اعتبر سيم كالاس القائم بأعمال المفوض الأوروبي للشؤون النقدية والاقتصادية الأزمة الأوكرانية أنها تمثل خطرا رئيسيا على الاقتصاد الأوروبي الذي يشهد تعافيا بطيئا. ورغم خروج منطقة اليورو التي تضم 18 دولة من دول الاتحاد الأوروبي من دائرة الركود العام الماضي، فما زالت هناك مخاوف قوية بشأن قوة التعافي الاقتصادي في ظل انخفاض معدل التضخم وارتفاع معدل الدين العام إلى جانب تداعيات الأزمة السياسية الراهنة في أوكرانيا. ووفقا لـ "الألمانية " قال كالاس أمس أثناء عرض أحدث التوقعات الاقتصادية للمفوضية الأوروبية إن "الخطر الرئيسي الأساسي وهو بوضوح التوترات الخارجية وحالة الغموض التي تحيط بنا وبخاصة المتعلقة بالأزمة في أوكرانيا". وأضاف أن الاقتصاد الروسي يواجه أيضا المخاطر نفسها بسبب الأزمة الأوكرانية، مشيرا إلى "التأثير الخطير" للأزمة قد يمتد إلى كل شيء في روسيا من عائدات الطاقة إلى قيمة العملة الروسية، مشيرا إلى أن روسيا تعاني بالفعل حاليا من خروج رؤوس الأموال وأنه إذا حاولت موسكو وقف هذه الظاهرة سواء بفرض قيود على حركة رؤوس الأموال أو بالحد من انخفاض قيمة العملة المحلية فسيكون لذلك "تأثيرات ثانوية في الاقتصاد الأوروبي". ولفت إلى أن الاقتصادات الأوروبية الأكثر ارتباطا بروسيا مثل فنلندا وقبرص هي الأكثر تعرضا للضرر. يذكر أن كالاس وزير مالية أستونيا سابقا يتولى حاليا مهام مفوض الشؤون النقدية والاقتصادية في الاتحاد الأوروبي نظرا لوجود المفوض أولي رين في عطلة انتخابية حيث يخوض انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في الفترة من 22 إلى 25 أيار (مايو) الجاري. كما يواجه الاتحاد الأوروبي صعوبات اقتصادية داخل حدوده مثل معاناة العديد من الدول الأعضاء ارتفاع معدلات الدين العام وعجز الميزانية بما فيها فرنسا وإيطاليا وهما ثاني وثالث أكبر اقتصادات منطقة اليورو. وقال كالاس إن فرنسا لم تصل إلى المدى المطلوب في خفض عجز الميزانية وهو ما يعني صعوبة خفض العجز إلى المستوى المستهدف وهو 3 في المائة العام المقبل. يذكر أن فرنسا تكافح من أجل إنعاش اقتصادها وهي ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي في ظل المخاوف من ضعف القدرة التنافسية لفرنسا. في الوقت نفسه، فإن الصعوبات الاقتصادية لفرنسا تثير القلق بشأن مصير التعافي الهش لاقتصادات منطقة اليورو ككل. وكان الاتحاد الأوروبي قد منح فرنسا العام الماضي مهلة إضافية قدرها عامان لخفض عجز الميزانية إلى المستوى المسموح به لدول اليورو وهو أقل من 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وفي إطار الجهود الرامية إلى خفض عجز الميزانية بدأت الحكومة الفرنسية الجديدة برئاسة رئيس الوزراء مانويل فالس خطة مثيرة للجدل لخفض الإنفاق بقيمة 50 مليار يورو (69 مليار دولار). وقالت المفوضية الأوروبية إنها تتوقع انخفاض عجز الميزانية الفرنسية إلى 3.4 في المائة وليس إلى 3 في المائة العام المقبل. وقالت المفوضية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي إن تحقيق خفض كبير في عجز الميزانية يعتمد على قدرة الحكومة على خفض الإنفاق العام بفاعلية أكبر، محذرا من "مخاطر" تلوح في الأفق. وقال كالاس "نحن نقدم أقصى دعم ممكن للحكومة الفرنسية فيما تطبقه من إصلاحات . في الوقت نفسه، فإن دورنا هو الحفاظ على سلامة وكفاءة نظام اليورو عند أعلى مستوياته.. وإبقاء عجز الميزانية تحت السيطرة هو أحد العناصر الأساسية لهذا النظام". من ناحيته، قال وزير المالية الفرنسي ميشيل سابي إن بلاده ما زالت ملتزمة بخفض عجز الميزانية إلى 3 في المائة العام المقبل، قائلا إن المفوضية الأوروبية فشلت في تقدير كل الإجراءات التي تطبقها باريس. وأضاف "مصلحة فرنسا في احترام القواعد الأوروبية". في الوقت نفسه، فإن فرنسا ليست الدولة الوحيدة التي لن تتمكن من خفض العجز في ميزانيتها إلى المستويات المستهدفة حيث تتوقع المفوضية أيضا عجز إسبانيا صاحبة رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وسلوفينيا عن تحقيق المستهدف. كما تخضع إيطاليا أيضا صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو لرقابة وثيقة في ظل محاولاتها خفض عجز الميزانية ومعدل الدين العام. ووفقا للبيانات الصادرة أمس في إيطاليا، فإن الاقتصاد الإيطالي سيسجل خلال العام الجاري نموا بمعدل 0.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي ثم بمعدل 1 في المائة العام المقبل بحسب معهد الإحصاء الإيطالي (آيستات). ويقل هذا المعدل المتوقع للعام المقبل عن أقل توقعات النمو بالنسبة للاتحاد الأوروبي العام المقبل وهي 1.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. كما خفضت المفوضية الأوروبية توقعاتها بالنسبة لنمو الاقتصاد الفرنسي حيث ذكرت أنها تتوقع نمو الاقتصاد بمعدل 1.5 في المائة العام المقبل في حين كانت تتوقع قبل ذلك نمو الاقتصاد بمعدل 1.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وخفضت المفوضية توقعاتها بشأن نمو اقتصادات منطقة اليورو التي تضم 18 دولة ككل إلى 1.7 في المائة العام المقبل. وقال سيم كالاس القائم بأعمال مفوض الشؤون النقدية والاقتصادية الأوروبية "التعافي يزداد الآن قوة. العجز يتراجع والاستثمارات تنتعش والأهم هو بدء تحسن حالة التوظيف". ولكن كالاس دعا دول الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة مواصلة الجهود لتوفير المزيد من الوظائف للأوروبيين وتعزيز قدرات النمو الاقتصادي.
مشاركة :