تشهد محاور القتال في محيط مدينة الطبقة بريف الرقة الغربي، معارك كرّ وفرّ بين «قوات سوريا الديمقراطية» وتنظيم داعش، الذي شنّ هجوماً عنيفاً قرب مطار الطبقة العسكري واستعاد بعض المواقع التي خسرها قبل أيام، في معركة استنزاف يخوضها مع قوات التحالف الدولي، لا سيما القوات الخاصة الأميركية، التي حققت مع «قسد» تقدماً إضافياً تمثّل بالسيطرة على بلدة العباد، فيما عمدت الأخيرة إلى إشعال الجبهات على محاور الطبقة المحاصرة، في وقت نفذت طائرات التحالف غارات على مدينة الرقة المعقل الرئيسي للتنظيم. وأسفر الهجوم الذي بدأه مقاتلو «داعش» ليل الأحد، عن استعادة عدد من النقاط قرب مطار الطبقة العسكري في ريف الرقة الغربي، التي خسرها قبل أيام، إثر معارك مع المقاتلين الأكراد. ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن قائد عسكري في هذه القوات، قوله إن «مقاتلينا يخوضون معارك عنيفة مع مسلحي (داعش) الذين أطلقوا هجوماً على (قوات سوريا الديمقراطية)». القائد العسكري الذي فضل عدم ذكر اسمه، أعلن، أمس، أن «المعارك لا تزال مستمرة قرب أوتوستراد الرقة - حلب الدولي شرق مدينة الطبقة، وعلى أطراف قرية الصفصافة، التي تبعد 7 كيلومترات شرق مدينة الطبقة، و50 كيلومتراً غرب مدينة الرقة». ووصف الهجوم بأنه «الأعنف والأكثر كثافة»، مشيراً إلى أن «العشرات من عناصر تنظيم داعش قتلوا في الهجوم». من جهته، أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، أن تنظيم داعش «يخوض معارك استنزاف بمواجهة (قوات سوريا الديمقراطية) وقوات التحالف الدولي». وكشف أن «القوات الأميركية تكبدت خسائر بشرية قرب مطار الطبقة، لكنها تكتمت على هذه الخسائر». وشدد على «عدم الاستهانة بقدرات التنظيم القتالية، خصوصا أنه يخوض معركة حياة أو موت»، مشيراً إلى أن قوات التحالف ومعها القوات الكردية «روّجوا إعلامياً بأن التنظيم انتهى، لكن الأخير عاد وفاجأهم في محيط مطار الطبقة، بهجوم مباغت والاستيلاء على مواقع باتت تهدد بإمكان استعادته بلدات استراتيجية مثل الصفصافة و(عباد) وغيرهما، ما يدفع نحو حرب طويلة». ردّة فعل «داعش» لا تقلق «قوات سوريا الديمقراطية»، برأي المتحدث السابق باسم «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي نواف خليل، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «معركة الرقة وريفها كبيرة واستراتيجية، وليس ثمة ما يدعو إلى الاستعجال في الهجوم، لأن كل عملية لها ظروفها ومقتضياتها»، مشيراً إلى أن «الهجوم المعاكس لـ(داعش) مفهوم بالعلم العسكري، لأن التنظيم يخوض معركته الأخيرة، ولم يعد لديه ما يخسره، إذا ما فقد السيطرة على الطبقة والرقة». ويبدو أن هدف «داعش» هو فكّ الحصار عن الطبقة، وقد تمكنت «قوات سوريا الديمقراطية» أمس، من إفشال محاولات التنظيم فك الحصار عن المدينة والتصدي لهجوم شنّه من محيط قرية العباد التي خسرها قبل ساعات، باتجاه قرية الصفصافة شرق مدينة الطبقة. وكشف القيادي الكردي نواف خليل أن «قوات سوريا الديمقراطية»: «أشعلت كل محاور القتال في غرب وجنوب وشرق مدينة الطبقة». وقال إن «المعركة تسير وفق المخطط المرسوم لها، والأيام المقبلة، ستفاجئ العالم بمدى قوّة (قوات سوريا الديمقراطية)، الماضية في المعركة حتى تتحرر كل المنطقة من التنظيم الإرهابي»، وأشار إلى أنه «لا تراجع في دعم التحالف الدولي لهذه المعركة، وهذا الدعم هو الذي يعطيها الفاعلية». من جهتها، أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، في بيان عن تمكنها من «السيطرة على قرية (عباد) شرق مدينة الطبقة، بعد اشتباكات عنيفة مع عناصر (داعش)». وقالت إن عناصرها «يواصلون محاولات السيطرة على القرى الواقعة في هذه المنطقة، في إطار المرحلة الثالثة من معركة غضب الفرات». وأضافت: «هدفنا حالياً السيطرة على مدينة الطبقة وسدّ الفرات الاستراتيجي»، مشيرة إلى أن «العشرات من عناصر التنظيم قتلوا في المنطقة، كما تم الاستيلاء على جثث 30 عنصراً تابعين للتنظيم». ولا تزال قوات «قسد» تحاول التقدم باتجاه مدينة الطبقة للسيطرة على سدها الاستراتيجي، حيث تدور اشتباكات بين الطرفين على الجبهات الشرقية والغربية والجنوبية للمدينة، بعدما أحكمت حصارها على الطبقة، إثر سيطرتها على قرية الصفصافة الواقعة شرق المدينة بـ6 كيلومترات.
مشاركة :