليوم مع وضوح تجربة البحرين على صعيد التمكين السياسي للمرأة، من المتوقع أن يساهم الاتحاد النسائي البحريني بشكل كبير في رفع الوعي وتوضيح أهمية وتأثير المشاركة السياسية للمرأة. أما بالنسبة لجانب التدريب ورفع قدرات المرأة في المجال، فإن المسؤولية تقع على عاتق أكثر من طرف، ليس فقط معهد البحرين للتنمية السياسية، فعلى سبيل المثال إذا أرادت الجمعيات السياسية أن يكون لها حضور وإضافة على المشهد السياسي في مملكة البحرين فعليها أن تساهم في تمكين المرأة بداية بالمقاعد الأمامية في الجمعيات واللجان ومجالس الإدارة لتكتسب الخبرة العملية والثقافة السياسية اللازمة والمطلوبة لدخولها ميدان العمل السياسي، وبالتالي فإن تعدد المؤسسات ووضوح اختصاصاتها يجعل من التمكين السياسي للمرأة ملف تشترك تلك المؤسسات في رعايته ومتابعته بالنظر إلى أهميته وخصوصيته".
مشاركة :