قال الاستشاري في الطب النفسي فاضل النشيط: «إن الاكتئاب في حلول العام 2030 سيكون أكثر الأمراض شيوعاً بين الناس وسيكون في المرتبة الأولى والأكثر انتشاراً حتى من مرض السرطان». وأضاف في حديث لـ «الوسط» بمناسبة يوم الصحة العالمي الذي يركز هذا العام على الاكتئاب «هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب، إلا أن أكثر المؤشرات تدل على أن تردي الوضع الاقتصادي للفرد من أكثر المسببات التي تزيد من نسبة الإصابة بالاكتئاب». وقال النشيط: «الاكتئاب مرض قديم وليس جديد وليس أمر طارئ، وهناك فرق بين الحزن والضجر والملل والذي قد يصيب الإنسان وكل مخلوق وهو أمر وارد، والاكتئاب النفسي يختلف اختلافاً كبيراً فهو حالة مرضية تصيب الإنسان يشعر فيها بتغيير في المزاج العام والتغير قد يكون بشعوره بكآبة، وقد تصاحبه أعراض جسمانية وليست نفسيه ويصاحبها أعراض لها علاقة بأجزاء من الجسم كالجزء الذي له علاقة بالمعرفة، إذ يشعر الإنسان بعدم القدرة على التركيز إضافة إلى شرود الذهن وعدم القدرة على أخذ القرارات، وقد تبدأ الأفكار السوداوية بالظهور، إذا تتغير الأشياء الجميلة وتكون قبيحة حتى الناس الذين يحبهم يشعر بأنهم لا يحبونه». وأضاف «تحدث تغيرات بيولوجية أيضاً تطرأ على الأكل قد يقل أو يزيد، كذلك النوم فيكون هناك اضطراب في النوم بعض الأفراد ينام وبعضهم ينام أقل». وتابع «يصاحب الاكتاب في بعض الحالات الشديدة فقدان الشعور بالاستمتاع بالشيء فالأشياء التي كان يستمتع بها الفرد أصبحت لا تشعره بالاستمتاع، كما يبدأ البعض بالشعور بالذنب وقد يكون هذا الشعور عند المتدينين المتشددين فعند ارتكاب ذنب ولو كان بسيطاً يشعر بأنه مذنب وبأن الله لن يغفر له وقد يدخل في مرحلة اكتئاب شديدة». وذكر النشيط بأن هناك بعض الأعراض التي يشعر بها المريض والتي يطلق عليها بأعراض « النفس جسمانية» والتي تتمثل في الصداع والشعور بالإنهاك والتعب، فالفرد بعد أن كان في قمة نشاطه أصبح أقل جهود يتعبه ويؤثر عليه، مبيناً أن في بعض الحالات يكره المريض نفسه ويكره الأخرين وعند الوصول إلى هذه المرحلة قد يؤذي الأخرين قبل أن يؤذي نفسه. وأكد النشيط أن الاكتئاب قد يكون في حلول العام 2030 المرض الأول على مستوى العالم، إذ سيكون قبل السرطان، مبيناً أن الأمم المتحدة حذرت من ذلك، مشيراً إلى نسبة المصابين عالمياً في تزايد وليس في تناقص ولا يقتصر ذلك على دولة دون الأخرى. وقال النشيط: «لدينا مؤشرات وليست مؤكدة عن تزايد أعداد المصابين، وقد يكون هذا المؤشر بسبب الوعي». وأوضح أن نسبة الاكتئاب في البحرين هي نفسها في الدول الأخرى، مشيراً إلى أن الجميع دون استثناء معرضون للإصابة به وخصوصاً أذ توافرت العوامل التي تساعد على الإصابة به والتي لها علاقة بالفقر والحياة الاجتماعية، مؤكداً أن الوضع الاقتصادي من أكبر المسببات التي تزيد من نسبة الإصابة بالاكتئاب على الرغم من أن المادة لا توفر السعادة إلا أنها توفر ولو الجزء البسيط. وأكد النشيط أن الاكتئاب قد يتعرض له الجميع، إلا أن أكثر فئتين معرضتين للإصابة به هم الشباب وكبار السن، كما أن الإناث أكثر من الذكور، مبيناً أنه لا يوجد سبب وراد هذا المرض النفسي، إلا أن هناك أسباب متعددة، مؤكداً أن المادة الاقتصادية أصبحت مرتبطة بجميع الناس وإن وجدت تحقق جزءاً من السعادة، مبيناً أنها قد تكون لها ارتباط بالنسبة للعديد في خلق السعادة. وأكد النشيط أن الأمراض النفسية ومن ضمنها الاكتئاب فأن للجميع قابلية بدون استثناء للإصابة بهذه الأمراض، موضحاً أن القابلية تختلف من شخص لشخص حسب الجين وقد يكون لهذا الجين علاقة بالوراثة والضغوط الخارجية، فإذا كان الإنسان يمتلك جيناً قوياً فإنه لا يحتاج إلى ضغط خارجي للإصابة بالاكتئاب، وفي حال كان الجين ضعيفاً فإن الإنسان يحتاج إلي عوامل ضغط قوية حتى يصاب بالمرض النفسي. وأشار النشيط إلى أن الاكتئاب من الأمراض التي يحب أن تعالج في وقتها، وذلك لكونه السبب الأول للانتحار في العالم، إذ إن تقريباً 15 في المئة من المصابين بالاكتئاب معرضين للإقدام على الانتحار. وقال النشيط: «يجب أن يشخص المرض من الطبيب وقد وفرت وزارة الصحة أطباء بإمكانهم تشخيص المرض النفسي في المراكز الصحية، وخصوصاً في حالات الاكتئاب البسيطة أو المتوسطة، كما أن علاج الاكتئاب متوفر في الطب النفسي للحالات الشديدة، ويختلف العلاج بين حالات الاكتئاب إذ إن الحالات البسيطة تعالج عن طريق الجلسات النفسية، أما المتوسطة والشديدة تعالج عن طريق العقاقير والعلاجات النفسية المتنوعة كالعلاج النفسي و العلاج السلوكي والمعرفي السلوكي والعلاج الشخصي والعلاج التحليلي، وعادة ما نلجأ إلى العلاج المعرفي السلوكي». وأكد النشيط بأن الاكتئاب يشكل خطراً على صحة الفرد والمجتمع، مشيراً إلى أن العديد يعتقدون بأن الاكتئاب سيختفي من تلقاء نفسه، موضحاً بأن ذلك قد يكون صحيحاً إلا أنه قد يكلف الإنسان الكثير، وخصوصاً أن الاكتئاب قد يعود من جديدة حتى لو تمت معالجته بالأدوية ويمكن أن يختفي لسنوات، مبيناً بأن عدم علاجه قد يؤثر على العلاقات داخل الأسرة، إضافة إلى أن بعض المصابين به قد يلجؤون إلى طرق مؤذية كشرب الكحول وتعاطي المخدرات ما قد يدخلهم في دوامه قد تؤدي إلى تفكك العلاقات الاجتماعية التي قد تزيد من وضع المريض. وأشار إلى أنه يجب توعية جميع العاملين في القطاع الصحي بضرورة توعية المرضى عن الاكتئاب، مؤكداً أن المجتمع يحتاج إلى تثقيف، رافضاً أن يعاني الإنسان بصمت بينما يمكن مساعدته عبر العلاج، ملفتاً إلى أن الاكتئاب قد تصاحبه أمراض أخرى مثل الخوف والقلق والوسواس، إضافة إلى الإصابة بأمراض عضوية.
مشاركة :