تعرف على قصة أول صوت إذاعي نسائي في السعودية

  • 4/10/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ماما أسماء أول صوت نسائي سعودي انطلق عبر الأثير. أسماء زعزوع ابنة محمد يوسف زعزوع قامت بتقديم أول برنامج خاص بالأطفال من الإذاعة السعودية، وهي من مواليد حي الشامية في مكة المكرمة في عام 1928 لعائلة قرشية من أشراف الحجاز. وبحسب سيرتها الذاتية، تعلمت أسماء القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم في "كتاب السيدة خديجة" بمسقط رأسها في حي الشامية قبل أن تنتقل إلى "كتاب الخوجة فخرية" لدراسة الحساب والتطريز وأشغال الإبرة، حيث لم تكن هناك وقتذاك مدارس نظامية كي تلتحق بها. وبعد إتمامها للعلوم والمعارف المذكورة، اعتمدت على نفسها فبدأت في تعلُّم مبادئ التفصيل والخياطة كما قامت في الوقت نفسه بتعليم قريناتها في حي الشامية كل ما تعلمته كي تساعدهن على اكتساب قوتهن. تحول في حياتها المنعطف الهام الأول في حياة ماما أسماء كان في أعقاب اقترانها بزوجها عزيز ضياء، الذي من بعد عمله في عدة وظائف حكومية وعسكرية في دوائر الشرطة والدفاع والخطوط السعودية وتنقله ما بين تركيا والشام ولبنان ومصر للدراسة، وإجادته للغات الإنجليزية والفرنسية والتركية، اضطر في عام 1948 إلى مغادرة السعودية إلى مصر ومن ثم إلى الهند برفقة زوجته، بحثا عن الرزق. في نيو دلهي، تمكن عزيز ضياء من التعاقد مع القسم العربي في إذاعة عموم الهند للعمل بها كمترجم من اللغة الإنجليزية وإليها وكقارئ ومعد لنشرات الأخبار. وفي الوقت نفسه عرضت إذاعة عموم الهند على زوجته أسماء العمل في وظيفة #مذيعة ربط بعد شيء من التدريب الذي نجحت فيه بسرعة قياسية بسبب تشجيع ومؤازرة زوجها. وبعد ذلك، بدأت تعد برامج للأطفال وتقدم برنامج ما يطلبه المستمعون، فضلا عن قيامها بتدريب المستجدين من المذيعات و المذيعين في تلك الإذاعة الهندية. وقد كتب الكاتب عبدالله مدني في مقاله الذي حمل عنه "سعودية عملت وتدربت في إذاعة عموم الهند": "كان من الطبيعي في تلك الحقبة المبكرة أن ينقسم الناس حول سماع صوت سيدة من مكة المكرمة يخترق الأثير من بلاد بعيدة، ناهيك عن اختلافهم حول سماح زوجها لها الإتيان بذلك الفعل «المنكر»". في هذا السياق، كتبت حنان بنت عبدالعزيز آل سيف في صحيفة الجزيرة السعودية في 3 حزيران/يونيو 2007: "انقسم المستمعون إلى فريقين أحدهما: يستنكر أن يسمح زوج سعودي لامرأته بظهور صوتها وسماعها على الملأ، والفريق الآخر، وهو الأكثر تطوُّرًا وانفتاحًا، أرسل برقيات تأييد وتشجيع حيث شعر هذا الفريق بالفخر والاعتزاز بهذه الخطوة الجريئة، كونه أول صوت لابنة مكة المكرمة ــ مهبط الوحي ــ حيث يظهر في إذاعة كانت من أقوى الإذاعات الموجهة للعالم العربي ولها جمهورها العريض". العودة إلى أرض الوطنوشاءت الظروف أن يسمع الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، بقصة عزيز ضياء في الهند فقرر في عام 1951 استدعاءه من هناك، منهيا بذلك تغربه الاضطراري. وهكذا عاد الرجل إلى أرض وطنه مصطحبا زوجته التي أنهت بدورها خدماتها لدى إذاعة عموم الهند. وسرعان ما تم تكليف عزيز ضياء بمنصب وكيل الأمن العام لشؤون المباحث ثم منصب مدير عام الجوازات والجنسية. أما ماما أسماء فلزمت بيتها لتؤدي دور الزوجة والأم، ولم تعد إلى العمل الإذاعي إلا بعد 12 عاما من الانقطاع.وتابع مدني في مقاله "أن الذي وقف وراء عودتها إلى المايكرفون في عام 1963 هو وزير الإعلام السعودي الأسبق الشيخ جميل بن إبراهيم الحجيلان" بمباركة من الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز، "ذلك أن الوزير الحجيلان طلب منها مشاركة فتاتين سعوديتين أخريين هما شقيقته نجدية بنت إبراهيم الحجيلان والدكتورة فاتن أمين شاكر الانضمام إلى الإذاعة بعد أن كانت الإذاعة السعودية حتى تاريخه مقتصرة على الأصوات الذكورية". وبما أن أسماء كانت صاحبة خبرة سابقة في تقديم برامج الأطفال من إذاعة عموم الهند فقد تم تكليفها بإعداد برنامج مشابه من إذاعة جدة، فيما أسندت إلى نجدية الحجيلان تقديم برنامج ركن المرأة، واسندت إلى فاتن شاكر مهمة تقديم برنامج البيت السعيد. وقد قامت أسماء بالمهمة المناطة بها على أكمل وجه بدليل نجاح برنامجها وتحقيقها لشهرة مدوية في أوساط الأطفال والأسر تحت اسم ماما أسماء. وهكذا ظلت ماما أسماء منشغلة بإعداد وتقديم برامج الأطفال الإذاعية دون توقف منذ عام 1963، وعملت على تسلية الأطفال والترفيه عنهم وتنمية قدراتهم الثقافية والمعلوماتية، كما أنها ساهمت في تخريج عدد كبير من المذيعات الناجحات. لكنها آثرت من العام 1972 أن تكتفي بإعداد برامج الأطفال دون تقديمها بسبب معاناتها من عارض صحي. وفي عام 1982 قررت التقاعد عن العمل نهائيا والانصراف إلى رعاية زوجها وأطفالها وأحفادها.أثمر زواج أسماء من عزيز ضياء عن ابنة هي دلال عزيز ضياء، وابن هو ضياء عزيز ضياء. اختارت دلالضياء أن تقتدي بوالدتها وتعمل في الإعلام المسموع، فالتحقت بوزارة الإعلام السعودية وتدرجت في وظائفها حتى وصلت إلى وظيفة كبير مذيعي إذاعة جدة قبل أن تحصل على المرتبة الـ11 في السلم الوظيفي الحكومي، وهي مرتبة كانت على الدوام حكرا على الرجال. وكانت دلال ضياء واحدة من أوائل السعوديات اللواتي قرأن نشرات الأخبار من إذاعة جدة وإذاعة صوت مجلس التعاون لدول الخليج العربية. تكريم المسيرةفي عام 2004 تم تكريم ماما أسماء لأول مرة من قبل الملتقى الثقافي لسيدات جدة، ثم قامت سيدات رواق مكة المكرمة بتكريمها في عام 2006، وفي العام نفسه كانت على موعد جديد من التكريم في البحرين من قبل مهرجان الخليج التاسع للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني. وبهذه المناسبة أدلت بتصريح أعربت فيه عن سعادتها بالتكريم لكنها استدركت فقالت إن الأهم من التكريم هو الحب المصاحب له بعد سنوات طويلة من المسيرة الإعلامية، مضيفةً أن: "المستقبل صار بيد الجيل الجديد المتسلّح بأفضل الشهادات التي تسهل له تذليل الكثير من العقبات بعد زمن كان مجرّد حصول إحدى الفتيات فيه على الشهادة التوجيهية المتوسطة حدثًا كبيرًا.. إني سعيدة بهذا التكريم بين أبنائي وأحفادي وأشعر بشريط الذكريات يعود بي 58 عاما حينما كنت أذيع برنامجا لـ إذاعة دلهي في الهند لأول مرة". في شهر يناير/كانون الثاني 2014 توفت ماما أسماء ودفنت في مقبرة المعلاة بمكة المكرمة.

مشاركة :