ماذا لو اختفت إسرائيل؟ - ثقافة

  • 4/11/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هو سؤال افتراضي سألني إياه أحدهم في أحد أحلامي وكأنه هاجس جاء ليذكرني بأن الكيان الصهيوني ما زال سرطانا يفتك بجسد هذه الأمة، فاغتصب الأرض وشتت الشعب الفلسطيني وأدخل الأمة العربية في حروب عدة واحتل أراضي عربية في كل من لبنان وسورية ومصر، وعينه ما زالت على المنطقة العربية الواقعة بين نهري النيل والفرات، ومن جهة أخرى فالأمة العربية باتت الآن غير قادرة على لملمة جراحها وتوحيد صفوفها ،حتى وصل الأمر إلى تفشي العداء بين الكثير من الأطراف داخل الوطن الواحد وغابت فلسطين عن قائمة اهتماماتهم القومية والإسلامية.حلما كان أم وهما، المهم أن هذا الأمر قد لا يعجب الكثيرين من أدعياء التعايش مع الكيان الطفيلي الذي فرض نفسه على الأرض والتاريخ وصنع لنفسه كيانا زائفا، ولنفترض أن ذلك حصل فعلا ذات ليلة فاستفاق الشعب الفلسطيني والعرب على خبر أن إسرائيل قد اختفت... جندا ومؤسسات ومستوطنات ومفاعلات نووية وجيشا عتيدا مجهزا بأحدث أسلحة الموت والدمار... ابتلعتهم الأرض أم ابتلعهم البحر الأبيض المتوسط أم اختطفتهم كائنات فضائية إلى الفضاء البعيد، واختفى ذلك الكيان تماما عن الخارطة العربية السياسية. سأحاول أن أتصور تسلسل الأحداث قدر ما أستطيع ويساعدني في ذلك خيالي المحدود الذي شوهته روايات النصر الورقية والشعر العربي الحماسي وبطولاتنا الوهمية في الأفلام والمسلسلات العربية في القرن الماضي.أولا: سينطلق النازحون من الشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل إلى أراضيهم وأطلال منازلهم التي طردوا منها؛ إن وجدت، ليستعيدوا ذكريات آبائهم وأجدادهم التي سلبت منهم ويتفيأوا تحت ظلال التين والزيتون ويباشروا بقطع أشجار الغرقد التي ورد ذكرها في الحديث الشريف أنها التي سيختبئ خلفها اليهود يوم ينتصر المسلمون على الصهاينة في معركتهم الأخيرة.ثانيا: سيبدأ الكثير من اللاجئين الفلسطينيين في بلاد العرب بالتحرك نحو الوطن عابرين الحدود من دون أن توقفهم الشرطة أو الجيش في تلك البلدان وسيسرعون تاركين خلفهم مخيمات قطنوها ما يزيد على ستة عقود ذاقوا فيها مرارة الغربة وفقدان الأمان وضياع الهوية والفقر والبؤس.. سيتركون خلفهم جثامين شهدائهم الذين دفنوهم في الأراضي العربية والذين ارتقوا برصاص العدو أو الأخ والجار، في حين سيبقى البعض من أصحاب الأملاك لرعاية مصالحهم حتى يتمكنوا من الانتقال للوطن بعد الانتهاء من تصفية أمورهم المالية.ثالثا: ستفقد كل من حركة فتح وحركة حماس مسببات وجودهما على الأرض ولكن ستشتعل بينهما الخلافات بشكل أكبر من أجل بسط نفوذهما على بقية الأراضي الفسطينية ثم قد يتطور الأمر إلى التراشق بالسلاح، ولكن الشعب الفلسطيني سيقف لهم بالمرصاد هذه المرة وتتكون حركة تحررية ثالثة هدفها دفن الخلافات وتصفية المتصارعين والعمل على إنشاء كيان ديموقراطي تعددي وذلك لأن الشعب الفلسطيني قد تميز غيظا طوال هذه السنوات الماضية من هذا الشرخ في الكيان الوطني الذي استغله الأعداء في تعميق الجرح الفلسطيني وتأليب الأخوة على بعضهم البعض... وأخيرا سينتصر الشعب الفلسطيني ويفرض إرادته ويعيد بناء دولته الحديثة وينجح في وضع دستور ينظم الحياة السياسية والمدنية فيها.رابعا: ستصاب القيادة الأميركية والأوروبية بالذهول وسيتكالب مناصرو الدولة الصهيونية في أميركا على الأمة العربية ،وسيفرضون حصارا اقتصاديا وعسكريا على الشعب الفلسطيني ومن يناصرهم من العرب ،وسيحاولون فهم ما جرى وكيف ولكن دون أمل، وسترضخ أميركا وتابعتها أوروبا أخيرا، وتسلم بالأمر وتبدأ في العمل على خلق سياسة جديدة تناسب الوضع الجديد وستجتمع قياداتهم الأمنية من أجل إيجاد بديل لهذا الكيان الصهيوني من أجل الاستمرار في فرض سياستها على الدول العربية من خلال سياسة فرق تسد.خامسا: ستعم الفرحة العالم العربي من الخليج إلى المحيط وتعود للأمة أمجادها وستقام المهرجانات الخطابية والاحتفالات الجماهيرية تأييدا للحق الفلسطيني وسيسعى الكثير من برلماناتها لدعم هذه الدولة الوليدة التي كافح أهلها لمدة قرن من الزمان منذ وعد بلفور سيئ الذكر، وستتعالى صيحات من هنا وهناك بضرورة إعادة التفكير بالوحدة العربية لتكون أمتنا كيانا واحدا كما كانت، وتسود فيها مبادئ العدل الاجتماعي وتختفي الديكتاتوريات، وسيعود العسكر إلى ثكناتهم لتكون نهاية لحقبة زمنية تحكم فيها العسكر بمقدرات شعوبنا وعبثوا بمستقبلها وثرواتها ،وعرضوها للمزيد من الفرقة والخلاف بسبب مهاتراتهم السياسية التي دفع ثمنها الشعب العربي الفلسطيني وغيره أثمانا باهظة. سادسا: ستشتعل الحرب في سورية وليبيا وتزيد ضراوتها من أجل إيجاد موطئ قدم لكل طامع في ثروات بلادنا وأراضينا من أجل تعويض ما فقدوه في فلسطين ولكن ولسوء حظهم سيتوحد الشعب السوري وكذلك الليبي وينهض كل منهما من غفلته ليتخلصوا من هذه الأدران التي علقت في أوطانهم ويعيدوا لها بريقها ومجدها من أجل أن يتفرغوا لبناء أوطانهم ويستعيدوا ما فقدوه من إنسانيتهم التي سلبها منهم الآخرون.آمال وأحلام وردية غير حقيقية اجترحها وجداني فسكبت في نفسي الطمأنينة والسرور، وكأنها تبعث برسالة للأمة العربية من خلالي بأن زوال المحتل الغاصب ليس بالأمر العسير ،ولكنه أمر يحتاج للصبر والتعاون وترك الخلافات وراء ظهورنا ،وأن نخلص النية للوطن العربي الكبير عوضا عن العمل كرهائن للغرب والشرق ،حيث يتم صناعة القرارات... فهل يا ترى سيكون هذا اليوم قريبا؟خاطرة: مضى الربيع العربي غير مأسوف عليه وحل الخريف فلا أهلا ولا سهلا به.

مشاركة :