وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الجمعة أن الرد الروسي على الضربة الأميركية ضد نظام الأسد "مخيب جدا للأمل"، بعد ساعات من اعتبار روسيا الضربة بمثابة "عدوان" على سوريا ومسارعتها إلى تعليق اتفاق مع واشنطن يرمي إلى منع وقوع حوادث بين طائرات البلدين في الأجواء السورية. وقتل 87 مدنيا بينهم 31 طفلا، وفق حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان السبت، نتيجة إصابتهم بغازات سامة في مدينة خان شيخون السورية في محافظة ادلب. واتهمت واشنطن والمعارضة السورية قوات النظام بتنفيذ الهجوم من خلال قصف جوي، الأمر الذي نفته دمشق بالمطلق مع حليفتها موسكو. وتقول موسكو ودمشق أن الطيران السوري قصف مستودع أسلحة لمقاتلي المعارضة كان يحتوي مواد كيميائية. وردا على هجوم خان شيخون، نفذ الجيش الأميركي فجر الجمعة بأمر من الرئيس دونالد ترامب هجوما على قاعدة الشعيرات الجوية العسكرية في محافظة حمص في وسط سوريا، عبر إطلاق 59 صاروخا عابرا من طراز "توماهوك" من البحر. وهي الضربة الأميركية العسكرية الأولى المباشرة ضد النظام السوري منذ بدء النزاع العام 2011. واستهدفت الضربة التي جاءت بعد فشل مجلس الأمن في الاتفاق على قرار يدين هجوم خان شيخون بسبب ممانعة موسكو، "حظائر الطيران" بشكل أساسي ومخازن الوقود والذخائر وقواعد دفاع جوي، ورادارات، بحسب واشنطن. وأوضح تيلرسون فجر السبت ردا على سؤال صحافي، أن مدرجات الطائرات لم تكن المستهدفة نظرا "لطبيعة بنائها". وقال أن الهدف كان "جعل القاعدة الجوية غير صالحة للعمل كقاعدة تشغيلية، وهذا يعني إخراج البنى التحتية وقدرات التخزين والمستودعات عن الخدمة"، موضحا في الوقت ذاته أن إمكانية إقلاع وهبوط طائرات لا تزال متاحة. وبحسب التلفزيون الروسي، فان تسع طائرات تابعة لسلاح الجو السوري دمرت في الضربة الأميركية. انتهاء عملية "التنظيف" ولليوم الثاني على التوالي، أكد المرصد السوري إقلاع طائرتين حربيتين من المطار السبت وعودتهما إليه. وأكد مصدر عسكري سوري السبت "عودة المطار للعمل منذ بعد ظهر الجمعة". وقال "انتهينا من عملية تنظيف المدرجات وتأكدنا من جاهزية مدرج الهبوط". وأشار إلى أن "إحدى طائراتنا من طراز سوخوي نفذت بعد ظهر الجمعة مهمة قتالية وعادت وهبطت في المطار بسلام". وأثارت الضربة الأميركية غضب دمشق وحليفتها موسكو، في وقت سارع حلفاء واشنطن والمعارضة السورية وداعميها إلى الترحيب بالضربة الصاروخية. ووصفت الرئاسة السورية الضربة بأنها تصرف "ارعن غير مسؤول"، في وقت حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنها تلحق "ضررا هائلا" بالعلاقات بين واشنطن وموسكو. على الرغم من ذلك، حذرت واشنطن من أنها مستعدة لشن ضربات جديدة ضد النظام السوري إذا استدعى الأمر. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكلي هايلي خلال اجتماع طارئ عقده مجلس الأمن الجمعة في نيويورك "نحن مستعدون للقيام بالمزيد لكننا نأمل بالا يكون ذلك ضروريا". واعتبر ممثل موسكو في الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف خلال الاجتماع أن "الولايات المتحدة هاجمت أراضي سوريا ذات السيادة. نعتبر هذا الهجوم انتهاكا صارخا للقانون الدولي وعملا عدوانيا". العشرات يتظاهرون ونظم العشرات من مؤيدي النظام السوري السبت اعتصاما أمام مقر الأمم المتحدة في دمشق، رافعين صور الأسد وشعارات "الموت لأميركا" و"سيناريو العراق لن يتكرر"، في إشارة إلى الغزو الأميركي للعراق العام 2003. وكان ترامب وجه خطابا إلى الأمة من منزله في فلوريدا بعد بدء الضربة، وصف فيه الأسد بـ"الدكتاتور". وقال "باستخدام غاز الأعصاب القاتل، انتزع الأسد أرواح رجال ونساء وأطفال لا حول لهم ولا قوة". ودعا "كل الدول المتحضرة إلى الانضمام إلينا في السعي إلى إنهاء المجزرة وسفك الدماء في سوريا والقضاء على الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله". وأطلع ترامب العديد من العواصم على قراره بتنفيذ الضربة قبل حصولها. ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية السبت انه اتصل بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وأن هذا الأخير "هنأ" ترامب على "هذا القرار الشجاع الذي يصب في مصلحة المنطقة والعالم". كما كان ابلغ روسيا وإسرائيل ودولا أوروبية. وفي خان شيخون، المدينة التي لا تزال تعاني هول صدمة "الهجوم الكيميائي"، قال سكان الجمعة أن شيئا لن يعيد لهم موتاهم، وعبروا عن أملهم في أن تستمر الضربات العسكرية الأميركية "لردع" النظام السوري. في الوقت نفسه، لم يتوقف القصف من قوات النظام على المدينة الواقعة في محافظة إدلب، أحد ابرز معاقل مقاتلي المعارضة في سوريا. ونفذت طائرات سورية السبت غارات على المدينة، تسببت، وفق المرصد السوري، بمقتل امرأة وإصابة شخص بجروح.
مشاركة :