قطر وإثيوبيا .. نحو انطلاقة جديدة في آفاق التعاون

  • 4/9/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تبدأ العلاقات القطرية - الإثيوبية مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق القائم على الرغبة المشتركة ما بين البلدين الصديقين لتأسيس أرضية صلبة تنطلق منها آفاق مستقبلية أكثر قوة ومتانة. ويمثل مستقبل العلاقات بين الدوحة وأديس أبابا نموذجا تكامليا نظرا لما تتمتع به كلتا الدولتين من مميزات تصب في مصلحة شعبي البلدين. وتسهم الزيارات المتبادلة وكذلك تأسيس لجنة وزارية مشتركة وما تبع ذلك من توقيع اتفاقيات تعاون في مختلف المجالات على تعزيز العلاقات القطرية - الإثيوبية على المستوى الثنائي ودعم مستقبل تلك العلاقة الطموحة بين البلدين رسميا وشعبيا ومن خلال تلك الروافد المتعددة للتواصل بين البلدين سيتغير شكل التعاون الى مستويات أرحب وأكثر ديمومة بما يعزز العلاقات في مختلف مستوياتها وعلى كافة الأصعدة. وتعد الزيارة التي سيقوم بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الى جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية دفعا جديدا للعلاقات القطرية - الأفريقية ، وفي القلب منها جمهورية إثيوبيا ، حيث تشهد الزيارة مباحثات مع القادة وكبار المسؤولين في إثيوبيا تتناول سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية، إضافة إلى بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في عدد من المجالات. وكان شهر ديسمبر من العام الماضي قد شهد طفرة في مستوى التعاون القطري - الإثيوبي مع الزيارة التي قام بها سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية والتقى خلالها مع رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين ، حيث كشفت تلك الزيارة عن حرص اثيوبيا على تشجيع وجذب الاستثمارات القطرية وفتح المجال أمام رجال الأعمال من مختلف الفئات والقطاعات للنهوض بمشروعات مشتركة بين البلدين من شأنها تعزيز وتنشيط الاقتصاد الإثيوبي كما أنها تخلق فرصا إيجابية للمستثمرين القطريين نحو تفعيل مشروعات خارجية ذات عوائد اقتصادية واجتماعية جيدة . واختتمت الزيارة بتوقيع 11 اتفاقية تعاون في عدة مجالات اقتصادية وتنوعت ما بين قطاعات السياحة والاستثمار والبنية التحتية ودعم التقارب الثنائي بين رجال المال والأعمال في البلدين وسبل تعزيز التعاون في مجال السلم والأمن على المستويين الدولي والإقليمي . من ناحية أخرى تسهم اللجنة الفنية القطرية - الإثيوبية المشتركة دورا هاما في إتاحة وتعزيز الفرص الاستثمارية في جمهورية إثيوبيا وتنمية العلاقات الثنائية بين البلاد في المجالات الاقتصادية والتنموية ، وخلال الاجتماع الثاني للجنة في فبراير من العام الماضي التقى ممثلو الدولتين في مجالات الشؤون الخارجية والاقتصاد والتجارة والتنمية الإدارية والطاقة والطيران المدني لوضع مرئيات التعاون في الفترة المقبلة نحو إقراراها من قيادة البلدين . وينطلق التعاون القطري - الإثيوبي كذلك من حرص قادة البلدين على حفظ الأمن والسلم واحترام القانون الدولي وحل النزاعات بالطرق السلمية ، وتسهم أديس أبابا في استتباب الأمن والسلام في شرق إفريقيا، من خلال مشاركتها الجادة والفعالة في حل نزاعات دول الجوار مثل الصومال ودولة السودان وجنوب السودان والدول الأخرى، كما أنها تلعب دورا هاما في دعم قضايا القرن الإفريقي. ويعزز من دور إثيوبيا في قضايا الأمن والسلام على الصعيد العالمي انتخابها عضوا غير دائم في مجلس الأمن الأمر الذي يعزز من قدرتها الإقليمية ويدعم ويشجع الدور القطري الفعال كوسيط لتقليل وحل النزاعات وإرساء الأمن والسلام في القرن الإفريقي وفي مناطق النزاعات حول العالم.  في الوقت ذاته ، والى جانب دورها السياسي والدبلوماسي المحوري ، تعتبر إثيوبيا من الدول التي تشهد نمواً اقتصادياً متسارعاً ولديها العديد من الفرص الاستثمارية التي يمكن أن تستغل للقيام بالأعمال التنموية عليها، وفضلاً عن كون البلاد مناسبة للتنمية، تقوم الحكومة بتوسيع المجالات التعاونية مع الدول المجاورة وغيرها من الدول الأخرى، وكذلك مع المؤسسات المحلية والدولية، وتعمل مع كافة القوى التنموية القائمة على المنافع المشتركة ،وتبذل أديس أبابا جهدا لكي تكون هناك تنمية شاملة متعددة في القرن الإفريقي في مصادر الطاقة أو النقل وغيرها بالتعاون مع دول الجوار كينيا والسودان وجيبوتي . ووفقا لأحدث الأرقام فإن اثيوبيا تعد من بين الدول الخمس الكبرى في قارة إفريقيا فيما يتعلق بالاستثمار في الطاقة المتجددة بعد كل من جنوب إفريقيا والمغرب وكينيا وأوغندا ،كما انتهت إثيوبيا من إحلال نصف مليون وحدة إضاءة لتعمل بالطاقة الشمسية بدلا من الاعتماد على الطاقة التقليدية التي تستنزف مواردها . وتمتلك إثيوبيا العديد من الفرص الاستثمارية ونظرا لاحتضانها للعديد من المؤسسات والمقرات الدبلوماسية على أراضيها مثل الاتحاد الأفريقي والعديد من الهيئات والكيانات السياسية والاقتصادية القارية الأخرى فإنها تحظى بالعديد من الفرص الاستثمارية الواسعة في مجال الفندقة والخدمات، يعزز تلك الفرص السياسات والإستراتيجيات المحفزة للمستثمرين الأجانب، وكذلك استتباب الأمن والسلام والقوى العاملة الواسعة وتوفر الطاقة الهائلة الأمر الذي خلق منها قبلة للمستثمرين الأجانب، كما تحرص الحكومة الإثيوبية على التوسع في فتح الأسواق المعفاة من الضرائب والتعدد في أنظمة العمل التي تمكن رجال الأعمال من تصدير منتجاتهم إلى دول الشرق الأوسط وآسيا وأمريكا. وتتمتع العلاقات الثقافية بين قطر وإثيوبيا باستمرارية وحضور قوي فخلال عام 2015 استضافت الدوحة فعاليات الأيام الثقافية الإثيوبية والتي اشتملت على معارض للفن الإثيوبي وصور لمواقع إثيوبية تاريخية مسجلة من قبل اليونسكو بالإضافة الى العديد من المخطوطات القديمة والقيمة . وسجل المعرض حضورا قويا للحضارة الإثيوبية وجغرافيتها وتاريخها وكونها نموذجا للتسامح والسلام بين المسيحية والإسلام وذلك عبر ما يضمه من شواهد للآثار الإثيوبية مثل المسلات التاريخية فضلا عن المساجد القديمة والأماكن التي هاجر اليها المسلمون الأوائل في هجرتهم الأولى للحبشة في صدر الإسلام . كما عُرض بالدوحة أقدم هيكل عظمي على وجه الأرض للإنسان الأول الذي عاش في إثيوبيا قبل 3.5 مليون سنة وهي المرة الأولى التي يعرض فيها هذا الاكتشاف الكبير في قطر بعد أن تم عرضه خارج إثيوبيا قبل ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية فقط . وفي مطلع أبريل الجاري احتضنت الدوحة فعاليات ثقافية إثيوبية ثرية ضمن / اليوم الإثيوبي في قطر / الذي يهدف الى تعزيز الروابط بين الشعبين القطري والإثيوبي وضمت الفعاليات عروضا مسرحية وفلكلورية تجسد البعد الأفريقي وتبرز الحضارة الإثيوبية التي تضم أكثر من ثمانين مجموعة عرقية لكل منها لغتها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها . وعلى الصعيد الشعبي فقد ساهمت العديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية القطرية عبر حملاتها في جمع مواد إغاثية ومعونات الى المناطق المتضررة من التصحر في إثيوبيا وفي مناطق اللاجئين والمناطق المحرومة والفقيرة.. وللمؤسسات القطرية دور كبير في زيادة فرص العمل كما أنها تعمل في قطاع الصحة والتعليم وغيرها. يذكر أن العلاقات القطرية الإثيوبية بدأت منذ عقود فيما تم الإعلان الرسمي عن إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1995. وشهدت السنوات الأخيرة تطورا وتناميا لافتا في مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين عبر عنها عدد كبير من الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى وتوقيع عدد أكبر من الاتفاقيات الثنائية التي تعد مؤشرا قويا على رغبة الطرفين في تعزيز وتنمية هذه العلاقات لتشمل كافة المجالات ذات الاهتمام المشترك .. وتشير الأرقام في السنوات الخمس الأخيرة إلى تنام ملحوظ في عدد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تهدف إلى تنظيم وتطوير العلاقات وفتح المزيد من الفرص لاستثمار أفضل لإمكانيات وقدرات البلدين بما يحقق مصالح شعبيهما. م . م;

مشاركة :