يشكل أقباط مصر الذين استهدف كنائسهم اعتداءان خلفا عشرات القتلى والجرحى أمس (الأحد) في طنطا والاسكندرية شمال القاهرة، كبرى الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط وواحدة من أقدمها. ويقدر عدد أفراد هذه الطائفة بحوالى 10 في المئة من حوالى تسعين مليون مصري. ويشكل الأقباط الأرثوذكس غالبية الأقباط المصريين الذين بينهم كاثوليك أيضاً. يعود أصل الاقباط إلى فجر المسيحية حين كانت مصر تابعة للإمبراطورية الرومانية ثم للإمبراطورية البيزنطية بعد نهاية حكم سلالة الفراعنة البطالمة من أصول يونانية. وتعود لفظة «قبط» إلى الجذور اللغوية ذاتها لكلمة مصر «إيجيبت» في اللغة اليونانية القديمة. وبدأ وجودهم في الانحسار مع الفتح العربي الإسلامي لمصر التي أضحت اليوم ذات غالبية مسلمة. وينتشر الأقباط في مختلف مناطق مصر مع تركيز في وسط البلاد. ويتوزع الأقباط على مختلف الشرائح الاجتماعية من جامعي القمامة (الزبالين) الفقراء في القاهرة إلى عائلات الميسورين أمثال بطرس غالي إلى كبار الأثرياء مثل نجيب ساويريس. والأقباط الذين يشكون من ضعف تمثيلهم في الحكومة والبرلمان يعتبرون أنه يتم استبعادهم من العديد من الوظائف في مجالات القضاء والجامعات وأيضاً الشرطة. وهم يشكون أيضاً من تشريعات يقولون إنها متشددة بشأن تشييد الكنائس في حين يتم التساهل كثيراً في منح تراخيص لبناء المساجد. واستهدف تفجير كنيسة ملاصقة لكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في ديسمبر/ كانون الأول الماضي في القاهرة، ما أدى إلى مقتل 29 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال. وفي فبراير/ شباط فرت عشرات العائلات القبطية من شمال سيناء إثر عمليات قتل عديدة استهدفت أبناء الطائفة منذ أشهر. يذكر أنه في الأول من يناير/ كانون الثاني 2011 استهدف اعتداء لم تتبنه أي جهة الأقباط وأسفر عن سقوط 23 قتيلاً و79 جريحاً عند انتهاء قداس في كنيسة قبطية ليلة رأس السنة في الأسكندرية ثاني مدن البلاد. ويساهم تصاعد التشدد الإسلامي في إثارة مشاعر التهميش بين الأقباط خصوصاً منذ تنحي الرئيس حسني مبارك في 11 فبراير 2011، وترجم ذلك بتدهور الأوضاع الأمنية وتصاعد الإسلاميين. وفي الثامن من مارس/ آذار 2011 قتل 13 شخصاً في مواجهات بين مسلمين وأقباط في حي المقطم الفقير في القاهرة حيث تجمع آلاف المسيحيين احتجاجاً على إحراق كنيسة جنوب العاصمة. وبعد شهرين أوقعت مواجهات بين مسلمين وأقباط 12 قتيلاً وأكثر من 200 جريح في حي إمبابة الشعبي في القاهرة حيث استهدفت كنيسة وأحرقت أخرى. وتعرض الأقباط لأعمال انتقامية من الإسلاميين المتشددين الذين يتهمونهم بدعم الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو/ تموز 2013، بعد عام تماماً على وصوله إلى السلطة. وفي صيف 2013 أحرقت أو تضررت عشرات الكنائس والمدارس والمنازل والمحلات التجارية التي يملكها أو يديرها أقباط، وخصوصاً في الصعيد، بعد الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي حسب منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي تتهم قوات الأمن بالغياب عند وقوع مثل هذه الاعتداءات.
مشاركة :